Advertise here

عصام أبو زكي.. قائدٌ للتاريخ

24 شباط 2024 19:15:47 - آخر تحديث: 29 شباط 2024 14:03:43

ستّ سنوات مرّت على رحيل قائدٍ أمني كبير شجاع ومقدام العميد عصام أبو زكي، رجل المهمات الصعبة الذي خدم لبنان بشرف ووفاء، وضحّى في سبيل وطنه وناسه في أصعب الظروف التي مرت على البلاد وفي عزّ مراحل الانقسام الداخلي والاقتتال بين اللبنانيين.

عصام أبو زكي إسم أغنى صاحبَه عن كل الألقاب. مدرسةٌ وطنية نتعلّم منها معنى الشجاعة والنضال والصبر والوفاء، بدءاً من طرابلس التي حرّرها من "دولة المطلوبين" في بداية الحرب اللبنانية وخرج منها بطلاً مدوّناً إنجازاته في تاريخها، وكان دائماً يقول إن أحداث لبنان تبدأ من طرابلس... وها هي طرابلس اليوم تبكي وجع اللبنانيين وترفع صوت حرمانهم في ظل غياب الدولة وقيادات المدينة عن تلبية حاجتهم.

عصام أبو زكي الضابط الكفوء، الذي كان من أوائل الذين أدركوا موقع اغتيال المعلم كمال جنبلاط، وتمكّن لاحقاً من التحقيق في الجريمة والكشف عن هوية الجناة في فترة وجيزة، وصولاً الى الإفصاح عن أسرار الحادثة بعد عقود من الزمن.

في مرحلة الاجتياح الاسرائيلي عام 1982، وقف عصام أبو زكي في وجه الدبابات الإسرائيلية ومنعها من دخول ثكنة الحلو مدافعاً عن كرامة بيروت، فيما اليوم نرى هناك من يبيع الكرامة في ظل أشدّ عدوان على غزّة ولبنان.

استحق عصام أبو زكي لقب القائد بجدارة، كاتباً تاريخاً بطولياً، ورافعاً في عهده قيادة الشرطة القضائية الى أعلى المستويات الأمنية حتى أصبحت هذه الوحدة الأقوى في لبنان، محققاً إنجازات كبيرة في زمن التحديات الصعبة، فيما اليوم يتراجع دور هذه الوحدة بعدما قُضِمت مهامها وصلاحياتها.

لقد دفع عصام أبو زكي في مرحلةٍ ما ثمن مواقفه الوطنية وثمن عمله البطولي وتضحياته حفاظاً على هيبة الدولة، فيما نرى اليوم كٌثراً ممن يعملون اليوم في الشأن العام يكسرون هيبة الدولة وقادوا هذا البلد الى الانهيار.

بقي العميد أبو زكي في خدمة الناس وتلبية حاجاتهم لآخر يوم في حياته داعياً إلى وحدة الصف والتضامن. وقف إلى جانب الزعيم الوطني وليد جنبلاط لترتيب المصالحة التاريخية في الجبل وتجديد صيغة العيش المشترك بين جميع أبناء هذا الوطن لإنهاء مرحلة قاسية من الحرب اللبنانية.

في ذكرى غيابك تحيّة لك يا عميد وإلى جميع القادة الكبار من المقدم "الشريف" فياض والشهيد أنور الفطايري إلى البطل العميد رجا حرب، هؤلاء القادة وجميع المناضلين الشرفاء الذين كتبوا تاريخاً عريقاً إلى جانب وليد جنبلاط الذي بقيادته الحكيمة وشجاعته ونضاله وتضحياته الوطنية دافع عن عروبة لبنان واستقلاله وعلّمنا أن نرى "جمال التسوية" حفاظاً على هذا الوطن.

وفي هذه الذكرى، وبعد مرور أربعين عاماً على ذكرى 14 شباط، ذكرى تحرير الشحار الغربي التي كانت محطة أساسية في التاريخ الوطني والعربي الشريف، التحية الى جميع الشهداء الأبرار والجرحى الذين رووا بدمائهم هذه الأرض ودافعوا عن كرامتها لحفظ كرامتنا وتاريخنا ووحدة لبنان.

وتحيّة الى كبير الشهداء المعلّم كمال جنبلاط، شهيد فلسطين، الذي استشهد في سبيل القضية ودفاعاً عن هوية لبنان العربية رافضاً "دخول السجن العربي الكبير". والتحيّة الى فلسطين التي ستبقى قبلة الأحرار لما تبّقى من العرب الشرفاء.

 
هذه الصفحة مخصّصة لنشر الآراء والمقالات الواردة إلى جريدة "الأنبـاء".