معابر التهريب: صفقات مافيات تزيد معاناة النازحين السوريين!

راشيا-  عارف مغامس

يوماً بعد يوم وساعة تلو ساعة تتعمق معاناة النازحين السوريين، وتزداد مآسيهم، نتيجة الحرب السورية وتداعياتها، يضاف إلى ذلك طمع وجشع بعض تجار الموت وسماسرة التهريب ومافيات الصفقات من سوريين ولبنانيين، ممن لا يكترثون  لقيم  ولا يأبهون لحياة الناس وللطفولة، ولا غاية لهم الا جمع المال وتعذيب البشر.

لم ترحم الطبيعة بقساوتها “صقيعاً وثلوجاً” بعض عائلات التابعية السورية” ممن ضاقت في وجوههم سبل الحياة واقفلت أبواب  فرص العيش واغلقت منافذ البقاء في قراهم على الرغم  من هدوء الجبهات نسبيا، لكن لقمة العيش الكريم مرة وتحصيلها دونه الموت هذه المرة، حيث وقع ستة أفراد هاربين من الظلم والاستبداد ضحية المهربين من عصابات  تجارة البشر فقضوا ولاقوا حتفهم في ليلة غضب الطبيعة وجنونها البربري على طريق التهريب أو ما يعرف بطريق الموت في جبل الصويرة لجهة الحدود اللبنانية السورية المحاذية لقرى راشيا والبقاع الغربي.

IMG-20180120-WA0036
الجثث التسع التي عثرت عليها الأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية استدعت تدخل الدفاع المدني والصليب الأحمر اللبناني بالتعاون مع تلك الأجهزة لانتشال الجثث المنتشرة على طريق التهريب التي قضت بسبب  تدني درجات الحرارة وفقدان الاتصال بهم وتم نقل الجثث إلى مستشفيات البقاع، حيث أفادت معلومات أن توقيت تهريبهم في مثل هذه الظروف المناخية أودت بحياة تسعة أشخاص بينهم أطفال، إذ لا تزال وحدات الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية وفرق الدفاع المدني تعمل على استكشاف طريق التهريب لمعرفة مصير ما تبقى من أفراد فارين من سوريا إلى لبنان حيث تم إنقاذ ستة مواطنين وتوقيف اثنين من المهربين.

وعلى الرغم من الانتشار الكثيف للجيش اللبناني من خلال تمركزه  في نقاط ثابتة ودوريات مكثفة إلا أن خط تهريب السوريين لا يزال مستمرا  نتيجة لجوء المهربين إلى أساليب وطرق ملتوية للحصول على المال ولو على حساب جثث الهاربين وتضليلهم، مع الاشارة إلى أن الجيش اللبناني وكافة الأجهزة الأمنية تمكنوا من توقيف مئات الأشخاص من التابعية السورية أثناء تهريبهم، وقامت تلك الأجهزة باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وتمكنت من توقيف مهرببن لبنانيين وسوريين ضالعين  في عمليات تهريب البشر من سوريين وجنسيات مختلفة عبر تلك الطرق الجبلية.

IMG-20180120-WA0037

ولكن يبقى السؤال من يقف وراء عمليات تهريب السوريين إلى لبنان من الجهة السورية؟ خصوصا أن تلك المنطقة الحدودية تقع تحت قبضة النظام السوري وسيطرة الفرقة الرابعة وغيرها من كتائب بشار الأسد، حيث كانت تجري عمليات التهريب بعلم  وتجاهل بعض الضباط السوريين المولجين أمن تلك المناطق الحدودية من الجهة السورية.

وتنديدا بالمأساة التي حصلت ورفضاً لمنطق التجارة بالبشر واستمرار مسلسل التهريب نفذت بلدية مجدل عنجر وائمة البلدة ومخاتيرها وفعالياتها وقفة احتجاجية عند مفترق المصنع راشيا تعبيرا عن غضب أهالي مجدل عنجر لما حصل مع الأبرياء من التابعية السورية بمشاركة رئيس البلدية سعيد حسين ديب ياسين، امام بلدة مجدل عنجر  ورئيس دائرة الاوقاف الإسلامية الشيخ محمد عبد الرحمن، الشيخ عدنان امامة وعدد من المخاتير والاهالي.

IMG-20180120-WA0043

رئيس بلدية مجدل عنجر سعيد ياسين دعا في كلمته كل الأجهزة الأمنية والعسكرية والقضائية إلى وضع يدها بشكل فوري على هذا الملف والمباشرة باجراء تعديلات على حركة دخول السوريين وتسهيلها معربا عن ثقته بالاجهزة الأمنية والقضائية مشيرا إلى أن رئيس الحكومة سعد الحريري حريص على سلامة النازحين كحرصه على اللبنانيين، مشددا على ضرورة اتخاذ الإجراءات التي من شأنها الحد من تهريب  المواطنين  ومعالجة ملف النزوح بموضوعية وبعيدا من أية عنصرية أو مواقف حادة، ودعا ياسين إلى وقف هذه المقتلة  التي يدفع ثمنها الأطفال لافتا إلى أن مشهدية شهداء لقمة العيش مؤلمة  ومحزنة.

IMG-20180120-WA0033

رئيس إتحاد بلديات السهل محمد المجذوب وصف ما حصل بالكارثة الإنسانية التي يدفع ثمنها المواطنون السوريون نتيجة ظروفهم الصعبة ومآسيهم وأوضاعهم الأمنية المعيشية الصعبة، معتبرا أن مشهد انتشار جثث هؤلاء المشردين الباحثين  عن مأوى أو عن ملاذ آمن وعلى مرأى من المجتمع الدولي يثير تساؤلات  كثيرة ويجعلنا  نحزن بشدة عليهم  كونهم وقعوا فريسة الاستغلال  المادي  للتخلص  من واقعهم المأساوي فدفعتهم الظروف إلى اجتياز الجبال والموت في الصقيع والثلوج وقال ما ذنب هؤلاء الأطفال المشردين داعيا إلى وقف  مسلسل الموت جراء التهريب.

وصدر عن قيادة الجيش – مديرية التوجيه البيان الآتي: على إثر ورود معلومات عن وجود نازحين سوريين عالقين بالثلوج في جرود منطقة الصويري – المصنع، خلال محاولة دخولهم خلسة إلى الأراضي اللبنانية، توجهت دورية من الجيش إلى المنطقة المذكورة، حيث عثرت على 9 جثث نازحين قضوا نتيجة العاصفة الثلجية، وأنقذت 6 أشخاص آخرين، توفي أحدهم لاحقا في أحد المستشفيات متأثرا بالصقيع، كما أوقفت شخصين من التابعية السورية متورطين في محاولة التهريب.
تم نقل الجثث إلى مستشفيات المنطقة، وتستمر قوى الجيش بالبحث عن نازحين آخرين عالقين بالثلوج، لإخلائهم وتقديم المعالجة الطبية لهم.

وفي معلومات أولية عرفت جثث كل من “محمد رحيل جلود مواليد 1974، محمد جاسم الخالد مواليد 1969، عبير شهاب العبد مواليد 1999،عائشة جاسم الموسى مواليد 1975، جاسم حمود الخالد مواليد 1948، ياسر نعمان الحمود  حديث الولادة، دلال شهاب العبد 15 سنة، عنود محمد اسماعيل.

وقد باشرت الأجهزة الأمنية والقضائية تحقيقاتها  في القضية في وقت أعطى محافظ البقاع القاضي كمال أبو جودة توجيهاته  للجهات المعنية  بمتابعة الموضوع بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية والقضائية ومع وزارة الصحة ومستشفيات المنطقة.

(الأنباء)