لا مشروع بل ممانعة للمشروع الاقليمي الايراني

رفيق خوري (الانوار)

أميركا عائدة، وعائدة بقوة، حسب استراتيجية الأمن القومي التي أعلنها الرئيس دونالد ترامب. والأضواء مسلطة، من ضمن اهتمامات متعددة في مناطق عدة، على المسرح في الشرق الأوسط بعد شيء من الانكفاء المنهجي أيام الرئيس باراك أوباما. فما يبدو أمر اليوم في واشنطن وعدد من عواصم المنطقة هو العمل لمواجهة النفوذ الايراني الذي يترسّخ في اليمن والعراق وسوريا ولبنان. وما توحي طهران انه صار يتطلب تسريع الخطى في سباق مع الوقت بعد تركيز الأسس على مراحل هو إكمال المشروع الاقليمي الايراني. فالمرشد الأعلى علي خامنئي يعلن ان ايران ستكون في أي مكان تقدم الدعم لمن يحتاج اليه. وهو يرى ان توسّع اقتدار ايران في المنطقة وخارجها يمثل عمقا استراتيجيا للنظام، ولذلك يعارضه الأعداء.
لكن ما تسمّيه واشنطن كبح النفوذ الايراني هو اشارة واضحة الى حدود اللعبة الجيوسياسية التي دخلت موسكو بقوة على خطّها. فالقوات الروسية باقية في سوريا أقلّه الى نصف قرن. والقوات الايرانية والميليشيات الحليفة لها باقية في العراق وسوريا. وحزب الله في لبنان وأنصار الله الحوثيين في اليمن. والقوات الأميركية التي خرجت من العراق ثم عادت اليه باقية فيه والتي لم تكن في سوريا دخلت اليها وباقية فيها.

والمعادلة تبدّلت: ايران التي كانت تقود محور الممانعة، مدركة ان الممانعة ليست مشروعا بمقدار ما هي اعتراض على مشروع أميركي تبني حاليا مشروعا واضح المعالم تحت عنوان محور المقاومة. وأميركا والدول الحليفة لها بلا مشروع، إذ هي صارت بعد فشل المشروع الأميركي نوعا من محور ممانعة للمشروع الايراني.
والرهان على تفاهم أميركي – روسي يفتح الباب لاخراج ايران من سوريا يشبه الرهان المعاكس على ان تقدم روسيا سوريا الى ايران كما قدّمت أميركا اليها العراق. فلا موسكو قصيرة النفَس مثل واشنطن في المغامرات العسكرية الخارجية. ولا حساباتها الاستراتيجية تتأثر بالرأي العام الداخلي كما هي حال الحسابات الأميركية.
صحيح ان المصالح الروسية والايرانية في سوريا والشرق الأوسط ليست متطابقة لكن الصحيح أيضا انها تلتقي في مراحل ونقاط وتتناقض في مراحل ونقاط أخرى. ومن الوهم ان يجزم أي طرف بأنه قادر على القراءة الصحيحة في خطط الرئيس فلاديمير بوتين. واذا كانت ايران تفاخر علنا باتساع نفوذها في أربع عواصم عربية، فان روسيا تتكتّم على الأهداف البعيدة وراء خطواتها. كأن موسكو تطبّق نصيحة الزعيم الصيني دينغ هسياو بنغ التي تتجاهلها طهران، وهي: خبّئ قدرتك وانتظر وقتك. كن جيدا في صيانة الظلّ المنخفض ولا تدعي القيادة.

اقرأ أيضاً بقلم رفيق خوري (الانوار)

أي مبارزة بالصواريخ بين أميركا وروسيا؟

الصعب والمستحيل في أزمة مفتوحة

سوتشي عكس جنيف أم الطريق اليه؟

فرصة المخرج الفرنسي وتحديات المدخل اللبناني

تباين في توظيف المعركة ضد داعش

أي ادارة ومعيار لتنظيم الخلاف؟

سوريا أرض اللقاء بين الكبار المختلفين

ماذا بعد الاقتراب من المدار الروسي؟

أبعد من خلاف المتفقين على عودة النازحين

ليس بالقانون وحده يحيا التمثيل الصحيح

عناصر القوة والضعف في محاربة داعش

العودة الى جنيف من طريق استانا

محاربة الارهاب الداعشي ومواجهة الفقه الداعشي

قمة البحر الميت: تحدّي إحياء العروبة

منبر لتوجيه رسائل لا مركز للقرار

موسكو حامية النظام وراعية المنشقين عنه

أبعد من القانون وانتخابات خائف ومخيف

مسؤوليات ما بعد نجاح الزيارة الرئاسية

أي ابتعاد للبنان عن الصراعات الخارجية؟

حطام العقل الغربي وإلغاء العقل العربي