الرهان على الارادة الشعبية

ليس قرار دونالد ترامب بإعلان نقل سفارة الولايات المتحدة الأميركية الى القدس والذي سيصدر عنه رسميا اليوم، قرارا اعتباطيا كما يصوّره البعض، وليس دونالد ترامب بلفور القرن الحادي والعشرين كما يصفه آخرون، فإعلان الرئيس الأميركي هو في الواقع قرار أميركي قديم كان لا يزال في درج المكتب البيضاوي منذ عشرات السنين، ينتظر اللحظة المؤاتية وقد حانت.
فلا العرب كما كانوا من قبل، ولا العالم ينظر اليهم كما لو انهم ما زالوا أقوياء في تأثيرهم. فالعرب اليوم غارقون في ازماتهم الداخلية وفي حروبهم التي استنزفت كل قدرة لديهم للتأثير في القرارات الدولية، والتي كان بعضهم يمارسها عبر ضغط دبلوماسي او اقتصادي او سياسي بما يحفظ الحد الادنى من ماء الوجه.
وعد بلفور مرّ عليه مئة عام، ووعد ترامب قد يمرّ عليه وقت مماثل، والعرب ما زالوا يبحثون عن شكل الانظمة التي يديرون فيها بلدانهم، أو يبحثون في كيفية استقواء بعضهم على بعضهم الآخر، أو الأصحّ كيف يحصنون مواقعم في السلطة.
خطوة ترامب اليوم ستلحق بها دول اخرى بعد فترة، وهي لن تلقى في أحسن الأحوال غير بيانات الشجب والاستنكار طالما لا قدرة لدى العرب على اكثر من ذلك. ربما وحدها الارادة الشعبية من تستطيع الرد على محاولات سرقة المدينة، كما ردت على سرقة فلسطين وأبقتها في الذاكرة والوجدان، ليأتي الجيل الذي يستعيد ما سلب في غفلة من الزمن.