عن استقلالٍ سياسي لم تتبلور سوى صورته!

لولا عودة الرئيس سعد الحريري الى لبنان لكان الاستقلال الرابع والسبعون غير مكتمل المبنى حتى. صحيحٌ أن الاستقلال أبعدُ من صورةٍ رمزية تجمع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري، بيد أن فقدان عنصر في الصورة اليوم في جادة شفيق الوزان كان ليجعل الاستقلال أكثر بهتًا وحزنًا.

في المبنى يمكن القول إن عيد الاستقلال ناجزٌ ولو أن ظروف استقالة الرئيس الحريري ما زالت غامضةً أقله بالنسبة الى رئيس البلاد وتحتاج الى شرحٍ مفصّل لا بل الى تسويغ مقنع لدى لقائهما. في الرابع من تشرين الثاني الجاري شعر اللبنانيون بأن شيئًا ما سرق منهم استقلالهم ولم يعولوا على عودة الحريري ليشارك في العيد الوطني الجامع، قبل أن تتدخّل فرنسا وتؤمّن عودته الى لبنان ليكون شريكًا في الاحتفال بالاستقلال كما كان شريكًا في ولادة العهد الجديد.

ليس الاستقلال هذا العام عاديًا ولا حدثًا عابرًا، وهو في المناسبة الاستقلال الثاني غير الشاغر بعد انتخاب عون رئيسًا. ليس الاستقلال بسيطًا هذا العام، بل يبدو في قراءةٍ سياسية للأحداث المتزامنة شديدَ التعقيد. ربما محض صدفة أن يعيش اللبنانيون قادةً وشعبًا أيامًا قاسية تسبق الاستقلال. ربما محض صدفة أن يعلن الرئيس الحريري استقالته من المملكة العربية السعودية قبل أسبوعين من الاستقلال الذي يعتبر كثيرون أنه اقترب من معناه الحقيقي للمرة الأولى منذ أعوام فيما ينظر إليه آخرون بعين الريبة باعتبار أن شيئًا لم يتغيّر في المشهدية السياسية العامة.

في الأمس، كرّس رئيس الجمهورية الاستقلال في رسالته قبل أن تتعزز بعودة رئيس الحكومة المستقيل ليلًا من مصر حيث تجاوز الكلام السياسي وترك كلّ التفاصيل للبنان على أن يهمس بها في أذني رئيس البلاد وحده. اليوم ستكون الصورة مكتملة أما ما بعد الصورة فحديثٌ آخر قد تحدد معالمه الأيام القليلة المقبلة أو ساعات ما بعد لقاء عون-الحريري.

رامي قطار- “الأنباء”