عن فيروز التي تكبر الاستقلال سناً

في 21 تشرين الثاني 1935 ولدت في بيروت طفلة اسمها نهاد حداد، لم يكن يعرف والدها رزق وديع حداد الا انها روح بريئة أنعم عليه الله بها في بيته، ولم يكن يدرك ان هذه الطفلة ستكبر ويكون لها في كل زاوية من هذا الوطن بيت وستكبر ولن تشيخ لان صوتها سيبقى مصدر الامل مع طلوع كل صباح.
هي فيروز التي اطفأت شمعتها الـ 82 فيما يطفئ لبنان شمعة استقلاله الـ 74، وإن كان يكبر عمره الشرعي بآلاف السنين من الحضارة تماما كما صوت فيروز القادم من صدى وجود لا يحده الزمن.
قد تعتب قليلا على فيروز وتعود لتحترم خصوصيتها كإنسان، فهي متصالحة مع حياتها الخاصة وربما ليست بحاجة الى التواصل مع محبيها ولو بين الحين والآخر رغم حاجة اللبنانيين في ظل اوقاتهم العصيبة ان تحضر في يومياتهم فيروز الانسان ليست فقط الفنانة لما تختزله من قيمة وطنية قد لا تجتمع في شخصية سواها.
انه عتب بسيط لا يمسّ ابدا الايقونة التي أنشدت لبنان كصلاة وربما أكثر، والتي حفظت تاريخ ارضها وبلدها في اغنية، وفي حكايا القرى البعيدة ولو كان بعضها من وحي الخيال، فكم نحن بحاجة لحكاية تكتب لهذا البلد بداية جديدة وترسم وجه اهله وسطوح المنازل وصيحات الفلاحين وخبطة أقدام العمال والحراس في مواسم خير.
فيروز لن نعدّ بعد اليوم سنين عمرك طالما أنك اصلا أكبر من عمر استقلالنا، فلنرتّل سوياً للسلام والفرح فيوماً ما لا بد للصباح ان يهدينا فجراً جديداً.
“الانباء”