الحريري.. بين ديغول وامرؤ القيس/ بقلم وليد العنداري

ماذا بعد استقالة الرئيس سعد الحريري؟ وما هي السيناريوهات المحتملة ضمن موازين القوى الموجودة على الساحة الاقليمية والدولية؟ وبالتالي.. ما هو مصير لبنان امام التحديات المطروحة وما مدى قدرته على التحمل دون الانزلاق الى حرب مدمرة او تعرضه لأنهيار ما تبقى من الواقع الاقتصادي المنهك اساسا…؟

اسئلة تدور في ذهن كل لبناني وكل مراقب للتطورات سواء كان من الفريق المدعوم من السعودية او من الفريق المدعوم من ايران.. او حتى من اللذين لا ينتمون لأي من الفريقين…

الموقف الايراني المعلن بمحور الممانعة واضح وثابت الاهداف والتحالفات وليس هناك ما هو جديد او منتظر من حدوث تراجع او تغيير في الاهداف والتحالفات… انما ما هو جديد ومتغير.. هو الموقف السعودي ومقاربة الادارة السعودية لمجموعة من الملفات في المنطقة ابتداءا من اليمن مرورا بالعراق وقطر.. وصولا الى لبنان…

وهذا ما يجعلنا امام مملكة عربية سعودية جديدة لا بد من فهمها واخذ هذه المتغيرات بعين الاعتبار قبل قراءة التطورات والسيناريوهات المحتملة للمرحلة المقبلة.. وبالتالي الساحة اللبنانية التي على ما يبدو انها ارتفعت الى اولوية المواجهة السعودية الأيرانية مما يعطي لأستقالة الحريري بعدا آخر يختلف عن كل الاستقالات السابقة، ويطرح عدة اسئلة على ما يمكن ان تؤول اليه الأمور في الاشهر والسنوات القادمة..

من الواضح حتى الآن ان الأدارة السعودية ومعها الحريري عازمة على مواجهة ايران من خلال حزب الله في لبنان، وان السعودية ماضية حتى النهاية في هذه المواجهة، وان الخيار العسكري واحد من الخيارات المطروحة وان كان لا يرقى الى واجهة الاولوية في الأجندة السعودية التي على ما يبدو انها ستمارس الضغط السياسي والأقتصادي عربيا ودوليا على حزب الله ومعهه الدولة اللبنانية.

وقد تلجأ السعودية الى اتخاذ اجراءات عقابية مدعومة من جامعة الدول العربية ومن ثم الانتقال الى عدة عقوبات يتبناها مجلس الأمن، خاصة بعد تمكن المملكة من ادراج حزب الله على قائمة الارهاب وبالتالي امكانية فرض عقوبات تحت البند السابع…

وفي هذا السياق تأتي استقالة الحريري لرفع غطاء الشرعية عن الحكومة المتهمة سعوديا بأنها حكومة حزب الله.

في لبنان.. يبدو ان الأمور تسير بأتجاه اعادة تكليف الحريري بتشكيل حكومة جديدة.. إلا ان امكانية تشكيل حكومة ضمن الواقع الجديد يبدو امراً شبه مستحيل..

فهل سيمضي الحريري بالمواجهة الى ابعد من ذلك مدعوما من السعودية.. ويقدم على تشكيل حكومة منفى على غرار حكومة شارل ديغول ويعلنها من باريس؟

تحت وعود الحصول على اعتراف عربي ودولي وبالتالي سحب كل شرعية لحزب الله وحكومته في بيروت ووضعه في مواجهة المجتمع الدولي؟ وتظهير لبنان على انه بلد محتل من قبل ايران كما وصفه الحريري والسعودية من خلفه.. وان حكومته الموالية لحزب الله هي اشبه بحكومة فيشي!

ام ان الحريري لن يذهب بالمواجهة الى هذا الحد؟ وبالتالي لا يبقى امامه الا دعوة حلفائة الى ترديد قول امرؤ القيس (عندما خسر ملك والده) … فقال:
قفا نبكي من ذكرى حبيب ومنزل
بسقط اللوى بين الدخول فحومل؟
فلننتظر…

(الأنباء)