الاستقلال اليوم هو النأي بالنفس
د. وليد خطار
20 نوفمبر 2017
تحل الذكرى الـ 74 للإستقلال ولا زلنا نفتش عنه.
استقلال عن من؟ عن فرنسا؟ وها هو رئيسها يستقبل رئيس وزرائنا في الإليزيه بِعد إستقالته من الرياض.
عن سوريا، وقد حُكمنا سوياً من الإنتداب الفرنسي، ومارست هي علينا إنتداباً أشد مأساوية، طيلة ثلاثين سنة ترحّمنا بعدها على الفرنسيين ولا نزال.
عن ماذا هذا الاستقلال المعلن؟
منذ أربعة وسبعين عاماً، وكرامتنا تهدر كل يوم على مذبح الإخوّة، والوطنية، والتحرير، والمقاومة، والتدخلات الإقليمية والدولية تعيث فساداً بأدق تفاصيل حياتنا اليومية.
من رحيل آخر جندي فرنسي عن لبنان، في نهاية عام 1946، وبعد أقل من ثلاث سنوات، دعم النظام السوري الزعيم انطون سعادة في محاولة إنقلابه الفاشلة ثم أعاد تسليمه للنظام اللبناني الذي اغتاله محكوماً.
وبعد ذلك وبتدخلات خارجية صرفة، حاول الرئيس بشارة الخوري التمديد خلافاً للدستور، فكانت الثورة البيضاء عام ١٩٥٢، التي قادها المعلم الشهيد كمال جنبلاط، وجيء بالرئيس شمعون الى سدّة الرئاسة.
وبعد ذلك وبتدخلات خارجية صرفة، حاول الرئيس شمعون التمديد خلافا للدستور، وايضاً لربط لبنان بحلف بغداد، ومحاربة المدّ الناصري، فكانت ثورة ١٩٥٨ التي قادها المعلم الشهيد كمال جنبلاط، وجيء بالرئيس فؤاد شهاب الى سدّة الرئاسة.
وهزّت نكسة حزيران ضمير العرب لكنها لم توقظهم، وتحركت المقاومة الفلسطينية، من أجل تحرير فلسطين وإيقاظ العرب لكنها لم تحصل إلا على الشعار الأبرز في تلك المرحلة، التي انتهت بشهادة كمال جنبلاط وتلزيم لبنان للنظام السوري الذي أنهى شكلية الاستقلال وأعاد لبنان الى وضع ترحّمنا عبر ممارساته على الانتداب.
استشهد الرئيس الحريري، وخرج النظام السوري على دمه.
رفع شعار النأي بالنفس عن المشاكل والصراعات الإقليمية التي نعيش في خضمها. ذلك بعد ٢٠٠٥ ولكنه وطيلة الفترة الماضية، بقي شعاراً يتصدر أغلب البيانات الوزارية التي تشكلت بعد إستشهاد الرئيس الحريري.
بقي هذا الشعار حبراً على ورق وكان الهدف منه تنظيم الاختلاف بين الفئات اللبنانية للحفاظ على الاستقلال، الذي بقي مجرد اسم دون مسمى، مرتهنا لقوى اقليمية، واجهته المعلنة تدخل أطراف لبنانية في سوريا واليمن، واستقالة رئيس الحكومة من الرياض.
من هنا نشأت هذه التوأمة المرّة بين الاستقلال والنأي بالنفس، والأيام القادمة هي الشاهد.
- عضو مجلس قيادة في الحزب التقدمي الإشتراكي