قمة سوتشي وأزمة سورية!/ بقلم خالد ممدوح العزي

تستعد روسيا لعقد قمة في مدينة “سوتشي”، بين الدول الثلاث (روسيا -ايران – تركيا) للبحث الجاد في الأزمة السورية، لتطبيق اتفاقات لقاءات “استانا” التي عقدت على مدى سبع جولات في عاصمة كازاخستان، والهادفة لإنهاء الصراع العسكري بين القوى السورية المتصارعة، وتفعيل مناطق خفض التوتر في سورية كما أطلق عليها وزير خارجية روسيا، ووفقا للإتفاق الذي تم التوافق عليه بين امريكا وروسيا في قمة دول العشرين في المانيا، لتفعيل هذه المناطق وتوسيعها، وبالرغم من الفشل الواضح في الجلسة الأخيرة لجولة “استانا”، لكن روسيا متمسكة بفرض حلولها الخاصة.

وبهذا الخصوص صرح وزير الخارجية الروسية “سرغي لافروف” لوكالة سبوتنيك الروسية بأن قمة “سوتشي” المنتظرة بين الزعماء الثلاثة ستكون نقطة أمل جديدة لتفعيل المفاوضات المباشرة بين الحكومة والمعارضة السورية بكافة أطيافها لهيكلة سوريا الجديدة بعد انتهاء الحرب العسكرية.

روسيا تستعجل الحل السياسي في سوريا لإنهاء الازمة في بلد باتت فيه بوادر الحلول مفقودة، بعد ان تحول الى ساحة صراع دولي بين الدول الكبرى والدول الاقليمية لتوسيع النفوذ.

اردوغان-روحاني

تعلم روسيا جيدا بأن بقائها في سورية يعني الغرق في مستنقع جديد لإستنزافها ماليا وعسكريا ومعنويا، لذلك فهي تسابق الأحداث وتحاول بكل امكانياتها وقوتها وبمساعدة ايران وتركيا التوصل السريع لإنجاز تسوية سريعة تكون تحت مظلتها.

لقد حاولت موسكو اطلاق مؤتمر شعوب روسيا “في سوتشي” لكنها لم تحظى خطوتها بأي تجاوب دولي وسوري، لمناقشة وصياغة دستور جديد وتنظيم إنتخابات جديدة .

وعلى الرغم من ذلك لاتزال روسيا مصرّة على توظيف انتصارها العسكري في سوريا للحصول على دور عالمي في العديد من الأماكن القابعة تحت الصراع .

فالأفكار الروسية – الاميركية التي تم التوافق عليها بين الرئيسين فلاديمير بوتين ودنالد ترامب، لإنهاء النزاع السوري وفقا للقرار الأممي 2254 في قمة دول العشرين في ألمانيا لم تنجح، بظل تعقيد الأزمة نفسها، وتداخل مصالح العديد من الدول الفاعلة على المسرح السوري، مما ساهم بتعقيد المشهد السياسي، وخاصة ان واشنطن قد ربطت أي تفاوض مع روسيا بإخراج ايران وميلشياتها من سوريا للبدء بالمفاوضات.

بوتين ترامب

ان فشل عقد اللقاء الروسي – الاميركي الاخير في فيتنام، قد ساهم بتصعيد مواقف الكرملين بوجه البيان الذي تم التوافق عليه نهاية الاجتماع، مما دفع روسيا للقول بانها لن تقوم بتنفيذ اي شروط امريكية في سوريا. لذلك فإن ارتفاع نبرة موسكو بوجه الإدارة الأميركة والاشارة الى ان توجدها في سوريا الغير الشرعي وميليشياتها تساهم بزعزعة سوريا، والتشديد على ان شرعية روسيا وايران منبثقة من تحالفهما مع النظام، حيث ستقوم موسكو بتجسيده في قمة “سوتشي” الذي سبقها لقاء بين قادة اركان الجيوش الثلاثة للبحث في تنفيذ بنود اتفاقات خفض التصعيد العسكري والوصول الى اتفاق فعلي بين السورين انفسهم والخروج بتسوية داخلية دون شروط مسبقة.

القمة الثلاثية المنتظرة من وجهة نظر روسيا تعتبر مهمة جدا، لأنها تحاول رفع صوتها بوجه التهميش الامريكي لدور موسكو الفاعل في سوريا، وعدم الاكتراث لها بظل التغيرات الجيوسياسية في المنطقة، حيث بات الجميع منخرطا في لعبة الامم .

اذاً الاجتماع الثلاثي ورقة روسية جديدة سترفع بوجه الادارة الاميركية للإشارة بأنها تملك الورقة السورية. لكنّ السؤال الذي يطرح نفسه على الجميع، ويفتح الباب على مصراعيه: “ماذا بعد إنهاء “ارهاب داعش” والذي شارف على النهاية. بالطبع، التسوية السياسية هي الأساس في البحث لإيجاد حلول لأزمة شعبية لها مطالب محقة يجب معالجتها، ولذلك ترى روسيا وجوب الإسراع بالتسوية السياسية بشروطها. ولأجل ذلك تطالب بمباركة امريكية وغربية وخليجية لإنجاز اي حل قادم والحصول على دعم مالي لإعادة الإعمار، وتأهيل الدولة السورية المدمرة، فالأموال غير موجودة في روسيا وايران، لذا الحل السياسي لازال بعيدا، بإنتظار توافق دولي، ولهذا السبب تبقى ابواق الحرب مسيطرة في بلد هاجر منه نصف سكانه، وتحول الى بلد منكوب بكل معنى الكلمة .

*كاتب وباحث إعلامي مختص بالشؤون الدولية