جنبلاط و”التقدمي” ينعيان الفارس النقابي الكبير … وداعاً غالب نمور

غيّب القدر قائداً نقابياً كبيراً، فقد ترجل الفارس النقابي الكبير غالب سليم نمور عن صهوة العمل الحزبي والنقابي والإجتماعي، بعد أن ترك خلفه إرثاً حضارياً وإنسانياً راقياً، وأمثولة في العمل الحزبي والنقابي الملتزم، وقد نعاه الحزب التقدمي الاشتراكي ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط مناضلا نقابيا كبيراً.

لقد كان الفقيد الراحل عملاقاً في نضاله وفي تفانيه وعناده من أجل تحقيق مصالح العمّال ووحدة نقاباتهم، ودفع الراحل الثمن الكبير لقاء مواقفه ونضاله والتزامه قضايا العمّال والفلاحين والفقراء وأصحاب الدخل المحدود، وكانت سنوات عمره شموعاً تضيء تاريخه المفعم بالرجولة والإلتزام.

عمل الفقيد في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت منذ العام 1952 ولغاية العام 1995، وكان مثال الموظف والعامل المثقف والخلوق والحاضر دائماً لمساعدة كل محتاج، حمل خلال عمله شؤون ومطالب زملائه في العمل، وشارك بفعالية في تأسيس نقابة عمّال ومستخدمي الجامعة الأميركيّة في بيروت في أوائل الستينات من القرن المنصرم، وكان أميناً للصندوق فيها، ونائباً لرئيس النقابة.

b5521b97-482d-4f16-a51c-942998a47144

أختير ممثلاً للنقابة في الإتحاد الصحي والتعليمي لمدة طويلة، وانتخب أميناً للسر في مجلس المندوبين في الإتحاد العمّالي العام، يوم كان المناضل النقابي أديب بو حبيب رئيساً للمجلس والنقابي أنطوان بشارة رئيساً للإتحاد.

شارك في العديد من دورات التثقيف النقابي، مدرباً ومتدرباً، وشارك في دورة للتدريب النقابي والتثقيف العمّالي التي رعتها وزارة العمل بالتعاون مع الحركة النقابيّة وفاز فيها بالمرتبة الأولى من بين 408 مشاركين، ونال بطاقة سفر لحضور مؤتمر مكتب العمل الدولي في جنيف في العام 1967.

IMG_3280 (2)

تسلم مفوضية العمل في الحزب التقدمي الإشتراكي لغاية العام 1975، وبعد نشوب الحرب الأهلية اللبنانيّة إنتقل إلى العمل الصحي واختير نائباً لمفوض الصحة في الحزب، ومسؤولاً عن دائرة الإستشفاء في بيروت وبعض مناطق الجبل.

إنضم إلى صفوف جبهة التحرر العمالي منذ بداياتها الأولى، وانتخب نائباً للسر فيها، وأميناً عاماً للجبهة بالوكالة ريثما تم إنتخاب الأمين العام الأصيل. كان له في الجبهة بصمة لا تمحى في التنظيم والإلتزام والإنضباط، وشارك في معظم مؤتمراتها السنوية، وكان له فيها الرأي الحكيم في توصياتها وبرامج عملها ونضالاتها.

في مرحلة من مراحل النضال النقابي تحول إلى العمل التعاوني، الذي وجد فيه ساحة رحبة للنضال والعمل الميداني مع مختلف الفئات والطبقات الإجتماعيّة. أنتخب عضواً في مجلس إدارة التعاونيّة الإستهلاكيّة ونائباً لرئيس مجلس إدارتها.

شارك بدورات تعاونية عديدة محلياً ودولياً، ومن أهمها مشاركته في مؤتمر الحركة التعاونيّة في بلغاريا، والتي كانت له مقررات مهمة على الصعيد التعاوني. كما شارك في الدورة المختصة في إدارة التأمينات الإجتماعية التي أقامها مكتب العمل العربي في بغداد في العام 1978 ونال خلالها شهادة تقدير وتميز على الجهود والمساهمات القيّمة التي أغنت النقاش وانعكست على التوصيات النهائية فيها.

IMG_3369 (2)

كان هذا غيض من فيض نضالاته ومشاركاته وإسهاماته، كان صادقاً في عمله، ويعمل بالحق، عود قلبه على المواقف الصعبة، وله في أكثر من ميدان من ميادين النضال البصمات الواضحة على شجاعة الموقف، وعلى نكرات الذات والتصدي من أجل إقرار الحق وإظهار الحقيقة.

كان كلامه نقياً كدمعة طفل، وكان فعله كصلابة الصوان، لم يزل صوته الهادىء والمتمرد يتغلغل في وعي رفاقه وضمائرهم، وكان ضميراً حياً ووفياً لمبادئه وللعلم والمعرفة والفلسفة النضاليّة التي نهلها من مدرسة المعلم الكبير الشهيد كمال جنبلاط، الذي عايشه ورافقه معظم فترات نضاله، وفي أصعب الظروف.

ترك الفقيد الكبير ثروة هائلة من السمعة الطيبة والتاريخ النضالي الطويل، والسعي الدائم نحو تحقيق العدالة الإجتماعيّة، وترك خلفه بالتعاون مع رفيقة عمره عائلةً مناضلة له أن يفتخر بها.

رحمك الله أبو منصور، وأسكنك فسيح جناته إلى جانب رفاقك ورفيقة عمرك المناضلة الكبيرة أم منصور، وأصدق العزاء لعائلته ولأولاده وأحفاده وأحبائه ورفاقه.

ستفتقدك جبهة التحرر العمّالي قائداً ومعلماً فذاً، وسيفتقدك حزبك ورفاقك مناضلاً عنيداً وفياً لعقيدة حزبه.

74120b51-2c52-484b-8cb7-14b2164f260b

“الانباء”