هل أصبحت قضية الحريري تفصيلا في أزمة بيروت – الرياض؟

فجّر رئيس الجمهورية ميشال عون الأزمة بوجه المملكة العربية السعودية، ووجه إليها إتهاماً واضحاً ورسمياً بأنها تحتجز الرئيس سعد الحريري، وهذا يمثّل خرقاً للقوانين الدولية. فسّر هذا الموقف على أنه إعلان حرب ديبلوماسية على السعودية، فيما تعتبره مصادر أنه سيستدعي ردّاً سعودياً قاسياً على لبنان الرسمي هذه المرّة، لأنه اتخذ موقفاً منسجماً مع التوجهات الإيرانية، ولم يبد استعداداً للبحث في الأسباب والمضامين التي أدت إلى إستقالة الحريري وذهب للنقاش في الشكل، وعمل على شنّ حملة ديبلوماسية للضغط على السعودية وحشرها دولياً.

ووسط هذا التصعيد الديبلوماسي، سجّل خرق على طريق هذه الأزمة، تمثّل بإعلان الرئيس الفرنسي عن توجيه دعوة للحريري إلى زيارة بلاده مع عائلته، وذلك بعد إتصالات بينه وبين الحريري وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وهذا يعني أن الأزمة ستنتقل إلى مرحلة أخرى، ستبدأ من نقطة إبعاد السعودية كل الإلتباسات بشأن وضع الحريري في السعودية، لأنه سيتم نفي مسألة أنه محتجز أو مختطف أو مصادر القرار، وهذا يعني أن السعودية ستكون قادرة على تصعيد الموقف ضد لبنان، بناء على المواجهة التي أعلنها ضدها.

تخطّت الأزمة مسألة عودة الحريري من عدمها، والأكيد أن لدى السعودية هدف إستراتيجي وهو توضيح موقف لبنان الرسمي، والذي اتخذه عون ضدها، ما أدى إلى الإطاحة بالنأي بالنفس الذي طرحه الحريري في مقابلته الأخيرة، إذ تعتبر السعودية أن لبنان أصبح في الحضن الإيراني بناء على سياسة رئيس الجمهورية، وبالتالي ما الذي تستطيع السعودية فعله أو تحقيقه بعد كل ذلك؟ يعتبر البعض أن السعودية قد تتخذ هذه المواقف ذرائع للتشدد أكثر، فيما هناك من يشير إلى أن عون رفع هذا السقف، لأنه يريد التصعيد ولأن إيران تريد المواجهة ولا تريد الهدوء، متسائلة، عن سبب عدم إجراء عون أي إتصال بالحريري أو عن سبب عدم زيارته من قبل وزير الخارجية جبران باسيل بدلاً من الجولة الأوروبية، مع العلم أن الحريري يلتقي سفراء ومبعوثين، ويجري إتصالات برؤساء دول. هذه الأسباب تعتبرها السعودية أن لبنان أخذ خياره إنطلاقاً منها، وأراد عدم الوقوف في صفّها إقليمياً، وبالتالي فهو ما يؤكد أن السعودية ستستمر بالتصعيد بمعزل عن عودة الحريري من عدمها.

ربيع سرجون – “الأنباء”