أول بطريرك لبناني يزور الرياض تزامناً مع أقسى أزمة بين البلدين: أي مفاعيل؟

صحيح أن زيارة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي محددة مسبقاً وهي بحد ذاتها تحمل الكثير من الدلالات، إلا أن تزامنها مع الأزمة السياسية المستجدة بعد إستقالة الرئيس سعد الحريري في الرياض وكيفية التعاطي اللبناني الرسمي والدولي معها ومع حقيقة وضع الحريري، يجعل لهذه الزيارة بعداً آخر لا يقل اهمية ويطغي على باقي جدول أعمال الزيارة، وهو كسر الجليد بين بيروت والرياض من جهة ويزيل الغموض بين بيروت والحريري من جهة أخرى.

فالراعي هو المرجعية اللبنانية الوحيدة التي إلتقت الحريري منذ إستقالته وبعد ساعات على إطلالته التلفزيونية، وحكماً سيكون له مواقف بهذا الخصوص مع السلطات السعودية وتحديداً الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد محمد بن سلمان.

طبعاً لن يكون الراعي قاسياً كالموقف الرسمي اللبناني، إلا أنه وبحنكته ودبلوماسيته المعهودتين سيكون قادراً على إيصال بعض الرسائل وربما الامتعاض اللبناني بأن ليس هكذا تورد الإبل.

ولكي لا يتم تحجيم الزيارة فقط بالأزمة السياسية الطارئة، لا بد من التوقف عند رمزية أن يكون بطريرك مشرقي في الرياض ويقابل أعلى المرجعيات فيها، وما تحمله من علامات انفتاح غير مسبوق على الآخر وتكريس نهج إعتدال سيكون السلاح الامضى لمواجهة التطرف الذي استشرى وتمدد منذ سنوات من الشرق إلى كل العالم.

هذا وتسقط مع زيارة الراعي إلى السعودية كل حجج حماية الأقليات في الشرق، فهذه الزيارة تأكيد على الوجود المسيحي العريق في الشرق والمتجذر فيه والذي لا يحتاج إلى صكوك حماية لا من هذا النظام ولا من ذاك.

أما أبلغ ما في هذه الزيارة أنها تأتي فيما تتداعى آخر حصون “داعش” في المنطقة، مؤكدة أن التطرف ليس ثمرة قادرة على الحياة طويلا وإن وجدت لها تربة خصبة على أطراف واحة التعدد التي لا بد أن تعيش وترثها الأجيال القادمة.

المحرر السياسي – “الأنباء