“يسرائيل هَيوم”: سنة على انتخاب ترامب.. على طريق الاستقرار

• مر عام على الفوز المفاجئ للرئيس ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، على خصمه المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، وهذه مناسبة ملائمة لفحص البصمة التي تركها ترامب حتى الآن في حياة الأمة الأميركية. ومع ذلك، فالمقصود هو تقدير أولي وذو طابع محدود فقط، لأن التحديات والاختبارات الجديدة التي تثقل على البيت الأبيض طوال الوقت، أثمرت ويمكن أن تثمر مستقبلاً، أساليب عمل وخطوطاً سياسية تختلف اختلافاً جوهرياً عن تلك التي تعهد ترامب منذ البداية بتحقيقها تماماً.
• ينطبق هذا الكلام خصوصاً على سياسة ترامب حيال القوة العظمى: الصين، التي تبدو عملياً أكثر تصالحاً بكثير بالمقارنة مع تصريحاته السابقة التي تعهد فيها بخوض حرب اقتصادية لا هوداة فيها ضد بيجين. وفي الواقع، إن التضافر بين قيود وتحديات البيئة الدولية (وضمن هذا السياق، الطموح إلى تحويل الصين إلى شريك فاعل في جبهة ردع كوريا الشمالية وكبحها)، تسبب بقطيعة بين الخطاب الحربي وبلورة السياسة الخاصة بالمنطقة نظرياً وعملياً (كما تدل على ذلك زيارة ترامب الحالية للصين).
• بالإضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من أنه من غير الممكن تجاهل أسلوب الرئيس الكثير الغضب والتحدي، والذي يعطي الأحداث والأزمات في الساحة الدولية بعداً شخصياً واضحاً مبالغاً فيه، فمن الخطأ أن نرى في ذلك كل شيء، والعكس هو الصحيح. منذ تعيين الجنرال المتقاعد جون كيلي في تموز/يوليو رئيساً للموظفين في البيت الأبيض، يمكننا أن نرى مؤشرات تدل على عمل منتظم للموظفين بين “جميع رجال الرئيس”. وبالاضافة إلى تصريحات غير مدروسة تصدر عن قمة الهرم، ينجح كيلي، الذي تذكّر مهارته الإدارية المذهلة بمهارة رئيس موظفي البيت الأبيض الأسطوري أيام الرئيس دوايت أيزنهاور، شيرمان أدامز، في توجيه بيئة العمل في البيت الأبيض بيد قوية وواثقة وفعالة. وفي المقابل، فإن حقيقة أنه تبلورت في قمة الإدارة الأميركية خلية نحل أمنية ذات خبرة وبراغماتية بقيادة وزير الدفاع جايمس ماتيس ومستشار الأمن القومي هربرت مكماستر، نجحت في إعادة التوازن مع انعدام خبرة الرئيس، وإلى حد ما تبديد التوتر الناتج عن تحذيرات الرئيس القاسية حيال طهران وبيونغ يانغ.
• ومع مرور 9 أشهر تقريباً على إظهار التصلب الأميركي، لم تتجاوز كوريا الشمالية وإيران الخطوط الحمراء، وليس هذا فقط، بل استطاعت الإدارة الأميركية الامتناع عن القيام بمغامرة عسكرية محفوفة بالمخاطر، مثل الغزو الكارثي لخليج الخنازير في نيسان/أبريل 1961، الذي عكر أيام المئة الأولى للرئيس جون كنيدي في البيت الأبيض.
• لكن إذا كان البيت الأبيض في المستوى الاستراتيجي، نجح في المساهمة في ترميم وتعزيز الردع الأميركي، فإن الأمور تختلف على الصعيد التشريعي. ففي هذا المجال، أدى سعي ترامب إلى التحقيق الفوري لوعوده بشأن مجموعة واسعة من القضايا، إلى حدوث مواجهات متكررة بينه وبين هضبة الكابيتول [الكونغرس] والجهاز القضائي، انتهت أكثر من مرة بالفشل. كما أن الأوامر الرئاسية التي أصدرها للالتفاف على الكونغرس اصطدمت أكثر من مرة بمعارضة السلطة القضائية.
• وعلى الرغم من تغريداته التي لا تتوقف على تويتر، والتي لا تتناسب مع موقفه كرئيس، فإن السنة الأولى للرئيس الـ45 في البيت الأبيض تضمنت نقاط ضوء غير قليلة في الساحة الداخلية أيضاً. على الصعيد الاقتصادي تبرز بوادر النمو والانخفاض في مستوى البطالة، وواصلت مؤشرات البورصة ارتفاعها خلال سنة 2017 وبلغت مستويات مرتفعة جديدة. وحتى على الصعيد الحزبي اتضح أن قاعدة التأييد لترامب ظلت قوية وصلبة وسط قاعدته الداخلية.
• إن التوقعات المسبقة التي اعتبرت أن دخول ترامب إلى البيت الأبيض سيشكل كارثة حقيقة، أو مأساة أميركية، تبددت تماماً. لم يبق سوى انتظار ما اذا كانت العملية الظاهرة للمأسسة والاستقرار من خلال محاولة الاعتماد على مؤهلات هي “الأفضل والأكثر براعة” في الإدارة، سيساعد ترامب على تحسين مكانته خلال السنة الثانية لولايته.

 

*براهام بن تسفي، خبير في العلاقات الأميركية- الإسرائيلية

(*) نقلا عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية