قراءة هادئة في تعميم وزير الداخلية: إعادة النظر حتمية!/ بقلم الدكتور ليون تلفزيان 

أصدر وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق تعميماً يجيز لرؤساء البلديات والقائمقاميات منح رخص بناء لغاية 31/08/2018.

يندرج هذا القرار ضمن سلسلة قرارات إتخذها الوزير سابقاً، وهذه المرة الرابعة على التوالي التي يجيز فيها الوزير بناء 150 متراً على عقار أو مبنى قائم.

إن لهذا القرار حيثيات قانونية وتداعيات سلبية كبيرة إذ أنه يعتب مخالفاً لقانون البناء رقم 646 والمخططات التوجيهية، بحيث يقوم بتغييب دور المكاتب الفنية التابعة للتنظيم المدني وإتحادات البلديات والبلديات.

فإنه يجيز إشادة ثلاثة طوابق دون أدنى مراعاة لشروط السلامة العامة مهملاً بالتالي المعايير الفنية الخاصة للانشاءات، إن كان تطبيقه يشمل بناء قائم أو عقار لا يوجد عليه بناء سكني.

وفي حال تطبيق هذا التعميم، يتأتى تأثيرات سلبية على كل من حقل الخدمات العامة والبنى التحتية من ناحية، وعلى المشهد العمراني في المناطق الريفية من ناحية أخرى.

أولا، يغيّب التعميم التداعيات المادية والتقنية على السلطات المحلية من بلديات وإتحادات البلديات. فهذه الأخيرة تفتقر إلى القدرات المالية والتقنية لمواكبة الزيادة الديمغرافية ومساحات البناء وما يترتب عليها من أعباء إقتصادية وإجتماعية إضافية. فيقع على البلدية في هذه الحالة عاتق تأمين هذه الخدمات من مياه، صرف صحي، كهرباء،… على حساب مشاريع إنمائية (مساحات مشتركة، مرافق عامة ثقافية ورياضية…) التي تعود بالمنفعة العامة على الجميع، خصوصاً في ظل تراجع دور الدولة في هذا السياق.

بالإضافة إلى ذلك، فإن البنى التحتية الموجودة ليست مهيأة لهذا الضغط الديموغرافي الإضافي، فيشكل ذلك تأثيراً سلبياً على نوعية الخدمات خاصةً الصرف الصحي والنفايات وعلى شبكة الطرقات ناهيك عن أثارها السلبية على البيئة.

ثانياً: لهذا التعميم إثر مباشر على المنظر العام خاصة في المناطق الريفية مع زيادة الكتل الاسمنتية والخدمات الملحقة. والجدير بالذكر أن هذا التعميم يتعارض أيضًا مع الخطة الشاملة لترتيب الأراضي التي قام بها مجلس الإنماء والإعمار وصدرت بمرسوم عام 2009، إذ تحمي الدولة من خلالها الإرث الطبيعي وتحافظ على التراث المبني.

بإختصار، إن هذا التعميم له مفاعيل سلبية على كامل مفهوم التخطيط العمراني والحضري التي هي نظرياً وعملياً، من واجبات مؤسسات الدولة. فهذا التعميم يغًّب بالكامل أدوارها.

من هنا، الدعوة موجهة إلى وزير الداخلية والبلديات إعادة النظر فيه للاسباب المذكورة أعلاه.

(*) رئيس سابق لقسم التنظيم المديني في معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية، ورئيس سابق لمؤسسة الجادرجي.