هكذا حوّل جنبلاط سوق الغرب من خط تماس إلى مساحة تلاقي

تكاد الضحكة تغلب الأسف سخريةً من العنصرية المتبعة نهجاً في السياسة الإنتخابية! كيف لا ومفاهيم الوطنية تُذبح بلسان من هم في موقع المسؤولية؟! أيدرك وزير خارجبة لبنان مدى الأذى الذي يزرعه بجولاته الداخلية؟! أيعلم أن هناك جيل بكامله يسأله: كم كان عمرك يوم عقد اقطاب المصالحة اتفاق الطائف الذي كلفنا عشرات آلاف الشهداء؟ وهل يدرك أن نصف اللبنانيين قد تهجروا من قراهم وبلداتهم على اختلاف أطيافهم وفي مختلف المناطق اللبنانية؟ وهل يجرؤ فعلاً على اختصار الموقف المسيحي؟

هذه المصالحة التي لم تكتمل على لسان وزير خارجيتنا إنما في الواقع تترجم أبعاد انحيازه الطائفي الفاقع الذي مارسه بزياراته السياحية العالمية على حساب الخزينة اللبنانية.

نعم فلقد ركز بلقاءاته على الاجتماع بالمسيحيين من اتباعه، بينما قابل خجلاً بعض المسلمين بمن فيهم الموحدين الدروز في أميركا وأستراليا والبرازيل والمكسيك وغيرها من دول العالم. حيث اشتكى المغتربون من تجاهلهم من قبل منظمي لقاءاته الذين وجهوا الدعوات الرسمية باستنسابية طائفية على الفاعليات في الخارج. ناهيك عن تمركز نقاط القنصليات في مناطق حيث تتركز التجمعات من لون سياسي تابع لخطه السياسي!

نعم، يستحق الأمر وضوح العبارة مع وزير خارجيتنا الذي لا يخجل من صراحة التعبير عن مكنونات صدره بعدائية واضحة للمصالحة الثمينة برأينا والتي لم تكتمل برأيه!

فالموقف ينذر بأبعاد سؤال يُطرَح برسم رأس الدولة و”بي الكل” الذي ينتظر أهل الجبل منه كلاماً واضحا حول تصريحات “فخامة الصهر” الذي ينسحب كلامه عبر مواقع التواصل الإجتماعي حقداً ونبشاً للقبور وعنتريات بصفحات تابعة لخط تياره على مواقع التواصل، ومنها على “تويتر” التي تحمل تسمية Aoun Generation، ونخشى حقاً أن تكون الممثل الحقيقي لتوجهات الجيل العوني الذي تُطرَب مسامعه لخطاب عنصري!

فهل يحق له أن يتطاول باسم المسيحيين على مصالح المسيحيين حين يهاجم مصالحة رعاها بطريرك السلام الكاردينال مارنصرلله بطرس صفير منذ عقود، وعززها في المختارة مجدداً بطريرك “الشركة والمحبة” الكاردينال بشارة الراعي، الذي قال: “لو انتظر أركان هذه المصالحة قراراً خارجيا لعقدها آنذاك لما تمت منذ عقود”؟!

أيدري معاليه أن الجبل يسير بحكمة وليد جنبلاط الذي دفن الأحقاد منذ عقود بمصالحة نابعة من القلب، وكرر موقفه بعبارة ادفنوا موتاكم وانهضوا حين لبت الحشود نداءه بأكثر من مئة ألف نعم للمختارة؟!

وهل وصل إلى علمه أن وليد كمال جنبلاط يمارس المصالحة فعلا لا قولاً، وأنه لأجل تثبيتها اشترى قطعة أرض باتساع 50 ألف متراً في منطقة خط النار ببلدة سوق الغرب، قدمها هبةً لبناء جامعة البلمند ليحول موقعة حرب إلى صرحٍ تعليمي تأكيدا على نهجه الوطني وسعيه الدائم لوأد الفتن؟

ولقد قالها جنبلاط آنذاك: “هذا العقار أفضل طريقة لنطل على الجبل ومحيطه وبيروت من خلال إنشاء صرح علمي، فكان التنسيق مع جامعة البلمند وبمباركة البطريرك هزيم”.

وأضاف: “أين كنا عندما كانت سوق الغرب رمزاً للصراع وأين أصبحنا اليوم عندما ستصبح سوق الغرب إشعاعا للمعرفة وللتقدم”.

أما بعد هذا الكلام فما بالنا وخطاب فئوي! فالإنتخابات النيابية محطة عابرة عند الوصوليين، إنما المصالحة في الجبل ستبقى معادلة راسخة،.. وإنجاز مصيري ثابت سيحميه المخلصون من أبنائه بماء العيون!

هلا ابو سعيد – الانباء