ماذا يجري بين “التيار” و”القوات”؟

كل المعطيات والمواقف السياسية المعلن منها وغير المعلن تشير الى اتساع الفجوة بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية، ولم تفلح حتى الساعة المساعي المبذولة من سعاة الخير الى طمرها أو تضييقها لتعود الأمور الى الى مجاريها وتعود الساحة المسيحية الى هدوئها السياسي الذي تعايشت معه طيلة السنة المنصرمة، واثمر اتفاقات لعل أبرزها انتخاب العماد ميشال عون رئيساُ للجمهورية.

فما الذي تغيّر حتى وصلت الأمور الى هذا المنحى، لتقتصر اللقاءات على الوزراء من كلا الطرفين، والجدير ذكره انه لم تشهد هذه الفترة أي لقاء بين الرئيس عون وجعجع، وكذلك بالنسبة  لرئيس التيار الوزير جبران باسيل ولا نائب رئيس حزب القوات جورج عدوان الذي كان عراب تفاهم معراب الى جانب وزير الإعلام ملحم الرياشي والنائب ابراهيم كنعان.

فهل فعلاً إنفرط عقد هذا التفاهم، وماذا يجري خلف الكواليس السياسية؟ أم  أن الإقتراب من موعد الإنتخابات النيابية جعل كل فريق يعيد حساباته للفوز بأكبر عدد من المقاعد النيابية لتعزيز مستقبله السياسي في ظل قانون إنتخابي معقد يبقى الحكم فيه للصوت التفضيلي؟

مصادر نيابية في التيار الوطني أبدت في اتصال مع “الأنباء” استغرابها من المواقف التي تصدر عن بعض وزراء ونواب القوات، وخاصة تلك المنتقدة لتعاطي التيار مع حلفائه، وبالأخص حزب الله، مذكرة بوثيقة التفاهم بين التيار والحزب التي تكرست في لقاء عون والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في شباط 2006، وإن عون كان مرشح الحزب لرئاسة الجمهورية منذ ذلك اللقاء الى حين إنتخابه رئيساَ منذ سنة تقريباً.

وتضيف المصادر: “أما موضوع سلاح الحزب فلماذا لا تنظر القوات الى هذا الأمر كما ينظر اليه رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط بإعتباره موضوعاً خلافياً يجب تحييده؟ أما اذا أزعجهم لقاء باسيل – المعلم في نيويورك، فإنه كان للتنسيق من أجل عودة النازحين السوريين الى بلدهم لأن لبنان لا يمكنه استضافة قرابة المليوني نازح سوري الى ما شاء الله، بعد أن أصبح في سورية مناطق آمنة يمكنهم التوجه اليها”.

الا ان المصادر تقلل من أهمية هذه الخلافات التي قد يكون لها أبعاد إنتخابية، مشيرة الى ان إمكانية التحالف مع القوات في الإنتخابات لاتزال قائمة.

في المقابل، تقرّ مصادر مقربة من قيادة القوات اللبنانية  عبر “الانباء” بوجود خلاف كبير وفي العمق مع التيار على أمور أساسية وليست ثانوية أو هامشية، فالدكتور جعجع الذي قبل وبكل جرأة أن يقدم على خطوة التفاهم مع التيار بالرغم من الإختلاف الذي كان قائماً كان هدفه قيام الدولة السيدة الحرة المستقلة، ولم يكن هدفه أبداً أن تبقى الدولة أسيرة الدويلة”.

وتضيف المصادر: “فما جرى في جرود عرسال والقاع ورأس بعلبك وتهريب داعش في باصات مكيفة بدل إلقاء القبض عليهم لمحاكمتهم بسبب تورطهم بخطف وقتل الجنود اللبنانيين والإعتداء على حرمة الأراضي اللبنانية، وما جرى عقب ذلك في نيويورك عقب لقاء باسيل – المعلم والدفاع عن حزب الله من قصر الأليزيه، وتصوير الجيش بأنه ضعيف ولا يستطيع تأمين الحماية للبنانيين بمعزل عن حزب الله ستبقى مثار تساؤلات بالنسبة للقوات”.

وتسأل المصادر: “كيف يقبل الرئيس عون بالسيادة المنقصوة وهل نسي حرب الإلغاء، عندما لم يقبل بالميليشيات أن تشاركه السلطة، فكيف يقبل بها اليوم؟”.

وتؤكد المصادر نفسها أن خيار القوات اليوم هو الدولة وضد منطق الميليشيات، وهي تعتبرالنظام السوري بحكم الساقط، وترفض أية محاولة تطبيع معه. كما إنها تؤيد حق الشعب السوري بتقرير مصيره بنفسه.

وتقول المصادر: “حتى اللحظة كل المؤشرات تؤكد استحالة قيام تحالف إنتخابي بين القوات والتيار، فالتحالف الذي يمكن تأكيده هو بين القوات والحزب التقدمي الإشتراكي الذي بدأ ينسحب على كل القطاعات النقابية”.

وترى المصادر أن “هناك أكثر من خلاف بوجهات النظر مع التيار الوطني الحر، وهناك عملية تضييق ممنهجة على القوات من دون معرفة الأسباب، وأكبر دليل ما جرى بالتعينات والتشكيلات الأخيرة وما حصلت عليه القوات اليوم لا يوازي شيئاً مما كانت تحصل عليه في عهد الرئيس ميشال سليمان، وفي النهاية من يريد إضعاف القوات سيأتيه الرد في الإنتخابات النيابية المقبلة وإن غداً لناظره قريب”.

صبحي الدبيسي – “الانباء”