متى ينتهي “جحيمُ” الشوارع؟

كما يشتاق التراب الى الماء، نشتاق نحن اللبنانيين إليه. وكما تحنّ الأرض الى المطر، نحنّ نحن اليه، ولكن ليس في بلدٍ كلبنان. لم يعد الكلام في المطر شاعريًا بقدر ما غدا حالة مأسوية مزرية يعيشها اللبناني ويده على قلبه. أشبه بالجحيم بدت مشهدية الشوارع على تفرعاتها أمس. لا منفذ للمتذاكي الذي حاول الهرب من الأوتوسترادات والشوارع الرئيسة الى الزواريب. لا أحياء فارغة ولا أزقة ساكنة. كلّها في حالٍ مريبة من الزحمة وفي ساعاتٍ ليست ساعات الذروة.
لم يعد المواطن فاهمًا لحال الطرق في بلاده. فلا ساعات الفجر ترحمه، ولا ساعات الظهيرة ترأف به، ولا ساعات المساء الأولى تشفع فيه، ولا حتى ساعات الليل المتأخرة تنقذه. المشهدية نفسها في كلّ مكان: المناجون كثيرون والسامعون قلائل. وما يزيد الطين بلة، شتوةٌ أولى تمناها اللبنانيون مطالع تشرين الأول خيرًا، فأتت أشبه بالكارثة التي كانت كفيلة بأن يتأخر معظم الناس عن أشغالهم الصباحية أو أن يعلقوا ساعاتٍ طويلة خصوصًا عند مداخل بيروت. فالطريق الى جونيه كارثي كالعادة وزادته الأمطار كارثية، وفي إتجاه شارع بشارة الخوري تظاهرة وأمطار جعلت السير مقفلًا، والى مدخل لبنان الجنوبي حجيمٌ آخر عنوانه أنفاق المطار.
هي الأمطار وهو الإهمال لا بل هو التساؤل: أين خطة النقل العام الكفيلة بإنقاذ البلد؟
يبدو الحديث عن الازدحام المروري أشبه بتراصف كلام وبقراءة مزامير على آذان صمّاء. ورغم أن الجهات المعنية سارعت في الأيام القليلة الفائتة الى تنظيف المجاري ولا سيما التي تستوطنها المستنقعات، وأبرزها الجسر السريع الذي يربط الأشرفية ببرج حمود والدكوانة، إلا أن الأمر لم يحل دون وقوع الأسوأ.
في المحصّلة، حتى الطبيعة لا تحمل الى اللبنانيين بأمطارها “بشرة خير” فعسى أن يكون المناخ السياسي أفضل من حرب السماء… والأرض!

رامي قطار- الأنباء