حمادة رعى مؤتمر التعليم العالي والنازحين في منطقة المتوسط

رعى وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة افتتاح مؤتمر التعليم العالي والنازحين في منطقة المتوسط الذي نظمه الإتحاد الأوروبي في فندق “كراون بلازا”، بمشاركة رؤساء جامعات ومؤسسات تعليم عال أوروبية وعربية، في حضور سفيرة الإتحاد الأوروبي كريستينا لاسن، رئيس إتحاد الجامعات العربية الدكتور سلطان أبو عرابي العدوان، المدير العام للتعليم العالي الدكتور أحمد الجمال، منسق مكتب “تامبوس” الوطني الدكتور عارف الصوفي، الدكتور عامر حلواني، المستشار الإعلامي ألبير شمعون، ورؤساء الهيئات ورؤساء الجامعات والجهات المانحة والداعمة.

موريل
بعد النشيدين الوطني والأوروبي، تحدثت رئيسة وحدة التعاون الدولي في المفوضية الأوروبية كلير موريل عن أهمية “البحث في توفير فرص التعليم العالي للنازحين من سوريا”، لافتة إلى “الجهود التي تبذلها المؤسسات والجامعات الأوروبية والعربية ودول استقبال النازحين في هذا المجال”.

حمادة
من جهته، قال حماده: “فرضت الأزمة السورية أوضاعا ضاغطة على العالم، ولكن هذه الضغوط كانت ذات تأثير هائل على الدول المجاورة لسوريا مثل لبنان والأردن وتركيا، وعلى دول حوض المتوسط، لأن موجات النزوح فاقت كل التقديرات والتوقعات، مما استدعى تضافر الجهود الدولية للاستجابة للأزمة السورية في حقول ومجالات عديدة منها الأمني والصحي والتربوي والإجتماعي والإقتصادي وغيرها”.

أضاف: “نحن اليوم نجتمع مع نخبة من الخبراء والجامعيين في التعليم العالي من أجل التعاون وجمع الجهود في موضوع التعليم العالي والنازحين، وقد كانت جهودنا في الفترة السابقة مركزة على توفير التعليم عبر الإلتحاق بالمدارس في التعليم الأساسي والثانوي والمهني والتقني، ولا تزال المعاناة قائمة نتيجة النقص في التمويل الدولي أو التأخر في الإيفاء بالوعود المقطوعة في هذا المجال، مما يعيق تنفيذ الخطط الهادفة إلى استقطاب عدد أكبر من الأولاد في النظام التعليمي العادي أو في برامج التعليم غير النظامي. ومما زاد في الأزمة حدة، انفراد بعض الوزراء في الحكومة اللبنانية بتشويه صورة لبنان الناصعة حتى الآن في معالجة النزوح، وادعائهم بالنسبة للعودة التي نتمناها بل نريدها جميعا أن لبنان سيدفع بالذين استضافهم إلى سجون ومسالخ النظام السوري القاتل قبل توفر الحل السياسي والعودة الآمنة لهؤلاء. اننا لن نقبل هذه المواقف الخارجة عن السياسة الحكومية والبيان الوزاري وسنتصدى لها مهما علا شأن الداعين اليها”.

وتابع: “إن البحث في موضوع الإستجابة لأزمة النزوح السوري على مستوى التعليم العالي يستدعي إستعدادات مختلفة، ويتطلب مشاركة فعالة على مستوى الدول والجامعات والمؤسسات المانحة، إذ أن الشريحة المطلوب أن تتلقى الإحتضان والدعم هي شريحة الشباب المتعلم والمتخصص التي سوف تكون في الواجهة لتسلم المسؤوليات والنهوض بمستقبل سوريا على أسس علمية متطورة ديمقراطيا وفكريا واقتصاديا واجتماعيا ووطنيا. إن الرهان على الطاقات الشابة المتخصصة والمثقفة هو الرهان الصحيح على جيل الشباب وبالتالي فإن كل الجهود والخطط التي يتم إعدادها من أجل استنهاض سوريا، لن تتمكن من بلوغ مراميها إذا لم تقترن بإعداد الموارد البشرية الوطنية التي تندفع بكل مسؤولية لإعادة بناء بلادها وترسيخ دعائم استقرارها”.

وأردف: “لقد أحدث النزوح السوري أزمة إنسانية نتيجة للتدفق غير الشرعي إلى شواطىء أوروبا، كما تسبب بالإرباك لدى الدول والمجتمعات المضيفة، وإننا في لبنان الذي تحمل ولا يزال يتحمل أعباء هذا النزوح بما يفوق طاقات وإمكانات دولة عظمى، يدرك تماما أهمية أن يتواكب الجهد لإستقبال النازحين وتعليمهم مع الجهد السياسي لإرساء الإستقرار في سوريا وتوفير ظروف عودة النازحين الآمنة إلى مناطقهم وقراهم، لكي يعيدوا إعمارها، ويعيدوا الحياة إليها. إن مؤسسات التعليم العالي اللبنانية الرسمية والخاصة تستقبل طلابا سوريين ولكن أزمة تغطية نفقات تعليمهم الجامعي بدأت تتفاقم، وإننا نخشى أن يحدث تدفق في إتجاه الجامعات اللبنانية مع ارتفاع أعداد الطلاب الذين أنهوا مرحلة التعليم الثانوي، ما يستدعي توفير أموال طائلة نظرا الى الكلفة التي يتطلبها توفير التعليم العالي”.

وختم: “إنني أقدر عاليا الجهود التي تبذلها سفيرة الإتحاد الأوروبي الصديقة كريستينا لاسن وسفراء دول الإتحاد الحاضنين لمشروع “hopes”، ما يعني بالعربية “الآمال” وهو اسم على مسمى، كما أقدر مشاركة إتحاد الجامعات العربية والدول الداعمة، وأرغب بالتأكيد على الموقف اللبناني الرسمي والشعبي الرافض للتوطين، والرافض لإدخال النازحين إلى سوق العمل في المجالات التي تشكل مزاحمة لليد العاملة اللبنانية. والثابت في الوقت نفسه على عدم دفع النازحين في جهنم النظام. إن لبنان يؤكد على الشراكة الفاعلة مع دول الإتحاد الأوروبي ويطلب من الشركاء المشاركة المستدامة في حمل أعباء هذا النزوح، وتغطية أكلاف تعليمهم العالي، لكي لا تتفجر أزمات جديدة في هذا السياق، ولكي نبني معا مستقبلا افضل للدول”.

أبو عرابي
بدوره، قال رئيس إتحاد الجامعات العربية الدكتور سلطان ابو عرابي العدوان: “تحدثنا عن دراسة الواقع الأليم لطلابنا في سوريا والدول الأخرى من المهجرين والنازحين من سوريا. وكنت سابقا أشرف على اطروحات الدكتوراه في الكيمياء في جامعات سوريا، وما زلت أتواصل يوميا مع زملائي رؤساء الجامعات السورية. ولكن هذا البلد تأثر في السنوات الخمس الماضية بالظروف السياسية ونأمل أن ينفرج هذا الواقع الأليم. لقد خرج من سوريا آلاف النازحين واللاجئين، ولبنان والأردن بلدان صغيران يمتلكان امكانات اقتصادية محدودة، وتحملا أعباء كبيرة جدا. ومنذ حرب فلسطين يتحملان أعباء كثيرة. كان طلابنا سابقا يدرسون في الجامعات العريقة في دمشق وحلب، ونحن الآن أمام مشكلة كبيرة ويجب أن نعرف كيف نتعاون لحل هذه المشكلة”.

أضاف: “إن أقرب الناس إلينا هم الأوروبيون، وهناك حراك بين الطلاب والأساتذة، وعقدنا مؤتمرا ناجحا حول الجودة مع جامعات أوروبا. واليوم إذا لم نستوعب طلاب سوريا في جامعاتنا العربية والأوروبية فإنهم سوف يصبحون لقمة سائغة أمام التطرف والمنظمات الإرهابية التي تتلقى المساعدة من جهات عالمية. فمن يسلح المنظمات الإرهابية ومن أين تأتي اموالها الجميع بات يعرف”.

وتابع: “إننا نشكر الإتحاد الأوروبي على فهمه هذا الموضوع، ونشكر الدول التي فتحت الجامعات للسوريين، ولكننا نحتاج إلى تمويل ونأمل أن نحصل عليه في لبنان ومصر والأردن وتركيا وغيرها. علينا قبل التفكير في إعمار سوريا أن نقدم المساعدة للطلاب خارج سوريا وداخلها لكي يكونوا جاهزين لتسلم عملية إعمار بلادهم”.

لاسن
أما لاسن فقالت: “في سوريا اليوم نجد أنه من المبكر جدا الحديث عن إعادة الإعمار، فهذا ما أعلنته مسؤولة الخارجية والدفاع في الإتحاد الأوروبي السيدة فيديريكا موغيريني بالأمس في نيويورك. إن الإتحاد الأوروبي سوف يدعم إعادة الإعمار في سوريا عندما يتم إنجاز إتفاق سياسي فقط. في هذا الوقت علينا تحضير هؤلاء الشباب الذين سوف يتسلمون مستقبل سوريا. فقد تعلمنا من التاريخ أن إعادة إعمار أوروبا لم تتم إلا على أيدي الشباب المثقف والذي يتمتع بشهادات عليا، إذ أن التعليم العالي والتعليم المهني والتقني يشكلان مفتاح عملية التقدم والنهوض الإقتصادي والثقافي والسياسي الذي يتمتع به الإتحاد الأوروبي راهنا”.

أضافت: “إن دخول الشباب إلى مؤسسات التعليم العالي سوف يمنحهم القدرة على منح مجتمعاتهم المزيد من الأمل بمستقبل بلادهم. من أجل ذلك نريد جامعات تتمتع بالجودة لكي تعمل على إيجاد بيئة من الثقة والإحترام وعدم التمييز، إذ أن مؤسسات التعليم العالي التي تتمتع بهذا المستوى سوف تشجع على التنوع الثقافي والديني وترسخ مبادىء إحترام الآخر ونشر الحريات على غرار حرية التفكير والمعتقد وحرية التعبير وحرية الصحافة”.

وختمت: “إن هذه المنطقة تحتاج إلى قادة شباب مستعدين للالتزام بتنمية مجتمعاتهم، ومساعدة بلدانهم على إعداد وتطوير المرافق العامة وتقوية القطاع الخاص وجعله ديناميكيا، قادة فنانين وممثلين حقيقيين عن المجتمع المدني. إننا في حاجة إلى جيل شاب لإعادة بناء سوريا عادلة وديمقراطية ومتنوعة ومتسامحة وذلك من أجل بلوغ مستقبل أفضل ومنطقة مستقرة ومزدهرة”.