“السلسلة” وجه آخر للخلاف بين عون وبري

عاد لبنان إلى شدّ الحبال الداخلية، هذه المرّة ليست الأحداث مرتبطة بمواقف سياسية ذات أبعاد خارجية، لا بل حول التفاصيل اللبنانية اليومية، والتي تتخذ طابعاً مطلبياً، وعلى الرغم من بروز صورة الصراع بين السلطة والنقابات، فلا يخفى الصراع السياسي الضمني في هذه الأزمة، والذي بدأ بين الرئاستين الأولى والثانية، وانتقل فيما بعد إلى ما بين الرئاستين الثانية والثالثة. وقد وُضع الرئيس سعد الحريري في موقع وكأنه وحده يتحمّل مسؤولية ما آلت إليه الأمور.

 يتلقف الحريري الامر، ويحاول مقاربته بدقّة شديدة، يكاد يتعاطى مع الامر بميزان “الجوهرجي”، فهو لا يريد تعطيل السلسلة، ويريد الحفاظ على مالية الدولة، ولذلك يستمر في البحث عن مخرج، يستطيع من خلاله دفع رواتب هذا الشهر على اساس قانون السلسلة، ولكن بدون إيجاد أي ثغرة، أو أي ضرر على الوضع النقدي. يمسك الحريري بخيار تأجيل دفع السلسلة لمدّة شهر، كما تحدّث المعلومات، لكنه أيضاً لا يحبّذ ذلك، لأن البلد قد يدخل في نفق الإضرابات والتحركات الإحتجاجية، وقد يكون ذلك لعلمه أن تأجيل الدفع شهر، قد لا يؤدي الغرض، لان إيجاد موارد تمويل للسلسلة يحتاج إلى ما هو أكثر من ذلك، وتحديداً يحتاج إلى تسوية كبرى، حول قطع الحساب وإقرار الموازنة.

 في المقابل، يبرز طرح جديد، هو عبارة عن إجتهاد دستوري، عمل على إعداده فريق رئيس الجمهورية، يقضي بتعليق العمل ببند إجراء قطع حساب، لأجل اقرار الموازنة، وبالتالي إقرار الموازنة بدون قطع الحساب، تماماً كما جرى إقرار أول موازنة للدولة اللبنانية، في مقابل، إجراء تعديلات أساسية على الضرائب التي فرضت في القانون، وتعديلها بإصدار قانون جديد في مجلس النواب. لكن هذا الطرح ردّ عليه الرئيس نبيه برّي حين قال إن المجلس هو المسؤول عن سن القوانين، وهو لا يحتاج إلى إملاءات من أحد، وقد وجّه برّي كذلك سهامه إلى الحكومة، إذ اعتبر أن هناك قانون أقر في مجلس النواب، على الحكومة العمل على تطبيقه ويتمسك بري بضرورة دفع مستحقات السلسلة في موعدها بدون أي تأخير.

كل الأنظار تتجه الى الحكومة، وإذا ما كانت ستستطيع إتخاذ قرار يقضي بتأجيل دفع السلسلة، في ظل معارضة عدد واسع من الوزراء، وهنا أيضاً قد يجد الحريري نفسه في مواجهة هؤلاء الوزراء، وكذلك النقابات. وبالتالي فإن الصراع الخفي بين عون وبرّي حول جملة أمور انعكست أخيراً في الخلاف حول السلسلة ودور المجلس الدستوري، إنعكست حرجاً على الحريري، الذي يجد نفسه في موقف لا يحسد عليه.

ربيع سرجون – “الانباء”