أهكذا ينتصرون على إسرائيل؟ / بقلم ربيع الحوراني المصري

 مرعب كلام أحد الساسيين المتدينين في الأيام الأخيرة، وإن لم يكن مفاجئاً.
مرعب لأن الأخير قسم المجتمع عامودياً إلى فئتين لا ثالث لهما.مرعب لأنه دخل في التنميط stereotyping المقيت مسقطاً كل الحقوق عن شريحة من النساء اي المطلقات ومن الشباب اي الذين يرتادون الملاهي…

مرعب لأنه يشرعن فلسفة الموت على حساب فلسفة الحياة.

لا يا عزيزي، هناك ناس وحياة وتواصل وأحلام وآمال وآلام وأحزان ومشاعر وحقائق بين الشهادة والملهى الليلي، بين التبرّج والحجاب (بمفهومك)، بين الموضة والإلتزام الديني….

والأهم من ذلك، هناك فرق كبير من الجهة المقابلة بين إرتياد الملاهي والفسق بين التبرّج والعهر بين الموضة والهوس بالموضة والتعري الفاضح بين الرقص والرذيلة بين الفرح والجنون…

بين هذين المجتمعين المتطرفين، واحد يحكمه اللافكر والإنحلال الأخلاقي والفسق – وبالنسبة للقيادي يمثل كل ما يخرج ومن يخرج عن أفكاره ونظرته للإنسان والمجتمع والحياة وسلم قيمه – وآخر – يتبناه القيادي – يحكمه الموت والتطرف الأعمى وقتل الفرح وتوضيب الأبناء للشهادة.

بين هذين المجتمعين هناك واقع تجاهله السياسي المخضرم، هناك مجتمع لا يريد أن ينحرف ولا يريد أيضا أن يموت هناك آلاف النساء يتبرجن ويتابعن الموضة ويملأن الدنيا جمالا دون أن يخدشن الأخلاق بشيئ وهناك شبان يرتادون الملاهي والمطاعم يشربون الكحول أو لا، يرقصون يغنون يفرحون دون أي تأثير سلبي عليهم او على المجتمع…

وهناك في هذا المجتمع الوسطي أيضاً، وهنا بيت القصيد، حق الإختيار حق الحرية حق الحياة… وهو المجتمع الذي نريد – وكثير من اللبنانيين- وهو الذي على عشاق الحياة أن يناضلوا من أجل بقائه، قبل الخبز حتى، وهو الذي يشكل لبنان القوي بعيداً عن الأغاني والرحبانيات والشعر ودروس القراءة.

يريدنا المسؤول الحزبي الكبير أن نحيا في مجتمع جاهز للموت لكي نكون وقوداً لمشروعه الذي لا يشبه لبناني واحد… مجتمع لم يأتِ رجل الدين هذا على المقارنة داخله بين من يموت على جبهة الجرود ومن يقلته الكبتاغون والدواء الفاسد والرصاص الطائش، ليهرب من الحقيقة الساطعة، أم المجتمعات جميعها فيها الجيد والسيئ، وأن من يجعل الموت قائدا لفكره لا بد أن يقدم الأضاحي لهذا الموت سواء من أولئك الذين غسلت أدمغتهم أو من أولئك الذين لا حول لهم ولا قوة…

لقد أسقط المقارنة الداخلية فهو لا يخاف مراشقة الآخرين بالحجارة رغم أن بيته من زجاج، فالزجاج يحميه السلاح والقضايا السامية المفرغة من مضمونها.

ولكي تكتمل الصورة، لم يكتفِ الرجل بالتصنيف حسب الإصابة بأوبئة الملاهي والتبرج والموضة، فقام بتصنيف شريحة إختارها بطريقة غريبة وهن المطلقات، كعاجزات عن التعليم والكلام عن الحياة – وهنا لا نعرف ان كان الكلام يمثل حزبه أم لا – فبدا كأنه رافضا للضعف اي ضعف (طبعاً الضعف حسب مفهومه) فمن يواجه أي مشكلة في حياته ويحلها عبر أبغض الحلال أو لايتمكن من حلّها لا يحتضنه المجتمع بل يسقط عنه حقوقه ويصبح منبوذاً في جمهورية الشيخ، وهذا ينطبق على النساء فقط، فالرجل الذكوري لم يأتِ على ذكر الرجل المطلّق فهو البطل ولا غبار عليه ويحق له تعليم الأجيال والمحاضرة في شؤون الحياة.

نحن نريد مجتمعاً غارقاً في الفرح، في الحياة، في المساواة، مجتمع يحتضن الضعيف، يمسك بيد من تصادفه أو اصادفها الازمات والمشاكل، مجتمع يحترم الخيارات الفردية والطلاق واحد منها، مجتمع وإن لم يشجع أو يسوّق للطلاق لكنه يعلم أن الكثيرات من المطلقات هن أقوى من الخانعات في سجون رجال ذكوريين ظالميين ساديين كارهين للحياة، مجتمع فيه حرية الخيار لا يحكمه الإنحلال الأخلاقي من جهة وشبح الموت وفساد الكبتاغون من جهة أخرى…

هذه نقاط قليلة من دراسة في علم الإجتماع والنفس أتحفنا بها هذا الرجل الذي سقط البارحة لكن سقوطه لا يدوّي فهو إبن الحزب الحاكم.

ولكن يبقى السؤال، أبهذا الفكر تحاربون داعش؟ وأبعد من ذلك أبهذا العقم ستنتصرون على إسرائيل؟!

(الأنباء)