في “الأنباء”: رسالة من “المستقبل” إلى بعبدا … عبر المشنوق

ليست المرّة الأولى التي يختار “المستقبل” فيها رفع السقف ضد تطبيع العلاقات مع النظام السوري، لكن هذه المرّة الردّ جاء تصعيدياً في الكلام، ومقروناً بالفعل، إذ في الوقت الذي أعلن فيه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أن “لقاء وزير الخارجية جبران باسيل مع وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم هو اعتداء سياسي على رئيس الحكومة وسنرد عليه بكل الوسائل”، كان المشنوق، يبلغ القصر الجمهوري عن اعتذاره من المشاركة في الوفد الرسمي الذي يرافق الرئيس ميشال عون إلى فرنسا، مع العلم أن كل الترتيبات كانت قد أنجزت، لمشاركة المشنوق في هذه الزيارة.

 لا شك أن موقف المشنوق وخطوته منسّقة إلى أبعد الحدود مع الرئيس سعد الحريري، وفق ما تؤكد مصادر مطّلعة في تيار المستقبل، وهو ردّ أول على اللقاء بين باسيل والمعلّم، لأنه يخالف توجهات الحكومة وبيانها الوزاري، ولأنها تأتي كمحاولة لممارسة المزيد من الضغط على الحريري ورؤيته السياسية، وبالتالي فإن المستقبل يريد الإنتفاض للرد على ذلك. وهذا ما قد يستتبع بمواقف سياسية أخرى، ستنتقل بالبلد إلى سجال ومواجهة جديدة، وفق ما يعتبر المستقبليون.

 لكن في المقابل، هناك من يخفف من وطأة هذا الحدث، إذ يعتبرون أن المستقبل أصبح معروفاً في سياساته، ولا يقدم إلا على المواقف الكلامية، فيما لن يكون له أي تأثير على المجريات السياسية، والدليل في زيارة الوزراء إلى سوريا من قبل، فيما لم تستطع الحكومة منعهم من ذلك. إلا أن لدى المستقبل نظرة واحدة وثابتة، هي ضرورة الحفاظ على الحكومة وعلى الإستقرار، وإتخاذ المواقف المعارضة لفرض أي شروط لا تتلاءم مع توجهاته، وبالتالي هو يتخذ المواقف التي يراها مناسبة، وإن كانت فقط تندرج في سياق تسجيل الموقف، لأن ليس المطلوب هو تفجير الوضع في البلد.

 ليس معلوماً إذا ما كان الموقف المستقبلي التصعيدي سيستتبع بمواقف أخرى، لكن الأكيد أنه رسالة بالغة عن إنعدام الإنسجام بين أركان التسوية حول السياسة الخارجية للعهد، على الرغم من كل الأجواء التي تشير إلى التفاهم على كل الشؤون التفصيلية الداخلية، فيما هناك من يعتبر أن المستقبل يجد نفسه مضطراً لاتخاذ هذه المواقف الشعبوية، خصوصاً على أبواب الإنتخابات، وهي لن تتطور أكثر من ذلك، ولن يكون لها أي تأثير سياسي يذكر.

 يريد المستقبل أن يقول إنه ينتقل من وضع سياسي إلى وضع مختلف، على الأقل على صعيد المواقف، بانتظار تفاهمات خارجية، قد تؤدي إلى تغيير الوجهة أو الإبقاء عليها، لأن التطبيع مع النظام السوري بالنسبة إليه أمر ممنوع، وبالتالي لن يسمح الحريري بجرّه بحكم الأمر الواقع إلى ما لا يريده.

ربيع سرجون – “الأنباء”