دول الشرق الأوسط على طريق التفكك؟‎

فريد خداج

أنباء الشباب

كثر الكلام في الاونة الأخيرة عن تأرجح ميزان القوى في سوريا لصالح النظام، فظهر بشار الأسد وكأنه عاد ليتحكم بزمام الأمور بعد مد وجزر قارب عامه السابع.

على صعيد أخر، برز في الساحة اللبنانية تهليل واضح لتقدم حزب الله في الداخل السوري، رافقه بعض من الغزل والتودد الرسمي اللبناني لنظام الأسد، ذلك طبعاً عبر وزير خارجية لبنان جبران باسيل الذي التقى بنظيره السوري وليد المعلم على هامش إجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، والذي اعتبر أن انتصارات الجيش السوري على الإرهاب ستحتم على أولئك الذين يتخذون موقفاً سلبياً من سوريا إلى التراجع عن هذا الموقف.

دولياً، أتت تعليقات الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتسلط الضوء على تغير واضح في النهج المقرر في المنطقة وعلى إعادة نظر في العديد من الخطط البعيدة المدى التي لم تتمكن الإدارة الأميركية من تطبيقها بعدما غُرز الشوك الروسي- الإيراني في قدميها. فظهر وكأنه لم يعد للولايات المتحدة أي مصلحة في الإطاحة بالأسد ومن هنا أعيد إنتاج نظامه. فمهما هلل محور الممانعة للدور المقاوم “للسيد الرئيس”، بات واضحا أن نظامه ضعيف البنية بغض النظر عن انتصارهنا أو تقدم هناك.

فقراره السياسي قد سقط لحظة الدخول المباشر لروسيا وإيران على خط الأزمة السورية. ومن هنا، برزت مصلحة المارد الأميركي في قيام بديل “فيدرالي” يخدم أهدافه الجيوسياسية في المنطقة.

الأمر الوحيد الواضح أن نقطة البداية ستكون إقليم كردستان الذي سيعلن عن الانفصال الكامل في شمال العراق بحيث يَتبع ذلك الإعلان عن إنشاء دولة كردية مستقلة قد تتمدد جغرافياً حتى الشمال السوري. فعلى الرغم من عدم تورط الولايات المتحدة الأميركية عسكرياً في المستنقع السوري بقدرروسيا وايران، إلا ان “العم سام” لم يبخل يوما في دعم وتدريب قوات سوريا الديمقراطية التي تقودها وتشكل عمودها الفقري وحدات حماية الشعب الكردية.

IMG_20170924_170510
هذه الدولة الكردية اذا قامت ستشكل حزام أمني كفيل في ترويض الجموح الفارسي والتركي المتمادي في المنطقة بما يخدم الكيان الصهيوني.

فبعيداً عن المؤمرات الكونية التي يبشر بها محور الممانعة، يبدو أن إسرائيل قد نجحت حقاً في خلط الأوراق السياسية في المنطقة. أولاً، في عهد السيسي، اتسعت العلاقة الإسرائيلية مع مصر لتصل الى درجات غير مسبوقة من الحميمية والود، ثم ضربت العلاقة الديبلوماسية بين دول الخليج وقطر؛ الداعم الأكبر لحماس، وأخيراً ظهرت مؤشرات تبشر بإمكانية وجود مباحثات سرية بين الرياض وتل أبيب قد تحضر لاتفاق سلام في المنظقة.
من هنا، يبقى فقط على إسرائيل أن تجد حل للفتور التركي وللعداوة الإيرانية. لذلك، بوشر العمل بشكل جدي لسلخ أربيل عن بغداد وجعل المنطقة الكردية ساحة لخدمة مصالح إسرائيل السياسية والأمنية.

ان حق المكون الكردي بقيام دولته موضوع شائك يحتاج إلى حديث مطول ومعقد قد يكون في وقت لاحق، أما الآن فمن الضروري على الكتل السياسية الكردية أن لا تنظر الى الأمور بعين العاطفة بل عليها أخذ الحيطة والحذر من حتمية تغيير الخارطة الجغرافية في المنطقة كي لا ينتج عنها مردوداً عكسياً لا تحمد عقباه. فأحلام الاستقلال الوردية قد تتبدد ليأتي مكانها وصاية ومصادرة للقرار أو حتى صدام مسلح. فالحقيقة البائنة هي أن القوى الكبرى تضع مصالحها الاقتصادية والسياسية قبل كرامة شعوب المنطقة.

فالمعادلة الدولية التي أتت بعد معاهداتي “سايكس- بيكو” و”لوزان” أثبتت أن الأكراد كانوا الخاسر الأكبر بعد تقاسم مناطق نفوذ السلطنة العثمانية. حينها،أحبطت فرنسا وبريطانيا الحلم القومي للأكراد للمحافظة على مصالحها الاقتصادية أبان اكتشاف النفط في المنطقة. ثم استمرت حالة اللامبالاة الدولية تجاه القومية الكردية حتى تحرك اللوبي الاسرائيلي لتحقيق الهدف الانفصالي باخراج أميركي.

*امين سر مكتب عاليه في منظمة الشباب التقدمي

(أنباء الشباب، الأنباء)