سوق عكاظ “الإلكتروني”

باتت وسائل التواصل الإجتماعي وخاصة “فايسبوك” أشبه بسوق عكاظ. تفتح صفحتك كل يوم لتجد “ما هبّ ودبّ” من التعليقات والحِكم والقصائد والوجدانيات والصور المتعددة التي تكتب فوقها الخواطر أو عبارات الحب والأدب، أو “قلّة الأدب”.

معظم الناس تحولوا على مواقع التواصل الى شعراء وأدباء أو الى منظّرين وسياسيين أو محللين أو معالجين نفسيين أو أطباء يداونك بالأعشاب والوصفات السحرية. ناهيك عن استخدام البعض هذه الوسيلة الى سلاح “دمار شامل”. فهذا يلقي برميلا متفجرا من الكلام، وذاك يطلق صواريخه النووية بإتجاه من يخالفه رأياً، وآخر يحرّك اساطيله من الرفاق لشنّ هجوم كاسح على شخص كتب شيئا لم يعجبه.

وبالعودة الى سوق الشعر والشعراء وكلام الحب والإطراء، فكاتبها يحسب كلماته واحة في صحراء، أو بدرا ينير الليالي الظلماء. أما اللغة فحروف مكسّرة، وكلمات “من كل وادي عصا”، وويلك ويا “سواد ليلك” إن انت قصرّت بواجب التعليق على “ملحمته”، وإن كررّت تجاهلك مرة وثانية وثالثة، فستكون كمن “أتى بالدّب الى كرمه”، فتسمع نقدا وعِتابا، وبعدها حذفاً من قائمة الأصدقاء غيرَ مأسوفٍ عليك.

أما الصور الشخصية، فحدّث بلا حرج. لا خصوصية ولا خجل أحياناُ. حتى أن المُشاهد بات كأنه يعيش اليوميات والتفاصيل.

“بوستات” وصور، قلّ ما تجد فيها ما يفيد بشيء ، سوى أنك تكتشف نسبة الجهل الذي يضرب مجتمعاتنا، أو لتعرف كم تبلغ نسبة مرضى “الأنا”، والمرضى النفسيين.

وتسأل نفسك، لماذا مجتمعاتنا تسيئ دائما إستخدام التكنولوجيا وكل ما هو مستورد من ثقافات العالم؟.

(*) سامر ابي المنى- “الانباء”