اهمية الزيارة الروسية

جليل الهاشم

ليس كافياً تقييم زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري الى موسكو من منطلق جدول الاعمال التقليدي الذي يتضمن مجموعة من مذكرات التفاهم المتبادلة والتي تتناول شؤوناً تجارية وتربوية وثقافية فهذا الجدول هو من أبسط الامور التي يمكن تناولها في أي لقاء بين الحكومة اللبنانية وطرف آخر.

أهمية الزيارة تنبع أولاً من مستوى اللقاءات التي تخللتها بدءاً بوزير الخارجية سيرغي لافروف ثم رئيس الحكومة الرئيس الروسي السابق ميدفيديف ختاماً بالرئيس فلاديمير بوتين وما دار في هذه اللقاءات من أبحاث تعدت العلاقات الثنائية الى شؤون المنطقة والدور الروسي المتعاظم فيها وما يمكن ان يكون لهذا الدور من تأثير في رسم الخرائط المقبلة وموقع لبنان فيها.

لم تكن روسيا يوماً بعيدة عم منطقتنا فمنذ العهد القيصري كانت موجودة وأساطيلها قصفت بيروت يوماً بوصفها مدينة عثمانية ساحلية عام 1770، وفي زمن الإتحاد السوفياتي كان الروس اول من دافع عن حق لبنان بالإستقلال ولا ينسى اللبنانيون أول فيتو رفعه المندوب السوفياتي فيشانسكي في وجه الإنكليز والفرنسيين وكان لمصلحة استقلال لبنان وسوريا. ثم تطورت العلاقات لتكون موسكو الداعم الأول للبنان الرسمي وللحركة الوطنية اللبنانية في زمن الحرب اللبنانية ولتقدم  التسهيلات لآلاف الطلاب اللبنانيين من مختلف المناطق عبر حلفاء موسكو اللبنانيين.

لافروف الحريري

بالطبع لسنا في زمن القياصرة ولا في زمن السوفيات بل في زمن روسيا الجديدة التي تحاول من موقع رأسمالية الفريق الحاكم موازنة الدور التاريخي الذي يلعبه النظام الرأسمالي الأميركي في المنطقة وعلى مستوى العالم. والمقارنة بين حجم الدورين خطأ فأميركا لا تزال الأقوى عالمياً وان كانت روسيا تبدو في سوريا الآن الأقوى على الأرض بتحالفاتها الواسعة والمتناقضة.

من هنا يبدو خيار التوجه الى موسكو والرهان على دورها خياراً حريرياً صائباً خصوصاً ان هذه الزيارة سبقتها لقاءات مماثلة في البيت الأبيض والإليزيه. وصحة هذا الخيار تنبع من رؤية مفادها ان زمن التسويات ربما اقترب كثيراً وعلى لبنان ان يحفظ حقوقه وفي طليعتها استقرار دولته ومؤسساته ونظامه الديمقراطي. إضافة الى تخففه من عبء مئات الوف النازحين السوريين وعودتهم الى بلدهم ضمن التسويات المطروحة وهذا بالطبع يتطلب رؤية على مستوى القيادة السياسية اللبنانية وتنسيقاً مع القوى العظمى التي تتحكم بمصير المنطقة. وهو ما يراه اللبنانيون أمراً ضرورياً ومنه ينظرون الى جولات الحريري وآخر محطاته في روسيا.

(الأنباء)