“التقدمي” يطلق النقاش حول “النفط والغاز”: تعزيز الشفافية لإبعاد الشبهات

الريفييرا- “الأنباء”

برعاية رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، نظم “الحزب التقدمي الإستراكي”  ومؤسسة “فريدريش إيبرت” مؤتمراً في فندق الريفييرا- بيروت، بعنوان: “النفط والغاز: السياسات والفرص”، بحضور كل من: عضو اللقاء الديمقراطي النائب هنري  حلو ممثل صاحب الرعاية، نائبيّ رئيس الحزب دريد ياغي والدكتور كمال معوض، أمين السر العام ظافر ناصر، ممثل وزير المهجرين طلال ارسلان ربيع كرباج، مدير عام  النفط اورورا  فغالي، رئيس مجلس ادارة هيئة قطاع النفط وسام شباط وأعضاء الهيئة، أعضاء مجلس القيادة في الحزب، المفوضين، وكلاء الداخلية، ممثلي الاحزاب والقوى السياسية وحشد من الشخصيات والفاعليات.

توزعت أعمال المؤتمر على يومٍ كامل تضمن نقاشات معمقة ورؤى علمية قدمها عدد من أصحاب الإختصاص في هذا القطاع، لتسليط الضوء على مختلف العناوين والإشكاليات التي ترافقه.

بداية، مع النشدين اللبناني ونشيد الحزب، ثم كلمة تعريف من الإعلامية غادة غانم العريضي، قالت فيها: “ايمانا منه بوجوب الارتقاء بالقضايا الوطنية لما فيه تحقيق التنمية المستدامة التي يتوق إليها اللبنانيون ونظراً لأهمية الثروة النفطية الواعدة في مياهنا الإقليمية وانعكاس دخول لبنان نادي الدول المنتجة للنفط على البشر والحجر أراد الحزب التقدمي الاشتراكي ان يتوقف وأهل الاختصاص في محطة بحجم حلم اللبنانيين، بوطن يستثمر موارده لتحسين معيشتهم “.

اضافت: “لا شك أن المطلوب مقاربة هذا الملف بشفافية ولا بد من التوقف عند الأطماع الإسرائيلية لمواردنا. لذلك، على القطاعين العام والخاص بلورة سياسات الإفادة من ثروتنا المنتظرة لا سيما وأن واقعنا الإقتصادي والاجتماعي يحتم علينا ذلك”.

حريز

بعد ذلك، تحدثت عضو مجلس القيادة لما حريز، فقالت: “ليس بالمستغرب ان يعنى  الحزب التقدمي الاشتراكي بملف النفط والغاز في لبنان لما لهذا القطاع من تأثير مستقبلي على الوضع الاقتصادي والاجتماعي في لبنان! فالحزب قد ركز في مؤتمره العام المنعقد في شباط 2017 على ضرورة تحييد الوضع الاقتصادي والمالي عن التجاذبات السياسية القائمة، وانطلاقاً من هذا، صار الدعوة إلى مؤتمرنا هذا ليتناول موضوع (النفط والغاز) من جانبيه الاقتصادي والاجتماعي وكيفية انعكاس ذلك على اللبنانيين!”.

اضافت: “ان الحزب يتعاطى مع قطاع النفط والغاز بتأنٍ وتروٍّ نظراً لأهمتيه الجيوسياسية في ظل الصراع الاقليمي القائم: من جهة اولى، إن العدو الإسرائيلي يطمع لقضم بضع كيلومترات من حدودنا البحرية، ويواصل تهديده بشن حرب على لبنان، وكان آخرها المناورات غير المسبوقة التي يقوم بها على حدودنا. ومن جهة ثانية، هناك خط عبور أنابيب الغاز، إن لجهة تكلفتها الباهظة أو لجهة غياب المفاوضات مع الأتراك والقبارصة حول إمكانية مد أنابيب غاز مشتركة. ومن جهة ثالثة، هناك شأن إيجاد الأسواق المناسبة! فالسوق المحلي محدود وضيق، وكلفة السوق الأوروبي باهظة، والسوق الأردنية احتكرها العدو الإسرائيلي”.

تابعت: “امام هذه التحديات الإقليمية يأتي الدور الهام الذي يجب ان يمارسه كل من مجلس النواب، الحكومة والوزارة المعنين في كيفية إدارة هذا الملف. وهنا لا يخفى على احد التخوف المتزايد من تغلغل الفساد في إدارات الدولة إذ أن أي خلل أو تراخ سيؤدي إلى ضياع فرص لبنان من الاستفادة من ثروته النفطية والغازية، كما وإلى المزيد من تردٍ للوضع الاقتصادي والاجتماعي”.

وقالت: “وفي سياق الكلام عن كيفية إدارة هذا القطاع لا بد إلا من الثناء على الجهود التي بذلتها هيئة إدارة قطاع البترول خلال السنوات القليلة الماضية لجهة تسويق الموارد الهيدروكاربونية ووضع الاجراءات والآليات المناسبة لإدارة ومراقبة هذا القطاع وهذا ما شجع الشركات النفطية للمجيء إلى لبنان. وفي إطار تحسين آلية عمل الهيئة لا بد من تأمين استقلاليتها المطلقة كما وتحصينها بالاطر القانونية والمالية اللازمة لتمكينها من ممارسة دورها الناظم للقطاع بشكل مستقل ما يؤمن التوازن السليم بين كافة الجهات الحكومية من جهة والمؤسسات التجارية من جهة اخرى وذلك ضمن إطار سليم من الحوكمة”.

تابعت: “وهنا لا بد من التذكير ببعض الملاحظات والتساؤلات التي كان قد سبق واثارها حزبنا في مناسبات عدة والتي نذكر بعضها:

1-  غياب الخطط والاستراتيجيات لتطوير هذا القطاع

2-  استبعاد مشاركة الدولة الفعالة في ادارة الانشطة البترولية وتعزيز قدرات الدولة من خلال انشاء شركة وطنية

3-  عدم الوضوح لجهة ضرورة تأهيل شركات قد تكون محسوبة على مسؤولين ذوي مصالح خاصّة للدخول في عمليات الأنشطة البترولية.

4- اعتماد اجراءات مستغربة في ادارة المعلومات الجيولوجية وعائداتها المالية.

5-  ضرورة اعتماد اجراءات شفافة لتقييم العروض والتلزيمات المرتقبة.

6-  الحث لاجراء خطوات متقدمة لتثبيت حق لبنان في الاستفادة من موارده في المناطق البحرية كافة.

اضافت حريز: “وعلى ضوء كل ذلك ومن قناعته بان  الثروة النفطية المرجوة ستكون مصدراً أساسياً  للتنمية لكل اللبنانيين وايضاً ستكون  مدخلاً لمكافحة الجمود الاقتصادي فإن الحزب يعتبر هذه الثروة فرصة مناسبة للنهوض بلبنان اقتصادياً وإنمائياً إلى المستويات اللائقة ولذلك فانه يطرح هواجسه في هذا الملف تخوفاً من ضياع الفرص الاقتصادية والاجتماعية على اللبنانيين  على الشكل التالي:

-الهاجس الأول: تأثير  الوضع المتهالك للمالية العامة على جهوزية الدولة وقدرتها على توظيف عائدات القطاع في استثمارات مناسبة.

-الهاجس الثاني: غياب خطة الدولة الاقتصادية  والإنمائية التي تحدد بصورة موضوعية حاجات الاقتصاد اللبناني والفرص المتاحة أمامه من الثروة النفطية.

-الهاجس الثالث: التلكؤ في إنشاء صندوق سيادي بعيد عن المحاصصة  والمخاصمة تكون الغاية منه استثمار عائداته في قطاعات اقتصادية مختلفة ومنتجة منها البنى التحتية، الطاقات المتجددة و قطاع التكنولوجيا.

-الهاجس الرابع: المماطلة في وضع التشريعات النفطية (لناحية قانون الأحكام الضرائبية وقانون إنشاء السجل البترولي وتأثيره على نظرة وثقة الشركات النفطية بالدولة اللبنانية.

وأكدت ان “كل هذه الهواجس والنقاط يرى حزبنا من الفائدة أن يتناولها هذا المؤتمر المتخصص في السياسات والفرص المتاحة  لنقاربها بالمنطق العلمي بعيدا عن التجاذبات السياسية لما في ذلك من مصلحة لبنان واللبنانيين وان هذا المؤتمر سيكون انطلاقة لعمل جدي وموضوعي ينتهجه الحزب في كافة جوانب هذا القطاع.

IMG-20170913-WA0033

غبريل

بعدها تحدث كبير الباحثين في بنك بيبلوس الدكتور نسيب غبريل، فقال: “يزداد الحديث هذه الأيام وتكثر التحليلات عن إمكانيات قطاع النفط والغاز في لبنان وكيف سيتحول لبنان الى دولة مصدرة للطاقة وكيف ستؤدي الواردات المالية الى استبدال العجزالحالي في الموازنة العامة الى فائض وكيف سيطفئ الدين العام وعلى أية مشاريع ستنفق المليارات القادمة، الى ما هنالك من أحلام يقظة غازيةونفطية. لا بل بدأنا بإنفاق هذه الواردات منذ الآن وكأننا أصبحنا دولة نفطية منذ زمن بعيد”.

اضاف: “وأمامنا مثال على أن اكتشاف النفط واستخراجه وتصديره لا يحلّ المشاكل الإقتصادية القائمة ولا التحدّيات في الماليّة العامة لا بل يمكن أن يفاقمها بسبب سوء إدارة الموارد الجديدة.وتجربة غانا واضحة في هذا المجال، ووضعها الماليّ والإقتصاديّ شبيه لوضع لبنان”.

تابع: “فبعدما كانت غانا تُنتِج كميّات متواضعة من النفط، تم اكتشاف في المياه الإقليميّة حقل Jubilee للنفط في الـ2007الذي يحتوي على احتياطات ضخمة.وبدأ الإنتاج في العام 2011فارتفع من 2,2 مليون برميل في السنة إلى 25 مليون برميل نفط في العام 2011 ووصل إلى 39مليون برميل نفط في العام 2013”.

اضاف: “كما ارتفعت صادرات النفط من 11,600 برميل يوميًا في العام 2011 إلى 41 ألف برميل يوميًا في العام 2013. وطبعًا، إنتاج وتصدير النّفط أدّى إلى ارتفاع في الحركة الإقتصاديّة، إذ ارتفعت نسبة النمو الحقيقي للناتج المحليّ من 5% سنويًا بين العام 2000والـ2007 إلى 9,8% سنويًا بين العام 2011 والـ2013مع وصول نسبة النّمو إلى مستوى قياسيّ بلغ 14% في العام 2011”.

IMG-20170913-WA0036

واشار الى ان “سوء إدارة الماليّة العامّة، وارتفاع النفقات العامّة، خصوصًا في المواسم الانتخابية، أدّى إلى اتّساع العجز في الموازنة من 5%من الناتج المحلي سنويًا بين العام 2000والعام  2009إلى عجز بلغ معدّله السنوي 10% من الناتج المحلي بين العام 2011 والعام 2013 ووصل إلى عجز بلغ 12% من الناتج المحلي في العام 2013. وهذا أدّى إلى ارتفاع الدين العام من 30%من الناتج المحلي في العام 2006 إلى 70% من الناتج في العام 2014، ووصل إلى 73,4% في العام 2016. وارتفع الدين العام خصوصًا منذ العام 2011، أي بعد إرتفاع إنتاج النفط وتصديره”.

وقال: “وبسبب سوء التقدير، ارتفع احتياط المصرف المركزي الغاني بالعملات الأجنبية بشكلٍ طفيف، أي من 4,7 مليار دولار في العام 2010 إلى 5,3مليار دولار في العام 2012 قبل تراجعهإلى 4,6 مليار دولار في العام 2013. وكلّ هذه العوامل أدّت بدورها إلى تدهور سعر صرف العملة الغانية cedi بنسبة 56% بين كانون الأول 2010 وأيار الـ2014، أي قبل هبوط أسعار النّفط العالميّة”.

واشار الى ان “كل هذه التطورات أدت إلى خفض التصنيف الائتماني السيادي لغانا من قبل وكالات التصنيف العالمية ليصل إلىB-، أي ست درجات دون المستوى الاستثماريInvestment Grade. وهذا التّدهور في الماليّة العامّة وفي سعر صرف العملة المحليّة أرغم السلطات الغانية إلى طلب مساعدة صندوق النقد الدولي الذي فرض شروطه القاسية من ضرائب وإصلاحات.وتُقدَر احتياطات غانا بـ674 مليون برميل من النفط و بـ25 مليار متر مكعّب من الغاز. ولكنها ما زالت تعاني من تداعيات الإستلشاء وعدم ضبط النفقات العامة وعدم الاستفادة من واردات الصادرات النفطية لتعزيز الاحتياطي بالعملات الأجنبية”.

اضاف: “والواضح أن لبنان بدأ يعاني من الظّاهرة الإقتصاديّة المعروفة بـ”المرض الهولندي” أو Dutch Diseas، وذلك 10 سنوات قبل أوانه. إذ اننا نتصرّف حاليًا وكأننا بدأنا نسبح ببحر من مليارات الدولارات منعائدات النفط والغاز. والبعض بدأ يستبق الأمور بشكل خطر بالتّسويق لموجودات في المياه الإقليميّة اللبنانيّة وتقديرها بمبالغ تتراوح بين 100 مليار دولار إلى 350 مليار دولار من العائدات المستقبليّة.

وأشار الى ان “هذه التقديرات ليست مبنيّة على أي أساس واقعي أو علميّ، إذ أن كل ما حصل لغاية اليوم هو المسح الذي أجرته شركات أميركيّة ونروجيّة. وقد حذّرت هذه الشركات أن كلّ هذه الدراسات والمسوحات لا يمكنها أن تحلّ مكان أو تستبق عمليّات التنقيب. هذا لأن هناك محطّات عديدة يجب أن يمرّ بها لبنان قبل معرفة إذا يوجد جدوى تجاريّة للاستفادة من النفط والغاز”.

IMG-20170913-WA0033

تابع: “فهناك أسئلة عديدة لا أحد يملك الجواب عليها قبل بدء عمليات التنقيب. إذ أن التنقيب سيسمح باكتشاف فعليًا ما لدينا في قعر البحر، أي ما هي الكميّات الموجودة، وعلى أيّ عمق وما صعوبة أو سهولة استخراجها، وما هي كلفة الاستخراج. وإذا وصلنا إلى هذه المرحلة، أي تحديد كلفة الاستخراج، يجب أن نلحظ حالة الأسواق العالميّة، أي ما هي الأسعار العالميّة للنفط أو للغاز؟ وهل كلفة الاستخراج أعلى أو أقل من هذه الأسعار؟ وهل الأسواق العالميّة لديها فائض؟ وما هو الطلب العالمي؟ ولكن بدأنا ننفق واردات النفط والغاز قبل الحصول على أجوبة عن أي من هذه الأسئلة”.

ولفت الى انه “إذا كانت كلفة الاستخراج أعلى من الأسعار العالميّة، فلا يمكننا التصدير. وإذا وُجدَت كميّات كافية، يمكن استخدامها محليًا بدل الاستمرار في استيراد المواد النفطيّة. ولكن نحن بحاجة إلى بنية تحتيّة جاهزة لاستخدام الغاز للطلب المحلي، فأين هي مشاريع هذه المنشآت والبنى التحتية؟. لكلّ هذه الأسباب مجتمعة، علينا التحلي بكثير من الواقعية وخفض التّوقعات بما يخصّ عائدات النفط والغاز في انتظار نتائج التنقيب”.

وختم قائلا: “في هذا الوقت والى حين ظهور نتائج ملموسة وعوض عن التصرف كأننا أصبحنا كويت آخر من حيث الفائض المالي والصندوق السيادي الذي يحتوي على مئات المليارات، علينا إعطاء الأولويّة للجم وتخفيض النفقات العامة، ومكافحة التهرّب الضريبيّ وتفعيل الجباية، وإعطاء حوافز للنمو الإقتصاديّ من خلال تحسين المناخ الاستثماريّ الذي هو في تراجع وتطوير بيئة الأعمال ورفع مستوى تنافسيّة الإقتصاد وتخفيض الاعباء التشغيليّة عن كاهل الشركات والمؤسّسات في القطاع الخاص، ورفع مستوى الخدمات العامة، والإصلاح الجذري للإدارة العامة. هذا بدل فرض ضرائب ورسوم، أو زيادة ضرائب ورسوم موجودة؛ إذ أنّ القطاع الخاصّ توقّع من الحكومة الحاليّة أن تقدّم حوافز لدعم النمو والإستثمار التي لا يزال الجميع بانتظارها”.

فوكت

ثم تحدث مدير مؤسسة “فريديش ايبرت” آخيم فوكت، فحيّا الحزب التقدمي الاشتراكي على مبادرته في فتح النقاش الهام حول هذا القطاع الحيوي للاقتصاد اللبناني، مؤكداً “على ضرورة مواكبة العمل في هذا المجال ومتابعته على المستويات التشريعية والتنظيمية والتنفيذية”، مشدداً على “أهمية إتباع إجراءات الشفافية في كل مراحل العمل”.

حلو

اما كلمة راعي الاحتفال القاها النائب هنري حلو، فقال: ” أودُّ بدايةً أن أنقُلَ إليكُم تحيات رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط الذي كَلَفني تمثيلَه في هذا المؤتمر، وتمنياتِه بأن تكونَ النقاشات اليوم مفيدة، وتساهِمَ في الإضاءة على مبادىءَ مهمة وأساسية لِوَضْع السياسات السليمة لإِدارَة ثروتِنا البترولية الموعودَة، مستفيدينَ مِنْ تجاربِ الدول الأخرى،  بما يُتيحُ لِلُبنان الإفادةَ من الفرَص التي تُوَفِرُها هذه الثروة، بدلاً مِنْ تَفويتِ فرصةٍ جديدة، كَما فَعَلْنا أكثرَمِن مرّة في هذا البلد، يا للأسف”.

اضاف: “لَنْ أعودَ اليوم إلى الوراء، لا إلى التأخير والسنواتِ التي ضاعَت قبل اعتمادِ مرسومَي التنقيب عن النفطِ والغاز، ولا إلى الظروفِ التي أدّت، بِسِحْر ساحِر، إلى ولادَتِهِما، والتي أَوْحَتْ بِوجودِ صفَقَةٍ سياسيةٍ قائمةٍ على تَقاسُم الحصص”.

تابع: “كُلُ ما نأمَلُه أن لا تكونَ شُكوكُنا في مَحَلِها، لأنَ هذه الثروة يجب أن تكونَ لِكُل مواطنٍ لبناني، لا لِقِلّةٍ مِن المُنتَفِعين، ويجب أن تُستخدَم لِلنهوض بلبنان وباقتصاده، من أجل غدٍ أفضلَ لأجيالِنا المُستَقَبلِيَة، لا أن يتمَ إهدارُها في إنفاقٍ غير مدروس”.

وقال: “إنَّ ما يُضفي أهميةً أكبرَ على مؤتمركُم اليوم، هوَ أنه ينعقِدُ قبل أيامٍ مِنْ جلسةٍ تشريعيةٍ عامَةٍ، نأمل أن يقرَّ مجلسُ النوابِ خلالَها مشروعَ قانونِ الاحكام الضريبيةِ المتعلقَةِ بالأنشِطَة البترولية، الذي يستكمِل المنظومةَ التشريعيةَ ويفتحُ الطريقَ أمام بدء المرحلة العملية للمسار النفطي، إذ يُصبح في الإمكان استدراجُ العروض لِتَلزيم بلوكات النفط، بعد أن تم تمديدُ موعِدِ تقديم طلباتِ المزايَدَة لِدورة التراخيص الاولى من 15 ايلول الى 12 تشرين الاول المقبل. وفي هذا الإطار، نُشدِدُ على أن القوانينَ الضريبية ذاتِ الصِلَة بالقِطاع النفطي يجب أن تُحقِقَ التوفيقَ والتوازنَ، بين حق الدولة من جهة، وتشجيعِ الشركات على الاستثمار في القِطاع، من جهة ثانية”.

اضاف حلو: “في كل الأحوال، وباعتماد هذا القانون، واكتمالِ الإطار القانوني،  نصبحُ أمامَ الإمتحانِ الحقيقيّ: امتحان الشفافية.  إنّ المرحلةَ المقبلة تتطلّبُ قدراً كبيراً  من الشفافية،  لأنَّ هذه الشفافيّة هي حجرُ الزاوية لإدارةِ الثروةِ النفطيةِ.

0

فالشفافية أساسُ الثِقَة،  سواء أكانتْ ثقةَ الشَعب اللبناني،  أو ثقةَ الشركاتِ العالميةِ الكبرى التي ستُقدّم عُروضَها.   لقد تعوّدْنا، مع الأسف، في مناقصاتِنا، على ممارساتٍ كثيرة تنتهِكُ مبدأ الشفافيّةِ هذا،  مِنْها تفصيلُ دفاترِالشروط على قياسِ شركاتٍ معيَّنة،  أو تغييرُ المواعيد، أو سوى ذلك. إنّ اللبنانيينَ يتخوّفون من تغلغُلِ الفسادِ في إدارةِ الثروةِ النفطية والغازِيَّة.

ومن هذا المُنطلق، يُشكِّلُتأمينَ الشفافيةَ في كافة مراحلِ إدارةِ القطاعْ، أحدَ أهم المبادئِ الواجبِ اتباعُها وممارسَتُها.

غير إنّاللبنانيّينَما عادوا مستعدّينَ للاكتفاءِ بشعاراتِ الشفافيةِ التي لا تُطَبَّق، بل المطلوبُ آليّاتٌ واضحة وعلميّة وموضوعيّة تَضْمَنُ التطبيقَ الفعليَّ لهذا المفهوم”.

تابع: وفي هذا الإطار، ينبغي إنشاءَ هيئةِ مراقبةٍ مستقلّةٍ تُشرِفُ على عمليّة فضّ وتقييم عروضِ الشركاتِ،

وتُراقبُ آليّةَ مَنْحِ التراخيصِ في دورةِ التراخيص الأولى. كذلك يجب اتّباعُ آلياتٍ لإشراكِ مجلسِ النواب في مراقَبَةِ كل الخطوات المتعلقة بالثروة البترولية، ضماناً لِرقابة ومساءلة فاعلتين. ومِن الضروريّ أيضاً نشرُ كافةِ المعلوماتِ عن الشركاتِ المتقدّمة للحصول على التراخيص،  في ما يتعلق بعروضها وخططها،  ونشرُ التفاصيلِ المتعلقةِ بعمليّات الإستكشافِ والإنتاج، وكمِّياتِ الإنتاج، وحصّةِ الدولة في بترول الربح،  وقيمةِ ونوعيّة المصاريف المُستَرَدّة، وغير ذلك.

IMG-20170913-WA0019

واشار الى انه “من الشروطِ المهمّة لتحقيقِ الشفافيّة، إنشاءُ سِجِّل بِتْروليّعلى طريقة السِجِلّ العِقارِيّ و السِجلّ التجاريّ، لتسجيل الحقوق البتروليّة. ونظراً إلى أهميّةِ الدور المنتظَر لهيئة إدارةِ قطاع البترول،ُيفتَرَضُ أنْ يتمّ اعتمادُ معاييرَ وأطرٍ قانونيّةٍ وماليةٍلتحسينِ آليّة عمل الهيئة، وتوفيرُ الحَوْكَمَةِ الفُضلى والسليمة لها، وتمكينُها مِنْ ممارَسَة دورها الناظِم لِلقطاع بشكل مستقِلّ،  وجعل أدائها ضامناً للثروة النفطيّة. وينبغي أن تضمَنَ هذه المعايير الحَدَّ مِنْ أي استِنْسابٍ قد ينجُم عَنْ الصلاحياتِ الواسعة لوزير الطاقة الذي ينبغي أن تكونَ سلطتُهُ محصورةًبالرقابةِ والإشراف”.

اضاف: “أما الإمتحانُ الآخر المُوازي لِلشفافية، فهو استخدامُ العائداتِ النفطيةِ المتوقَعَة في المَكانِ الصحيح والمُفيد. وفي هذا الإطار، ينبغي الحرصُ على ألا يتمَ التعاملُ مع عائدات النفط والغاز على أنها مكسبٌ آنيّ،  ويجب بالتالي أن تٌجَمَّدَنسبة مِنها وألاّ تُستَخدَمَ لأغراض آنية بل أن تُوضَعَ في تَصَرُفِ الأجيالِ المُقبلِة. وإذا كان قانونُ الموارد البترولية في المياه البحرية لَحَظ صندوقاً سيادياً لِإيداع عائداتِ الأنشطةِ والحقوق البترولية فيه، فيجب أن ُتحَدَدَ بوضوح نسبةُ العائدات التي سَتُجمَّد للأجيالِ المقبلة، وتلك التي ستُخَصَصُ لِسَدّ الدين العام، وتلك التي ستُوظَفُ في استثمارات خارجية”.

IMG-20170913-WA0022

واكد انه يجب أن يكونَ معروفاً ما هو نوعُ هذه الاستثمارات، وأيةُ جهة سَتتولى تحديدَ الاستثماراتِ ووِفْقَ أيةِ أسُس. كذلك يجب تحديدُنسبةِالعائدات التي ستُوظَفُ لِإنشاءِ بُنىً تحتيةٍ،  وكيفَ سيتمُ تحديدُ الأولَويات في هذا المجال، إنْ لِجهَةِ طبيعَةِ هذه البُنى التحتية أو لِجهَة ضمانِ الإنماءِ المتوازن. إن أموالَ الصندوق السياديّ يجب أن يكونَ جزءٌ مِنها صمامَ أمانٍ لِمُستَقبَلِ أولادِنا، وأن يُستَثمَرَ جزءٌ آخر في تطوير الإقتصادِ وتنشيطِه، من خلال تحسين البنى التحتية، ودعم القطاعات البتروكيماوية، والطاقة البديلة،واقتصاد المعرفة وخصوصاً التكنولوجيا، والشركات الصغيرة والمتوسطة، وسوى ذلك من القطاعات التي تساهم في تحفيز النمو وتوفير فرص العمل”.

واشار الى انه “لا بدَّ مِنْ أن يُدارَ هذا الصندوقُ أيضاً بأقصى حد من الشفافية،  وأن تتوافر آليات الرقابة عليه.  إن العائداتِ المتأتيةِ من نفطِنا البحر، يجب ألا ترمى في البحر، وألا تذوب في إنفاق اعتباطي، بل يجب أن تنتَشِل اقتصادنا من أعماق الأزمة، وتقودَه إلى شاطىء الأمان، من خلال الاستخدام السليم لها.  إن عصرَ النفطِ الآتي على لبنان يجب أن يقتَرنَبخطة اقتصادية يتم على أساسِها توجيهُالعائداتِ في الإتجاهِ الصحيح،  وبإصلاحات هيكلية تَضْمَنُ عدم تبخّر الأموالِ المنتظرَة. وإذا لم يحصل ذلك، نكونُ ضَيَّعْنا فرصةً جديدة، كَتِلكَ الفرص الكثيرةِ التي ضَيّعْناها عَبرَ تاريخِنا.

بعدها استكمل المؤتمر أعماله، حيث تم عقد ثلاث جلسات، الأولى بعنوان: “النفط والغاز: السياسات والفرص”.

ترأس الجلسة الإعلامي موريس متى وتحدث فيها كل من الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور غازي وزني عن تأثير النفط والغاز على الإقتصاد اللبناني، رئيس الجمعية الاقتصادية اللبنانية والمستشار في وزارة المالية الدكتور منير راشد عن الإستراتيجية الإقتصادية وخارطة الطريق للإستفادة من القطاع.

– الجلسة الثانية أتت تحت عنوان: “الأولويات المحلية: التجارب السابقة والفرص الوطنية”، وتحدثت فيها الخبيرة النروجية تونجي غورملي عن الواقع النروجي في هذا القطاع تلتها مداخلة لعضو هيئة إدارة قطاع النفط والغاز وليد نصر حول خطة تطوير قطاع النفط والغاز والسيناريوهات المطروحة.

– الجلسة الثالثة ترأسها الإعلامي عدنان كريمة وعقدت تحت عنوان: “آليات الحكومة وإشكالياتها” وتضمنت مداخلة حول الضرائب لعضو هيئة إدارة قطاع النفط والغاز (LPA) وسام الذهبي، ثم مداخلة حول واقع الشركات النفطية الوطنية في العالم العربي ولبنان للخبير النفطي وليد خدوري، ثم مداخلة عن دور الأحزاب السياسية لعضو مجلس القيادة في “التقدمي” جهاد الزهيري، تلتها مداخلة عن التحديات والمصاعب في لبنان للمديرة التنفيذية لجمعية المبادرة اللبنانية للنفط والغاز في لبنان السيدة ديانا القيسي.

التوصيات:

وفي ختام المؤتمر أعلنت عضو مجلس قيادة “التقدمي” لمى حريز التوصيات الصادرة، وأبرزها:

أولاً: أهمية الإستفادة من قطاع النقل والغاز لتطوير الاقتصاد اللبناني وخلق فرص عمل.  حيث يجب   ان تكمن  اهداف الصندوق السيادي في استثمار امواله لتأمين الإستقرار المالي والإقتصادي  شرط ان يكون مبنياً على أسس الحوكمة السليمة  والشفافية والكفاءة في التعيينات وأن يكون مستقلاً عن المحاصصة السياسية.

ثانياً: أهمية تطوير المحتوى المحلي وضؤورة مواكبة الدولة لحاجات هذا القطاع  على المستوى التخصصي والتقني، على أمل أن يستفيد لبنان من التجربة النروجية في قطاع النفط والغاز.

ثالثاً: على مستوى الشركة الوطنية دعا المؤتمر ان يصار الى تأسيسها عندما تدعو الحاجة، بالشراكة بين القطاعين العام والخاص.

 رابعاً: فيما خص قانون الإجراءات الضرائبية  التي يحضر الآن على نار حامية دعا المؤتمر الى اقراره في الجلسة التشريعية المقبلة في التاسع عشر من الشهر الحال، وان تكتمل المنظومة القانونية لإدارة شفافة وواضحة للقطاع بعيدا عن كل احتمالات الفساد.

خامساً: اهمية الاستفادة من مبادرة الشفافية التي اعلنت الدولة اللبنانية رادتها بالإنضمام اليها ، ودور الأحزاب  والمجتمع المدني في ممارسة الرقابة البناءة على كيفية إدارة القطاع.

اخيراً، تحضيراً لسلسلة لقاءات اخرى  ندعو الحكومة  لوضع خارطة طريق شاملة لقطاع الطاقة وفق سياسية اقتصادية مالية وإنمائية رشيدة.

(الأنباء)