جنود مخطوفون وقضاة أسرى

علاء لؤي حسن

أنباء الشباب

يعتبر القضاء في أغلب دول العالم – لا سيما المتقدمة منها – مقياس تطور الدولة والمجتمع، وغالباً ما تسعى هذه الدول الى تحصين السلطة القضائية من خلال قوانين وقرارات تحفظ استقلاليته وهيبته ورجاله، إلا في لبنان! إذ إن الطبقة السياسية للأسف، ما زالت ممعنة في إضعاف القضاء، متجاهلة نصّ المادة 20 من الدستور والتي تعتبر هذا الأخير مستقلاً في إجراء وظائفه، ناهيك عن تكريس إستقلاليته. فإلى أي واقع نحن ذاهبون وأي عدالة نتوقعها إذا لم يتم تحصين حقوق القضاة! ففي تقرير دولي صدر العام الماضي، إعتبر أن القضاء في لبنان في أدنى سلم النزاهة عربياً وعالمياً!.

قصر العدل

هذا الواقع غير مستغرب في ظل التدخلات السياسية المستمرة في عمل القضاة وحتى بالتشكيلات القضائية ضاربين بعرض الحائط استقلالية القضاء.

بالأمس القريب قرّر مجلس القضاء الأعلى تعليق الإعتكاف بعد تلقيه “وعوداً بإصلاح الخلل اللاحق بالقضاة وذلك من خلال قانون معجل مكرر يرمي الى معالجة تلك الآثار السلبية”، هذه الأثار الناجمة عن الغاء صندوق التعاضد. فهل أصبح تحصين القضاء في هذه الغابة من الفساد يحوج القضاة كي يعلقوا جلسات المحاكمة، أليست هذه من بديهيات بناء دولة القانون!.

نعم، صحيح أن استقلالية القضاء تنبع في الاساس من ضمير القاضي ولكن طبيعة المسؤولية وأهميتها تقتضي تأمين الحياة الكريمة له، هذا القاضي اللبناني الذي يقف بين مطرقة تدخل الساسة في عمله وبين سندان الضمير الذي يحتم عليه أن يكون كحد السيف في تطبيق القوانين. فلمصلحة من يريدون أن ينزعوا من القضاة مكتسباتهم التي تؤمن لهم الكفاية والحياة المستقرة.

القضاء-

وإذا كان المساس بالسلطة القضائية من مظاهر الأزمة الأخلاقية للسلطة السياسية فإن النهاية الحزينة لملف العسكريين المخطوفين لدى تنظيم “داعش” الارهابي تظهر أننا أمام دولة فاشلة للأسف! هؤلاء العسكريين دفعوا ثمن تقاعس الدولة خلال ثلاث سنوات وعدم قدرتها على اتخاذ القرار المناسب لحظة دخول الارهابيين الى عرسال، وهذا أمر ليس بغريب عن دولتنا.
فتفاصيل كثيرة يرويها العارفون، والخلاصة أن العسكريين المخطوفين دفعوا ثمن تخاذل بعض السياسيين.

فسخطاً لدولة جنودها مخطوفون ويعجز ساستها عن تحريرهم، فيما هم جادين في أسر القضاء.

العسكريين المخطوفين

الرحمة على أرواح شهداء جيشنا البطل من معارك نهر البارد الى “فجر الجرود”. وألف تحية للقضاة المناضلين حفاظاً على ما تبقى من مدماك أخير في سياج هذا الوطن الحبيب، مدماك القانون والحق والعدالة..

(أنباء الشباب، الأنباء)