هل تساهم ساعات المعركة الاخيرة بكشف مصير العسكريين المخطوفين؟

لا شك أن الإنجازات التي حققها الجيش في معارك جرود رأس بعلبك والقاع، تخطت برمزيتها وأبعادها مجرّد تحرير الأرض وضبط الحدود ومواجهة الإرهاب، لتنتقل إلى مرحلة الحديث عما بعد هذه المرحلة، لجهة تعزيز مفهوم الدولة والسلاح الشرعي. وهذا ما كان واضحاً من خلال الإهتمام الغربي وخصوصاً الأميركي والأوروبي في كل تفاصيل ومجريات المعركة بالإضافة إلى الدعم المباشر عبر إشارة السفيرة الأميركية في لبنان اليزابيت ريتشارد، التي اعتبرت أن بلادها فخورة بدعم الجيش باعتباره المدافع الوحيد عن لبنان وشريكاً في المعركة المشتركة ضد تنظيم داعش.

مع كل يوم يمرّ، والمعركة تستمرّ، يعزز الجيش، مستنداً إلى الاجماع الوطني حوله، وجوده، ويتابع خطته الاستراتيجية القائمة على التقدم لحصر الإرهابيين في بقعة جغرافية ضيقة، بعد تضييق الخناق عليهم لإجبارهم على الإنسحاب. ويعمل الجيش على ربط التلال عسكرياً ببعضها البعض لتعزيز مواقعه وتحصينها.

ويعتبر بعض المراقبين أن ما يجري هو فرصة لاعطاء زخم لمفهوم الدولة ومؤسساتها العسكرية، تطيح بكل ما حكي سابقاً عن عدم قدرة الجيش وفعاليته. ما يؤسس لمرحلة مقبلة، عنوانها تفعيل المؤسسة الشرعية، ووظيفة الدولة الأمنية والعسكرية في ضبط الحدود والسلاح غير الشرعي. وذلك يضعف كل المنطق القائل إن الجيش ضعيف ويحتاج إلى من يحميه. وذلك ما أراد الجيش تكريسه من خلال خوضه معركة ناجحة، مصراً على عدم التنسيق مع أي جهة.

بحسب هؤلاء المراقبين، فإن إنجاز ما تحقق خلال خمسة أيام، أمر ليس سهلاً، خاصة أن عناصر تنظيم داعش، فقدوا القدرة على أي حركة أو مناورة أو مواجهة، وبما أن الجيش استطاع السيطرة الميدانية أو النارية على معظم طرقاتهم ومعابرهم، وهذا ما أصابهم بحال من التضعضع، فهذا يعني أن الجيش أصبح قريباً جداً من إعلان الإنتصار وذلك من خلال السيطرة على بعض التلال والوديان التي تمتد على مساحة 20 كيلومتر مربع، لا يزال عناصر التنظيم موجودين فيها.

تضييق الخناق، وتشديد الحصار من قبل الجيش، له هدف أساسي وهو الضغط على التنظيم لكشف مصير العسكريين المخطوفين، وبعد إعطاء معلومات دقيقة عنهم، يصبح بالإمكان التفاوض، لأجل الإستسلام والإنسحاب. وبما أن الجيش حقق هذه النتائج بدون خسائر كبيرة، فهو يحرص على عدم تكبد المزيد من الخسائر، لا سيما أنه أصبح مرتاحاً وقادراً على تحقيق الأهداف التي يريد تحقيقها، وهذا ما قد يفعّل مسألة التفاوض غير المباشر، ويدفع بالمسلحين للإقرار حول مصير العسكريين المخطوفين، لا سيما أن ثمة رأي عسكري يفيد بأن الحسم العسكري قد يسمح للمسلحين بالإستشراس في القتال، واللجوء إلى تنفيذ عمليات إنتحارية توقع خسائر كبرى، وذلك سيؤدي إلى إطالة أمد المعركة، وبالتالي فمن الأفضل تحقيق النتائج المرادة من هذه المعركة بدون خوضها، أي إنسحاب عناصر التنظيم من تلك المنطقة، باتجاه الداخل السوري.

ربيع سرجون – الأنباء