ماذا ننتظر بعد؟

ريما صليبا

هي الحياة مرة تلو الاخرى تصفعنا بشدة؛ عزيز على قلوبنا، رفيق او صديق او قريب يُخطف بلحظة دون سابق انذار، دون حتى ان يترك لنا الوقت لنودعه، لنتشارك معه ضحكة اخيرة على الاقل..

شباب يغادرنا كل يوم بطريقة مفجعة، بأسلوب لا يتقبله العقل البشري فتدمع له العيون وتنزف له القلوب.

بالأمس كان هو، غدا ربما انا وبعده انت…

انها ارادة الحياة نعم؛ علامات استفهام كثيرة تتراكم لتغرقنا في بحر أسئلة لا اجوبة لنا عليها.

امام هذا الحدث الجلل نقف مشلولين، في اذهاننا سؤال يتأرجح بنا: الا تستحق منا الحياة وقفة تأمل عن الهدف من تواجدنا فيها؟

منهمكون بالنزاعات والخلافات التافهة، دون سبب جوهري لها؛ من هنا اختلاف في الرأي لا نتقبله ومن هناك تصويب مختلف او نظرة اخرى لمنحى الامور لا نوافق عليها، يشرذمنا ويتحكم بمصير علاقاتنا ويحدد لنا النهايات الحزينة!

ما جدوى حياتنا اليومية اذا خلت من الشعور الانساني؟ ما اهمية اعمالنا وانتاجنا اليومي اذا لم يترافق مع هدف سامي ونبيل تجاه نفسنا اولا ومجتمعنا ثانيا؟

ما بالنا نهتم بصغائر الامور غافلين عما هو اسمى وارفع؟

صراعاتنا فانية، مرحلة وستنتهي أما الاثر الطيب والصيت الحسن فهو الباقي.

ما بالنا الحقد عمى قلوبنا وأعمانا عن فهم الامور بطريقة عقلانية صحيحة؟

life1

آه كم انتِ حكيمة ايتها الحياة وكم نحن أغبياء امامك! استغرقت وقتاً طويلاً حتى فهمت ما معنى ان جوهر الحياة هو الانسان واني وُجدت في هذه الدنيا كي العب دوراً ايجابياً فيها، منطلقة من سلام داخلي، بصفاء نية وصدق مشاعر، كي اكون سندا لمن هو بحاجة الي، كي احب دون غاية وكي اعمل على ترك بصمة في حياة من هم حولي…

علمتني ان اعيش يومي على انه الاخير، متصالحة مع ذاتي اولا قبل الآخر، مصممة على زرع الفرحة والأمل اينما حللت… علمتني كيف افكر بإيجابية دوما ومدى اهمية ان استخلص العبر مما يحصل معي…

ماذا ننتظر حتى نستفيق من أوهامنا  لنعي سخافة ما نفعله امام عظمة دورنا في هذه الحياة؟

صدّقوا ان الحياة قصيرة، أقصر مما نعتقد بكثير… لا شيء يستحق فيها… لا شيء ابداً…

فلننهض قبل فوات الآوان، قبل ان نندم في وقت لن يعود الندم يجدي نفعاً.

“…هناك سنة لا أعرف تاريخاً يحد اطرافها ولا المح مسافات بين الماضي والمستقبل، ما اعرفه اني احيا الاعراس وأوقد الحطب وأعدّ نقط الدم وامشي في جنازتي مرات كل اسبوع…” (كمال جنبلاط)

 

(*) عضو مجلس قيادة في الحزب التقدمي الإشتراكي