نورا عامر لـ “الأنباء”: ما ينقص الحركة النسائية اللبنانية هو دعم النساء لها!!

من مسقط رأسها الخلوات في قضاء حاصبيا، حيث تربّت في بيئة منفتحة على العلم والوعي ومحافظة على العادات والتقاليد في آن، مروراً بعملها كمدرّسة لمدة ثلاث سنوات بعد تخرّجها في مجال علم النفس التربوي، إلى بلجيكا التي قصدتها مع زوجها عام 1998، مشوار حياة مفعم بالمعرفة والطموح وحب الحياة والوعي اللافت لحقوق الإنسان والمرأة، خاضته نورا عامر بمنتهى الجرأة والإقدام والمبادرة الفردية المدروسة، لتعود إلى وطنها معالجة نفسية ناجحة، وناشطة رائدة في مجال النضال النسوي، وهي الآن مؤسسة ورئيسة جمعية تضامن المرأة العربية في بلجيكا (أوسا – بلجيكا*)، وباحثة دكتورا في مجال علم النفس الإجتماعي في جامعة بروكسيل الحرّة، حيث اختارت أن تصبّ اهتمامها على حقوق المرأة و انتمائها الجماعي، وكيف يؤثر هذا الانتماء على وعيها لحقوقها ومطالبتها بها.

عامر، التي يستضيفها الإتحاد النسائي التقدمي مساء غدٍ الثلاثاء في لقاء حواري في فندق الريفيرا، التقتها “الأنباء” لتنهل من معرفتها وخبرتها الواسعة في مجال العمل النسوي، فأكّدت أن “الوعي للتمييز في مجتمعاتنا وفي كل العالم موجود عند كل النساء، لكن المجتمع يحاول تلميع الصورة وتبرير التمييز من خلال إعطائه صورة إيجابية كالحديث عن تدليل المرأة وتعزيزها وتكريمها من خلال إبقائها في البيت وإراحتها من وظائفها الإقتصادية والإجتماعية”.

واعتبرت عامر “اننا نعيش في الفترة الإنتقالية بين الوعي الفردي للواقع والوعي الجماعي. فعلى المستوى الفردي تخطّت المرأة العربية بشكل عام القوانين الموجودة في بلادها، لكن ما ينقصنا هو العمل الجماعي”.

انطلاقاً من هذا الواقع، اختارت عامر موضوع بحثها لنيل شهادة الدكتورا، طارحةً إشكالية تبحث عن مدى تخلّي النساء عن حقوقهنّ الشخصية لصالح الجماعة ومصلحتها. وفي هذا الخصوص قالت ان “المشكلة تكمن في هذه النقطة بالذات، حيث يصوَّر للمرأة أن أنها إذا حصلت على حقوقها بالمساواة مع الرجل، ففي ذلك تأثير سلبي على الجماعة بشكل عام”، ولفتت إلى أنه “من هنا نلاحظ أن الحركة النسوية عملت على تعزيز أهمية دور المرأة في العائلة، وأهمية العائلة الكبيرة والجماعة بشكل عام”، وأضافت: هذه المشكلة موجودة بصورة أكبر في عالمنا العربي حيث عانينا وما زلنا نعاني من مشكلة هويّة بفعل تجارب الإحتلال والإستيطان الغربي وما خلّفه من تأثير على النساء في العالم العربي، حيث يتم حصر تمثيل الهوية بالمرأة وببعض العادات والتقاليد المفروضة عليها”. وهنا لاحظت عامر أن “نمط الحياة العربية بات متماهياً مع الغرب في كل تفاصيله، وكذلك نمط لبس الرجال في عالمنا ونمط عيشهم وتفكيرهم، ولم يبقَ ما يحدّد الهويّة سوى العادات والتقاليد المتعلقة بالمرأة”، وأكدت ان “هذا الواقع يتطلّب قدراً كبيراً من قبل النساء ومن قبل المجتمع بشكل عام، ومن قبل الغرب كذلك الذي عليه أن يغيّر نمط سياسته إزاء العالم العربي ليساعدنا على تخطي هذا الشعور بالسيطرة”.

ورداً على سؤال لفتت عامر إلى أن “المظهر الحضاري في سلوك المرأة اللبنانية يوحي بأنها تنال كامل حقوقها ولا أحد في الخارج لديه فكرة عن الإجحاف الكامن بحقّها في القوانين اللبنانية”، ونوّهت إلى “أهمية الحركة النسائية اللبنانية الحاضرة ضمن الحركة النسائية العالمية، والتي تبادر في السنوات الأخيرة إلى تبني قضايا مطلبية مهمّة جداً لإنهاء التمييز القانوني الظالم بحق المرأة”، معتبرةً أن “ما ينقص الحركة النسائية اللبنانية هو دعم النساء اللبنانيات لها خصوصاً عندما يتعلّق الأمر بتحرّكات مطلبية في الشارع”.

نورا عامر

*بدأت نورا عامر نشاطها النسوي سنة 2006 حيث أسست مع مجموعة من النساء العربيات و المتحدرات من أصل عربي جمعية تضامن المرأة العربية في بلجيكا( أوسا-بلجيكا) وهي فرع مستقل من جمعية تضامن المرأة العربية التي أسستها الدكتورة نوال السعداوي و مجموعة كبيرة من النسويات العربيات في مصر سنة 1982.

أوسا – بلجيكا، التي تترأسها كمتطوعة منذ تأسيسها، تجمع نساء ورجالا من اصول عربية و اجنية مختلفة يجمعهم الاهتمام بقضايا المرأة العربية والمرأة بشكل عام كما و يجمعهم احترام التنوع و العيش المشترك في ظل الديموقراطية والعلمانية و العمل ضد التمييز و العنصرية .

أوسا – بلجيكا أسست لتناضل من اجل حقوق النساء في العالم العربي و النساء المتحدرات من العالم العربي في بلجيكا، كما وتعمل على مد جسور بين الحضارات بالتعريف عن الثقافات العربية و الإضاءة على ما تقوم به النساء العربيات لمحاربة الصورة النمطية السلبية المتداولة عنهن في اوروبا عامة و بلجيكا خاصة.

للجمعية نشاطات مختلفة ثقافية، اجتماعية، توعوية، تعليمية، فنية و غيرها تسعى جميعها لخدمة اهداف الجمعية، ومن ضمنها تلك المشاركات على مستوى بلجيكا في محاضرات ومناقشات حول مواضيع مرتبطة بالنساء العربيات بشكل عام و قد شاركت نورا عامر في محاضرات حول الهوية والانتماء، العمل ضد العنصرية، التعدد الثقافي و حقوق النساء، الاديان و حقوق النساء، الحرب ووضع النساء في مناطق النزاع، العنف ضد النساء، العلمانية و حقوق النساء و غيرها.

*غنوة غازي – “الأنباء”