سلامة: السياسة النقدية أدّت لاستقرار سعر صرف الليرة

أطلق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس صندوق النقد العربي ومديره العام الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي وممثل البنك الدولي، المدير الاقليمي بالوكالة كنثان شنكار، من مصرف لبنان قبل ظهر اليوم، التقرير المشترك الذي أعده مصرف لبنان، بالتعاون مع الصندوق والبنك، عن “أوضاع نظم مقاصة وتسوية المدفوعات والأوراق المالية في لبنان”، في حضور رئيس جمعية مصارف لبنان الدكتور جوزف طربيه ومصرفيين ومسؤولين في مصرف لبنان والصندوق العربي والبنك الدولي وممثلي الهيئات الرقابية والتشريعية المختصة.

بعد تقديم للمدير التنفيذي لمديرية انظمة الدفع في مصرف لبنان الدكتور مكرم امين بو نصار، تحدث شنكار عن “تطور النظام الوطني للدفع في لبنان بفضل جهود مصرف لبنان”، لافتا الى ان “مصرف لبنان يعمل اليوم على تعزيز مراقبة اليات النظم الوطنية للدفع وحوكمتها”، معتبرا ان “التقرير يشكل بادرة دراسة حالة عن النمو السريع الذي حققه لبنان في هذا المجال”، مشيرا الى ان “لبنان ما زال عليه مواجهة تحديات كثيرة لتوسيع نطاق خدمات الدفع الالكتروني”.
ثم تحدث الحميدي فأثنى على “الجهود الكبيرة التي يبذلها مصرف لبنان في إرساء الاستقرار النقدي والمالي والاقتصادي في ظل الظروف والتطورات الإقليمية الصعبة”، مشيرا إلى “الإجراءات التي تعمل عليها السلطات المالية اللبنانية في تطوير التشريعات والأنظمة والأطراف الرقابية لدعم الإصلاحات الهيكلية الضرورية لتشجيع المناخ الاستثماري وتوفير فرص العمل، إضافة الى السياسة النقدية لمصرف لبنان لتحفيز القطاعات الإنتاجية، إلى جانب الجهود الكبيرة لمصرف لبنان في تعزيز فرص الوصول للتمويل والخدمات المالية لمختلف الفئات والقطاعات”.
ولفت الى أن “تطور نظم البنية التحتية المالية في الجمهورية اللبنانية ينعكس إيجابا على مستوى مؤشرات الشمول المالي في هذه الجمهورية، التي تظهر تحسنا في نسبة السكان البالغين الذين تتوافر لهم فرص الوصول الى الخدمات المالية والتمويلية الرسمية، والتي تصل إلى 48 في المائة في لبنان، وهي نسبة تفوق المتوسط للدول العربية”.
وأكد “اهتمام صندوق النقد العربي بتطوير نظم البنية التحتية المالية، سواء على صعيد نظم الدفع والتسوية أو بالنسبة الى نظم المعلومات الائتمانية أو نظم الإقراض المضمون، من خلال مجموعة من المبادرات والأنشطة، بالتعاون مع المؤسسات المالية الإقليمية والدولية”، مشيرا إلى “مشروع إنشاء نظام إقليمي لمقاصة المدفوعات العربية البينية وتسويتها (نظام التسويات العربي)، الذي يعمل عليه الصندوق بتكليف من مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، الذي يمثل أبرز جهود الصندوق في المساهمة في تطوير نظم الدفع العربية وتشجيع استخدام العملات العربية في المعاملات المالية العربية البينية، وبالتالي دعم فرص نمو التجارة والاستثمارات البينية والاندماج المالي الإقليمي”.
وكانت كلمة الختام لسلامة الذي أوضح ان التقرير “يشرح واقع انظمة الدفع في لبنان وتطورها في السنوات الاخيرة ومهمات مصرف لبنان في الاشراف عليها وادارتها، اضافة الى القوانين والتعاميم والمعايير التي ترعى عمل هذه الانظمة في لبنان، ويتضمن قسما خاصا بالإحصاءات المتعلقة بأدوات الدفع ولا سيما التحاويل المالية الالكترونية والشيكات والبطاقات والعمليات على نقاط البيع (POS)”، لافتا الى ان “أهمية هذا الكتاب تكمن في انه يغطي كل جوانب انظمة الدفع من النواحي القانونية والتنظيمية وشتى الابتكارات التقنية ويتضمن المعايير المتبعة ولا سيما في مقاصة الشيكات والاوراق والسندات المالية، ويعتبر مرجعا مهما للمهتمين بالاطلاع على انظمة الدفع في لبنان”.
ورأى ان “الازمات المالية العالمية التي حصلت في الأعوام الماضية أكدت الحاجة إلى أسواق مالية فاعلة وآمنة والى انظمة دفع متطورة ومتينة، بحيث تؤثر كفاية هذه الانظمة وسلامتها على فاعلية أداء القطاع المالي والمصرفي خصوصا والنشاط الاقتصادي عموما، لذلك عمل مصرف لبنان، ومنذ فترة، على تطوير انظمة الدفع في لبنان بشكل يتماشى مع افضل المعايير الدولية، فتم اطلاق نظام التسوية الفوري الاجمالي (RTGS) في تموز 2012 بنجاح، بعد عامين من العمل والجهد المتواصل والتعاون الوثيق بين مصرف لبنان والمصارف والمؤسسات المالية في لبنان. كذلك تم بناء نظام الدفع بالتجزئة (Retail Payment System( واطلاقه في تشرين الثاني 2013، بحيث يوفر هذا النظام إجراء المقاصة الإلكترونية لوسائل الدفع بالتجزئة، بما في ذلك مقاصة الشيكات واوامر التحويل المباشر (Credit Transfers) وتحصيل الفواتير ((Direct Debits).
وقال: “ان مصرف لبنان يعمل ايضا على اطلاق نظام الدفع الخاص بالمدفوعات الحكومية (PayGov ) الذي يتيح للوزارات والمؤسسات العامة المنتسبين اليه اجراء مدفوعاتهم إلكترونيا” عبر حساباتهم في مصرف لبنان بشكل آمن وسريع. ويشكل هذا النظام تجربة رائدة في منطقة الشرق الاوسط”، موضحا ان “المصرف أعطى، ومنذ فترة طويلة، أهمية كبيرة للعمليات المالية والمصرفية بالوسائل الالكترونية وشجع المصارف على اعتماد التكنولوجيا في العمل المصرفي، مع التنبه للمخاطر. وقد اصدر مصرف لبنان منذ العام 2000 عددا من التعاميم المتعلقة بتنظيم العمليات المالية والمصرفية بالوسائل الالكترونية وبطاقات الدفع، وشدد في هذه التعاميم على توفير عناصر السرعة والأمان والسرية المصرفية، وحظر اصدارالنقود الالكترونية أيا كان نوعها والتعامل بها بأي شكل من الاشكال، وفرض على كل من يتعاطى العمليات المصرفية بالوسائل الالكترونية ان يتقيد بصورة مطلقة بمبادئ الاستقامة والنزاهة والشفافية وان يتبع الاجراءات التي تضمن أعلى درجات الامان”.
ولفت الى ان “المركزي حصل منذ فترة على مساعدة تقنية من البنك الدولي وتم بنتيجتها اعداد تقويم لأنظمة الدفع في لبنان، اضافة الى دراسة مفصلة عن تعزيز دور مصرف لبنان في الاشراف على انظمة الدفع وتم تدريب الموظفين وتطوير قدراتهم ولا سيما بما يختص بالمعايير الدولية الخاصة بأنظمة الدفع وطريقة التزامها.
وأكد “تمسك المركزي بالنموذج المصرفي والنقدي الذي أرساه مدى 24 عاما والذي مكنه من النأي بالقطاع المصرفي اللبناني عن تداعيات الازمات الاقليمية والمحلية المتعددة، وقد ادت السياسة النقدية التي اعتمدت ولا تزال إلى تحقيق الاستقرار في سعر صرف الليرة اللبنانية والسيطرة على التضخم”، مؤكدا ان “هذا الاستقرار أساسي لتحقيق النمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي وتحفيز الاستثمارات الإنتاجية وتحسين فرص العمل، كذلك تم ارساء نظام مصرفي موثوق بتقيده الصارم بالمعايير والمواصفات الدولية المصرفية والمحاسبية وخصوصا في ما يتعلق منها بكفاية رأس المال والإدارة الرشيدة والشفافية والربحية والسيولة ومكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، بالإضافة الى تطوير انظمة الدفع وتحديثها”.
وأبرز “أهمية التعاون والتواصل بين الاشقاء العرب وخصوصا في المجال المصرفي والمالي ومنها انظمة الدفع، ودعم المركزي لقيام نظام دفع عربي مشترك، في اقرب وقت، وهذا ما تعمل عليه بجدية اللجنة العربية لأنظمة الدفع برعاية صندوق النقد العربي واشرافه”، معتبرا ان “هذا النظام سيؤدي الى تعزيز استخدام العملات العربية في تسوية المدفوعات العربية البينية، وسيساعد على خفض وقت اجراء هذه التحاويل وكلفتها وسيساهم في تعزيز الاستثمارات والتجارة العربية البينية، اضافة الى تحسين مستوى الامتثال للضوابط والمعايير الدولية ذات العلاقة”.
بعد استراحة، شرح الدكتور بو نصار “اهمية الكتاب الخاص بانظمة الدفع”، فأشار الى انه “يغطي جوانب انظمة الدفع كافة من النواحي القانونية والتنظيمية ويتضمن المعايير المتبعة في لبنان ولا سيما في مقاصة الشيكات والاوراق والسندات المالية، ويعتبر مرجعا مهما للمهتمين بالاطلاع على انظمة الدفع في لبنان”.
وتحدث عن “مشروع نظام دفع العربي المشترك”، واشار الى انه “تم الانتهاء من اعداد التصميم الخاص به من اللجنة العربية لأنظمة الدفع التي تعمل تحت اشراف صندوق النقد العربي”.
واضاف: “ان هذا النظام، في حال قيامه كما هو مخطط، ستكون له منافع متعددة وابرزها تعزيز استخدام العملات العربية في تسوية المدفوعات العربية البينية، وخفض وقت اجراء هذه التحاويل وكلفتها، وسيساهم ايضا في تعزيز الاستثمارات والتجارة العربية البينية، اضافة الى تحسين مستوى الامتثال للضوابط والمعايير الدولية ذات العلاقة”.