في الإنتخابات النيابية المقبلة: الشعب ضدّ الشعبويّة

عبدالله ملاعب

أنباء الشباب

يتأرجح مصطلح الشعبوية أو “Populism ” على حبالٍ من الإحتيال والتظاهر بالعفة. ففي الوقت الذي أدرك فيه العالم الغربي خطورة الشعبوي والخطابات الشعبوية على الانصهار والإندماج الإجتماعي، لا زلنا في لبنان والعالم العربي نُخدع بمكر هذا المصطلح الذي يختبئ خلف نفسه لكونه ينشق من كلمة “الشعب”. فيظن المرء بأن الشعبوي هو السياسي المثالي الذي حصد تأييدا جماهرياً. عليه، ماذا يعني مصطلح  الشعبوية في علم السياسة، ومن هم الشعبويون اللبنانييون؟

إن سألت الغرب عن الشعبويين، فتفسيرهم لهذا المصطلح يأتي انطلاقاً من معرفتهم بأن دونالد ترامب ومارين لوبان من أبرز شعبويي هذا الزمان. من هنا يأتي تعريفنا للشعبوية بأنها فلسفة سياسية  تطلق على السياسي الذي يتبنى الديماغوجية السياسية ويسعى لكسب ثقة الجمهور من خلال تأجيج المشاعر والإتكال على التأثيرات العاطفية. الشعبوي هو السياسي الذي يرتكز خطابه على استنهاض القاعدة الشعبية من خلال تخويف فئته الطبقية او الطائفية او العرقية، من الغير او ما يعرف بـ “The others”.

الشعبوي هو من يخشى المهاجرين واللاجئين فنراه يهاجم من لجأ لوطنه هرباً من وطأة الحرب. لكنّ الشعبوي لا يقف عندّ هذا الحدّ، بل يستغل مسألة اللجوء للرفع من حدّة خطابه العنصري الضيق أملاً أن يجيّش من حوله ضدّ الآخر، سواءاً أكان هذا الأخر أجنبي، او حتى وطني من طائفة او طبقة أخرى. كما وتبقى السمة الأوضح للشعبوي، تذرعه خلف قضايا و مسأل محورية إقليمية واستغلال هذه القضايا لتوسيع قاعدته الشعبية و استمالة جماعات اقليمية لتزويده بالدعم على شتى أنواعه.

إنطلاقاً من كل ما سبق، نفهم الآن سبب وضع ترامب و لوبان كمثال واضح في خانة الشعبوية. لكنّ الأهم أن ندرك نحن اللبنانيون الواقفون على مشارف الإنتخابات النيابية، خطر الشعبويين الذين تزدحم الساحة اللبنانية والوكالات الاخبارية، بخطاباتهم الطائفية و العنصرية. أتمنى أن تكونوا قد ربطم بين سمات الشعبوية وبعض السياسيين في لبنان. فكل من يوعد الشعب بإسترجاع حقوق طائفة معيّنة، هو شعبوي ضاقت فيه وتقلصت المقومات الوطنية، ولم يجدّ ولا يجيد سوى التنغيم على الوتر الطائفي ليصل الى الندوة البرلمانية.

من هنا، يبقى دورنا بإنتخاب من يخاطب الشعب بأجمعه. لا بدّ من ترك صاحب الشعارات الشعبوية الذي يحلف، بردّ الحق لأصحابه او الطائفة لمكانتها او المدينة لأهلها، خارج المجلس النيابي، لأن الرجل السياسي المؤسساتي وحده القادر على صون الدولة وتحصيل حقوق الجميع. علينا ألا نضع نفسنا فريسةً لمطامع الشعبويين فنقع في صالوناتهم البلورية من الخارج والصدئة من الداخل. لنضع الشعبويين الجدد والقدامى خارج البرلمان المقبل، ولنتقدم مع من يحرص على تذويب التصنيفات وتشكيل لائحات انتخابية وطنية تمثل الوطنيين كل الوطنيين!

(أنباء الشباب، الأنباء)