دمشق وعودة “الابن الضال”!

دشّن العهد الجديد أول علاقاته الخارجية والإستراتيجية، والزيارات الرسمية إلى الخارج اليوم. كل الوفود الوزارية التي قامت بزيارات إلى دول خارجية، لا توازي عودة الزيارات “الطبيعية” إلى دمشق.

دمشق التي لم تعد نفسها، حيث سلخت الشام من روح الشام. تشبه تلك العودة، عودة الإبن الضال بالنسبة إلى البعض، ولا مجال هناك لموازنة الفرحة، بين الذاهبين والمستقبلين. من وطأت قدماه أرض الشام، يشعر بنشوة الإنتصار، ومن يقف في صفوف المستقبلين، تغمره فرحة، تتخطى فرحة استعادة كل الجغرافيا السورية من فصائل المعارضة.

كل ما يحصل، يجري على حساب السوريين، كما هي الحقيقة ضائعة في لبنان، كذلك هي دماء السوريين ضائعة. اختلف اللبنانيون على تحديد طبيعة الزيارات وعنوانينها، ثمة من يضعها في الإطار الشخصي وهم المتضررون، فيما المنتصرون يشددون على أنها زيارات رسمية، وهم يزورون الشام للمشاركة في مؤتمر لإعادة الإعمار بصفاتهم الرسمية.

الحقائب التي يحملها الوزراء السائحون، تدللّ على الصفة الرسمية للزيارة، وزير الصناعة، سيوقع إتفاقيات بين البلدين، ووزير الزراعة كذلك، اما وزيرا الإقتصاد والأشغال، فستكون إهتماماتهما منصبة على كيفية الإستثمار في إعادة الإعمار.

يحاول هؤلاء إعادة الزمن إلى الوراء، يريدون شطب ست سنوات من عمر سوريا وتخاذل العالم، ببلاهة، كما كان حال شطب هذا البند من على جدول أعمال مجلس الوزراء، وكأن شطب البند حال دون الزيارات وأدى إلى إلغائها، وإذا ما استطاع شطب البند فعل ذلك، استطاع الزائرون شطب سنوات الثورة، وما شهدته من تمزيق للمجتمع السوري، تحت مرأى العالم، الذي وقف متفرجاً على مذبحة لم يشهدها التاريخ الحديث، أدّت إلى تدمير سوريا، وتفخيخ نسيجها الإجتماعي.

بمعزل عن عدم وضوح موقف الحكومة من زيارة الوزراء، قبولاً أو رفضاً، وبمعزل عن الآراء التي تخرج معترضة، فإن كلام وزير الصناعة حسين الحاج حسن واضح، وهو أنه يذهب إلى سوريا بصفته الرسمية. وهذا لا يمكن أن يحصل بدون الحصول على غطاء وإن كان ضمنياً من الحكومة. ولعل البعض سيربط ذلك، بما يحكى من اتهامات توجه الى الحريري، بأنه يريد اتخاذ موقف واقعي انسجاماً مع الوقائع السياسية الجديدة، فإن حصول الزيارة هو تثبيت لمنطق الهزيمة التي يمنى بها المحور المناهض للأسد. وهي لا تقف عند حدودها إنما على ما تحمله من رسائل وتداعيات ستظهر لاحقاً.

ربيع سرجون – الأنباء