الإنتخابات القادمة لن تجري وفقاً للإصطفافات الحالية

د. ناصر زيدان (الانباء الكويتية)

صورة التحالفات السياسية القائمة اليوم في لبنان؛ لن تبقى على ما هي عليه في الانتخابات النيابية القادمة في ربيع العام 2018. والتعاون القائم حالياً بين مجموعة من الاحزاب؛ لن يصمد كثيراً. كما ان الإعتبارات التي تحكم صيغة تبادل الخدمات السياسية والإنتخابية التي تجمع بين قوى لا تتفق على رؤية واحدة؛ لن يُكتب لها الإستمرار طويلاً، ذلك لأن عوامل موضوعية عديدة سيكون لها أثر فاعل في تركيب اللوائح، وفي تحديد الاصطفافات السياسية، ومن هذه العوامل؛ تأثيرات خارجية قاطعة، ومنها إعتبارات داخلية لا يمكن تجاوزها.

تقول مصادر واسعة الإطلاع ان التركيبة الحالية للحكومة هجينة، ولن تدوم وصمود رموز الحكم على مقاربة واحدة من ما يجري؛ من المُستحيلات ولن يعيش طويلاً. فالتبايُن حول ملفات عديدة سيطفوا على السطح والمجاملات السياسية – او المُساكنة –  لا يمكن إعتمادها خياراً ثابتاً في القضايا الاستراتيجية البعيدة المدى.

بالمقابل؛ فإن بعض اطراف الشراكة الحالية في الحكم، ذاقت لوعة التجاوزات التي تقوم بها قوى تعاني من فائض قوة، تستخدمه – حتى على أقرب المقربين منها – وهي لا تراعي اعتبارات التحالف في أحيان كثيرة، ولا قاعدة الاحترام المُتبادل، وبالتالي فهي تُحرِج الشركاء الآخرين، وتصرف من رصيدهم السياسي والشعبي.

وتقول المصادر ذاتها ان الظروف التي تحكم معادلة اليوم لن تبقى هي ذاتها، ومَن ينظُر بدقة لما يجري؛ يعرف ان إنعكاسات التسويات التي تحصل في سوريا؛ سيكون لها أثر بالغ على لبنان، وصورة الصراع الاقليمي ستنعكس حكماً على الوضع اللبناني، وتحديداً على التحالفات الإنتخابية. وهناك احداث كبيرة متوقعة قد تحصل في الربيع القادم، وليس بالضرورة ان تكون احداث مأساوية، ولكنها  ستكون مؤثرة، ودائماً وفقاً لرأي المصادر ذاتها.

وإنطلاقاً من هذه الرؤية ترى هذه المصادر ان حزب الله لن يعتمد المقاربة ذاتها التي اعتمدها في إنتخابات 2009، والتي غلبت عليها التشنجات بين محوري 8 و 14 آذار. والتيار الوطني الحر لن يكون مرتاحاً الى الحدود التي تراها بعض قيادته، وبالتالي لن يتراكض الحلفاء او الاخصام للتعاون معه، كما يتوقَّع. والرئيس نبيه بري عاش مرارة التجربة في الحكومة الحالية، ولا يبدو انه راغب في الإستمرار في هذه الوضعية المُلتبِسة. اما تيار المستقبل  والقوات اللبنانية؛ فهناك إعتبارات مُتعدِدة تحكُم حراكهما، ومن الصعوبة بمكان عليهما تجاوزها، وإذا كانا مُتمسكين بالتعاون مع العهد؛ لا يعني انهما قرارا الذوبان في اروقة فريق عملهِ ومخاصمة مَن لا يرضون عليهم. والحزب التقدمي الاشتراكي المسكون في هاجس الإستقرار في الجبل؛ لن يُغامر في إعتماد مقاربات راديكالية برغم الإستفزاز الذي يشعُر انه يتعرَّض له، ولكنه في الوقت ذاته لن يرفع راية الإستسلام، ولديه اوراق مُتعدِدة يمكن أن يلجأ اليها .

وعلى الضفة الأُخرى من الخارطة الإنتخابية؛ هناك قوى فاعلة ومؤثرة – منها حزبية، ومنها شخصيات مُستقلَّة – سيكون لها دور كبير في مجرى المعركة الإنتخابية القادمة، وقد بدأت ملامح هذا التحدي تبرز من خلال الترشيحات التي أُعلنت حتى الآن، من قبل رؤوساء بلديات سابقين، ومن شخصيات إندفعت للترشُّح على الإنتخابات الفرعية – اذا ما حصلت – في كسروان وطرابلس، ومن احزاب وقوى تمَّ تجاهلها أثناء تشكيل الحكومة.

اقرأ أيضاً بقلم د. ناصر زيدان (الانباء الكويتية)

إخفاق في معالجة زحمة السير

الانتخابات والمحاذير المخيفة

الخلافات العلنية والتفاهمات السرية

انتخابات لإثبات الوجود السياسي

الانتخابات تفرق شمل الحلفاء

هل انتهت الأزمة السياسية بين التيار و«أمل» مع انتهاء الهيجان السياسي؟

كيف أطاح قانون الانتخاب الجديد بالتحالفات التقليدية؟

إعادة الحياة إلى وسط بيروت قرار في منتهى الأهمية

عن ذكرى استشهاد محمد شطح «رمز الحوار»

دوافع بيان مجلس الأمن؟

لا مستقبل للسلاح غير الشرعي

هل شملت التسوية الجديدة كل أطراف العقد الحكومي؟

مساكنة حكومية إلى ما بعد الانتخابات

عن شروط الاستقرار في لبنان

القطاع الزراعي اللبناني على شفير الانهيار

لملمة الوحدة الوطنية

ما أسباب مخاوف بري على «الطائف»؟

زيارة الحريري إلى موسكو بين الواقع والمُرتجى

المجلس الدستوري يربك القوى السياسية

الجيش اللبناني ومواجهة المستقبل