زيارة الحريري الى واشنطن.. ما لها وما عليها

د.ناصر زيدان (الأنباء الكويتية)

لا يمكن التقليل من اهمية الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة والوفد المرافق الى واشنطن ونيويورك بين 22 و28 يوليو/تموز 2017، فهي هامة بتوقيتها، وببرنامجها الحافل الذي شمل إجتماعات مكثفة مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومع وزير الخزانة ومع لجان نيابية في الكونغرس، وتوُّجت باللقاء المطول الذي عقده الحريري منفرداً مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب.
ويُسجَّل لصالح الزيارة حصول الحريري على تعهد من الادارة الاميركية- ومن الرئيس ترامب شخصياً- بإستمرار دعم الجيش اللبناني، حيث ان لهذا الدعم تأثيرات كبيرة على مستوى أداء الجيش في سياق التحديات الامنية التي يواجهها في الداخل، وفي التصدي للمجموعات الارهابية التي تضمُر الشر للبنان من خارج الحدود. والمساعدات الاميركية في الاعتدة والسلاح والتجهيزات الأُخرى؛ لا يمكن الاستغناء عنها في ظُلّ الاوضاع الصعبة التي تعيشها المالية اللبنانية التي تعاني من عجز كبير، وهي بالتالي لا تستطيع تغطية كامل الاعباء التي يحتاجها الجيش. والتقديمات الاميركية وغيرها؛ تُعتبر واجبة في هذه الظروف، لأن الجيش يتحمل أعباء تتخطى المسؤوليات الملقاة على عاتقه لبنانياً، ذلك انه يتعامل ما احداث محيطة كبيرة، وهو مسؤول عن حماية ما يقارب المليوني لاجيء على ارضه، إضافةً الى اللبنانيين.
وإذا كانت نتائج الزيارة غير واضحة حتى الآن فيما يتعلَّق بموضوع العقوبات التي ستفرضها الإدارة الاميركية على حزب الله؛ لكن الجانب الاقتصادي الآخر الذي تناولته مباحثات الوفد مع المسؤولين الاميركيين، قد يكون واعداً، او مفيداً، لاسيما لناحية التطمينات التي حصل عليها الوفد بزيادة المساعدات التي تُصرف على اللآجئين السوريين. اما الكلام الذي أطلقه الحريري في واشنطن عن دور لبنان في إعادة إعمار سوريا؛ فلم يكُن واضحاً، بل وكان غريباً الى حدٍ ما، لأنه اوحى كأن الحرب في سوريا إنتهت، وأن الاميركيين هم الذين سيتولون الإشراف على عملية إعادة الإعمار، ولم يُعرف على ماذا استند الحريري في هذه الرؤية.
بالمقابل؛ يُسجل على الزيارة مجموعة من النقاط السلبية، من حيث الشكل، ومن حيث التوقيت.
ففي الشكل: كان التباين العلني كبير بين موقف الرئيس ترامب الذي هاجم حزب الله والرئيس السوري بشار الاسد، بينما التزم الحريري الصمت إتجاه هذا الموضوع؛ فلم يرد على ترامب بطبيعة الحال، ولم يتوافق معه في الوقت ذاته. وقد أفسدت تلك التباينات الإهتمام البروتوكولي العالي الذي لقيهُ الحريري من ترامب. وكان الامر محل تعليقات واسعة في الاوساط السياسية، وعلى شبكات التواصُل الإجتماعي.
اما من حيث التوقيت؛ فقد حاصرت الاحداث التي جرت في جرود عرسال الزيارة، وكبَّلتها، واحرجت الرئيس الحريري، وهو قد أطلق مواقف معارضة لعمليات حزب الله العسكرية في الجرود، ثُم عاد مدير مكتبه نادر الحريري ووضح هذه المواقف، وكان توضحيه غير موفق، لأنه أشار الى إستمرار الإلتزام والعمل وفقاً للإتفاق الذي حصل قبل إنتخاب الرئيس عون، مؤكداً بذلك الاتهامات التي تطال الرئيس الحريري بكونه عقد صفقة مع التيار الوطني الحر، وبغطاء من حزب الله قبل وصوله لرئاسة الحكومة.
ويقول معارضوا الرئيس الحريري: ان الزيارة لم تكُن ناجحة، وما أعلن من نتائجها غير كافٍ، والمواقف التي رافقتها مُتناقضة. وما قاله وزير الخارجية جبران باسيل يختلف تماماً عما قاله الرئيس سعد الحريري، خصوصاً فيما يتعلق بتوصيف احداث جرود عرسال.
ويتابع هؤلاء المعارضون بالقول: كيف يقبل الرئيس الحريري بزيارة اهم عاصمة في العالم، وفي هذه المرحلة المفصلية من تاريخ لبنان والمنطقة المحيطة به، ولمناقشة ملفات في غاية الاهمية؛ ويكون الوفد المرافق مُقتصر على تمثيل فريق سياسي لبناني واحد. وما هي علاقة مُستشار رئيس الجمهورية الياس ابي صعب ليكون في عِداد الوفد الرسمي، وهل يسطحب رئيس الجمهورية مستشاراً لرئيس الحكومة فيما لو قرر القيام بمثل هذه الزيارة؟

اقرأ أيضاً بقلم د.ناصر زيدان (الأنباء الكويتية)

الشراكة السياسية المهددة

عن لبنان النظيف

جنبلاط في الفاتيكان: المرحلة ليست عادية

مواد مُتفلِّتة في الدستور اللبناني تُربك عمل المؤسسات

قرار رئاسي دستوري، ولكنه مُخيف

بعض ما لم يُقل عن لقاء المختارة

النسبية وبرنامج الحركة الوطنية

عون وجنبلاط والتفهُّم والتفاهُم

اولى قرارات الحكومة لا تشبه البيان الوزراي

حزب الله والواقعية السياسية

لبنان والرياح التأسيسية واللقآت النادرة

مُشكلة السجون اللبنانية وابعادها الامنية والسياسية

لبنان أمام مرحلة من الاختناق السياسي والإقتصادي

محاكمة سماحة: خبرٌ عادي لإعترافات غير عادية

نيسان 1975 ونيسان 2015!

عن الصحافة اللبنانية ونقابتها

حول المؤتمر الـ 13 لحركة أمل

تسريبات غير صحيحة حول الملف الرئاسي

لبنان لا يتحمَّل تجاذبات حول الملفات العسكرية

عن فاتورة دواء مُعالجة مرض الفراغ الرئاسي