عن الإرهاب وعرسال والعقول الطائفية!

هلا ابو سعيد

تدور حربٌ طاحنة بوجه الإرهاب بجرود عرسال والوطن ينام على مخد متعددة! حتى الدموع تصبِح مذهبية حين تكون الشماتة حاضرة بغياب التوجه والانتماء الوطني!
موجع حال الوطن بمواطنين منقسمين حتى على مصالحهم! كيف لا والجدل قائم بعبثية في الشارع اللبناني ويظهر جليا على مواقع التواصل الاجتماعي بين من يهاجم سلاح حزب الله في جرود عرسال لحجة الصراع السني الشيعي! وآخرون يكابرون ويفاخرون بحزبهم وسلاحه على شركائهم في الوطن!
نعم تكثر علامات التعجب إزاء هذا الواقع الذي يدفعنا للقول “الجهل ضارب طنابه”! والعجيب هو تشكل المزيد من المعسكرات المذهبية تحت وطأة الإرهاب؟ فهل سيستقوي بعض اللبنانيين بالجماعات الارهابية على حزب الله واتباعه؟
أم أن بعضهم سيعلن انتصاره على الشركاء في الوطن بعد انتهاء معركة عرسال؟
والسؤال الأهم لمن سيهدون هذا الانتصار للشيعة على السنة أم للبنانيين جميعا وللوطن على الارهاب؟؟
ثمة من يقول أن الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله هو من أعلن الحرب لا الدولة اللبنانية. وبالتالي، فهم يصنفون المعركة بأنها شيعية ضد السنة! وهناك من يشير للإعلام الحربي المكثّف الذي أعلن تعبئة المقاومة قبل أيامٍ من إعلانه للمعركة. في وقت يتردد السؤال بقوة عن دور الجيش المتهم في بعض المدونات بأنه يلعب دور المتفرّج على المعركة، ويطالبه بالتدخل حرصاً على كرامته!

الجيش اللبناني يضبط سيارة محملة بالاسلحة في عرسال
في الحقيقة وبعيداً عن مثالية المواقف لا بد من السؤال: متى سنفهم في لبنان أننا لن نركب قارب النجاة ما لم نوحد جهودنا ضد عدو واحد نحدده ونواجهه معاً؟ ومتى سينتبه أهل السنة المعتدلون أن الارهابيين ليسوا من مذهبهم حتى لو ادعوا اعتناقه، وأن الارهاب لا دين له؟ وأن مصلحة اللبنانيين المشتركة يدمرها ضياعهم المشترك؟!
في لبنان لدينا عدوان. “الصهيوني” الذي يعترف الجميع بعدائه له.. و”الوهمي” الذي تخترعه عقولنا الطائفية المتمذهبة، وهو للأسف شريك لنا في البلد من مذهب وطائفة أخرى!!
مهلاً. هل سنتفق في لبنان على مفهوم “ان لا عدو لنا في الداخل” ام اننا فعليا اعداء نعيش تحت سقف المجاملات الكاذبة بأرضٍ ضاقت بها سبل عيشنا الطائش؟!
فهل هي معركة حزب الله تمتد من حربه في سوريا إلى جرود لبنان كما يتم توصيفها؟ وهل يكتفي عسكر لبنان بالتنسيق وحماية المدنيين؟ وهل يشرف بأجهزته أم يغيب عن اتصالات التفاوض بين “الحزب” وجبهة النصرة التي انتكست بوفاة رئيس بلدية عرسال السابق أحمد الفليطي اثناء مهامه كوسيط؟
عرسال
قد يعتبر البعض أن كرامة الوطن تُحفظ بدفاع جيشه، لكن، ما الضير إن كان السلاح موحدا ضد عدو مشترك؟ أليس المهم هو انتصار الوطن على الارهاب؟! أم أننا في لبنان سنمذهب كل المعارك بصراعٍ مذهبي سني شيعي لاحق ام مرادف لمعركة عرسال…؟!

تدور الحرب في عرسال وفي المقابل تدور حرب طاحنة بين الجماعات على “تويتر  وفيسبوك”. والجهل بمفاهيم المواطنية هو عنوان الصراع الفاقع بمدوناتهم التي تستخف أو تزايد بدماء تراق في سبيل الذود عن لبنان وأهله! ألا يخجل البعض من منشورات عنصرية حاقدة على من يسقطون شهداء برصاص الارهابيين؟!
قد نقبل رفض البعض لتدخل سلاح حزب الله في معارك خارجية، لكن، ألا يجب أن تتوحد البندقية دفاعا عن الوطن! وماذا عن القيم الانسانية؟ هل بقي للموت حرمة؟ فكيف يستعرضون صور الجثث بدمٍ بارد وبأسلوب مشين ومعيب؟! كيف نصبح شعبا ونبني وطنا ما لم نتمسك بالمبادئ في أحلك الظروف!

يبقى أن الطامة الكبرى تكمن في تقديم الانتماء المذهبي على الهوية اللبنانية أمام هول المشهد ودمع الامهات الثكلى! أوليس الشهيد بوجه الارهاب أرقى من انقسامات الجهل بين سني وشيعي ومعارض ومؤيد لسلاح حزب الله في مواجهة الارهاب،.. إن كان الهدف الأسمى هو الوطن؟!

(الأنباء)