في “الانباء”: مفاوضات تسبق ساعة الصفر في جرود عرسال

تشبه حالة السعار المتصاعدة بين فئات من اللبنانيين والسوريين، حالة العام 1975 وما سبقها من شحن لبناني فلسطيني، أدت إلى إنقسام الشارع اللبناني في حينها، بين مؤيد للفلسطينيين وقضيتهم ومعارض لها، أو بين مؤيد للجيش اللبناني ومعارض له. ثمة من يحاول إعادة إنعاش الذاكرة باللحم الحيّ هذه المرّة بين اللبنانيين والسوريين.

ما ظهر إلى العلن من نقاشات، وفيديوهات تعذيب، هو كفيل بمفاقمة حالة التوتر لتنعكس على الأرض، إشكالات قد تؤدي إلى صدامات لا تحمد عقباها، ولا شك أن ما يحصل اليوم، حصل ما يشبهه قبل أكثر من سنتين، وتحديداً في العام 2014، حين كان حزب الله في أوج تدخله في الحرب السورية، وبالتالي فإن الضغط كان واجباً على اللاجئين السوريين في لبنان، لاجل منعهم من إجراء أي ردة فعل. وفيما ضبطت عمليات تعذيب السوريين في تلك الفترة، بقدرة سياسية، فهي لا تزال اليوم قابلة للجم، إذا ما توفرت إرادة سياسية لذلك.

لكن على ما يبدو أن الظروف اليوم قد اختلفت، وهناك من يفكر بشكل أكثر من جدّي بإعادة اللاجئين السوريين من لبنان إلى سوريا، وخصوصاً إلى المناطق الآمنة، إستناداً إلى جملة معطيات، بالنسبة إلى حزب الله، والذي يعتبر أنه حقق إنتصاراً في سوريا، وبأن عملية تعويم النظام السوري بدأت بالفعل على الصعيد الدولي، ولذلك لا بد من إدراج هذا التعويم على البنود اللبنانية، كما أن حزب الله يريد إعادة اللاجئين الذين أصبحوا يشكلون خطراً ديمغرافياً وأمنياً في آن، طالما ان عددهم تخطى ثلث عدد اللبنانيين، وهذا ما يلتقي عليه الحزب مع الأفرقاء المسيحيين.

السبب الثالث والأهم لكل هذا التجييش الحاصل، والإعتداءات التي تطال السوريين العزّل، هو قرع طبول معركة جرود عرسال، والتي حشد لها حزب الله مقاتليه، لأجل البدء بعملية عسكرية هناك تهدف إلى طرد المسلحين من الجرود إلى الشمال السوري، ويريد حزب الله تحقيق عدد من الأهداف من خلال هذه المعركة، أولها القول إنه أنجز ما أراد إنجازه من خلال دخوله إلى الحرب السورية، وبأنه استطاع توفير الأمن والإستقرار على كل السلسلة الشرقية، وإعلان تلك المنطقة منطقة آمنة بلا حاجة إلى أي أطراف إقليمية، أو رعاية دولية.

في المعطيات المتوافرة حتى اللحظة، فإن الإتصالات والمفاوضات لا تزال مستمرة بين الحزب من جهة والمسلحين من جهة أخرى لأجل الوصول إلى تسوية ترضي الطرفين، وتشير مصادر متابعة إلى أن الطرفين يفضلان حل المسألة وحسمها بلا معركة، لأن حجم الخسائر فيها ستكون كبيرة جداً عليهما، لا سيما أنهما سينظران إليها وكأنها معركة حياة أو موت. لا تزال المفاوضات مستمرّة، تتيسّر حيناً وتتعثّر أحياناً، وعليهفإن كل الحسابات والإحتمالات واردة، وإندلاع المعركة قائم في أي وقت بعد إستنفاد كل محاولات التوصل إلى تسوية.

ومع ارتفاع منسوب إندلاع المعركة، فلا تخفي مصادر متابعة تخوفها من إنعكاس ذلك على وضع المخيمات في عرسال وجرودها، ومن أن تصبح مقراً أو مستقراً للمسلّحين واتخاذ المدنيين في المخيمات دروعاً بشرية، وفي هذا الصدد يؤكد المسؤولون عن المخيمات، بأنهم يرفضون أن يتم زجهم بأي معركة ضد اللبنانيين وضد الجيش اللبناني، معتبرين أنهم سيبلغون عن أي شخص يحاول إثارة القلاقل أو المشاركة بأي عملية ضد الجيش، وهذا يأتي بعد موقف واضح أعلنه قائد الجيش من المنطقة حين أكد استعداد الجيش لكل الإحتمالات، وبأنه يعزز من إجراءاته لحماية أهالي عرسال والمدنيين في المخيمات.

ربيع سرجون – الانباء