مَن سيخلُف النائب فؤاد السعد إذا تخلَّى عن مقعده في عاليه؟

د. ناصر زيدان (الانباء الكويتية)

كل المؤشرات تدلُّ على ان النائب عن المقعد الماروني في قضاء عاليه فؤاد السعد؛ لن يترشَّح مجدداً في الإنتخابات النيابية المُزمع إجراءُها ربيع العام 2018، وهو قال لمقربين منه: ان ظروفه الصحية وعامل السن قد لا يسمحا له بمتابعة العمل النيابي لدورة جديدة، برُغم ان آل السعد لهم حضور سياسي تقليدي في الجبل منذ زمنٍ بعيد، وقد تولَّى حبيب باشا السعد رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب في ثلاثينات القرن الماضي، و”سنديانة دارتهم” في عين تراز يتجاوز عمرها الالف عام.

فؤاد السعد عضو في كتلة اللقاء الديمقراطي برئاسة وليد جنبلاط، وقد عُين نائباً عام 1992، وفاز بالإنتخابات لثلاث دورات فيما بعد، كما عُين وزيراً اكثر من مرة. وفي آخر انتخابات جرت العام 2009 حصل السعد على 35126 صوت منهم 10597 صوت مسيحي، بينما حصل منافسه الخاسر الوزير الحالي سيزار ابي خليل في الدورة ذاتها على 21190 صوت منهم 11498 صوت مسيحي.

عُزوف السعد عن الترشُّح؛ سيساهم في خلط الاوراق الانتخابية في دائرة عاليه – الشوف، وقد يساهم في تقريب وجهات النظر بين المُتخاصمين السابقين، بمعنى: ان عزوفه قد يُعطي فرصة للتعاون بين التيار الوطني الحر الذي ينتمي اليه المرشح المنافس للسعد سيزار ابي خليل، وبين الحزب التقدمي الاشتراكي الذي كان يدعم النائب فؤاد السعد، مع إحتمال ان يُؤدي عدم ترشُحهِ ايضاً الى خلق اجواء منافسة جديدة بين الفريقين، إذا ما قرر الحزب التقدمي الاشتراكي مساندة مُرشح بدل عن السعد من احد اقربائه، او من المحسوبين على خطه السياسي، او من فريق سياسي آخر.

قضاء عاليه يمثله 5 نواب في البرلمان. إثنان دروز يشغلهما حالياً اكرم شهيب وطلال ارسلان، وإثنان موارنة يشغلهما حالياً هنري حلو وفؤاد السعد الحليفين للحزب التقدمي الاشتراكي، ونائب عن الروم الارثوذكس يشغله فادي الهبر الذي ينتمي الى حزب الكتائب اللبنانية، وكان في العام 2009 متحالفاً مع الحزب التقدمي الاشتراكي.

مع صدور قانون الإنتخابات الجديد؛ اصبح قضاء عاليه دائرة انتخابية واحدة مع قضاء الشوف الذي يمثله 8 نواب، بحيث يصبح مجموع نواب الدائرة 13. ويشغل حالياً هذه المقاعد 8 نواب ضمن كتلة اللقاء الديمقراطي، و5 نواب من تيارات سياسية أُخرى، والتقديرات التي يُجمِع عليها الخبراء في الاحصاءات الانتخابية؛ تُشير الى بقاء المعادلة ذاتها فيما لو جرت الانتخابات اليوم، ولو كانت على قاعدة النسبية، لأن الكتلة الناخبة المؤيدة للحزب التقدمي الاشتراكي واصدقاءه في هذه الدائرة – لا سيما من العائلات المسيحية – لديهم القدرة على تجيير كتلة كبيرة من الاصوات الانتخابية، وقد تُساعدهم النسبية على التحرُّر من سِمة الاختيار التي كان يلجأ اليها بعض الناخبين، بحيث أن بعض الاوراق كانت تتضمَّن اسماء مرشحين من قوائم مُتنافِسة، وهذا اصبح مُتعذراً مع تطبيق القانون النسبي الحالي.

للحصول على مقعد النائب السعد وربما غيره من المقاعد التي قد تشغُر في دائرة الشوف – عاليه؛ خصوصيات جبلية تختلف عن الخصوصيات في المناطق الأُخرى من لبنان، ذلك ان الحفاظ على التعاون الاجتماعي والاستقرار والمصالحة في الجبل؛ مهمةٌ لها الاولوية في عمل كل القوى السياسية التي تتمتع بنفوذ في الجبل، وبالتالي ليس من مصلحة اي من الاطراف خلق اجواء تنافسية مشحونة، قد تنعكس سلباً على مسيرة التعاون مع العهد الجديد.

بالمقابل فإن طريقة احتساب الاصوات التفضيلية التي يحصل عليها كل مُرشح – والى اي لا ئحة إنتمى – ستُربِك كل القوى الحزبية في الجبل وفي غير الجبل. وعند ذاك، قد تختلط الاوراق الانتخابية على شاكِلة غير مُتوقعة، وربما لا تكون في مصلحة الذين لعبوا دوراً اساسياً في الوصول الى إقرار القانون الحالي.

إن تفاؤُل بعض الاحزاب الجديدة، وإعتبارها: ان اللحظة التاريخية سانحة للحلول مكان العائلات السياسية التقليدية؛ قد لا تكون حسابات مدروسة جيداً، خصوصاً لكون الاصوات التفضيلية؛ يمكن ان تلعب دوراً مخالفاً للمهمة التأهيلية او “الإقصائية” التي أُنشِئت من أجلها.

اقرأ أيضاً بقلم د. ناصر زيدان (الانباء الكويتية)

إخفاق في معالجة زحمة السير

الانتخابات والمحاذير المخيفة

الخلافات العلنية والتفاهمات السرية

انتخابات لإثبات الوجود السياسي

الانتخابات تفرق شمل الحلفاء

هل انتهت الأزمة السياسية بين التيار و«أمل» مع انتهاء الهيجان السياسي؟

كيف أطاح قانون الانتخاب الجديد بالتحالفات التقليدية؟

إعادة الحياة إلى وسط بيروت قرار في منتهى الأهمية

عن ذكرى استشهاد محمد شطح «رمز الحوار»

دوافع بيان مجلس الأمن؟

لا مستقبل للسلاح غير الشرعي

هل شملت التسوية الجديدة كل أطراف العقد الحكومي؟

مساكنة حكومية إلى ما بعد الانتخابات

عن شروط الاستقرار في لبنان

القطاع الزراعي اللبناني على شفير الانهيار

لملمة الوحدة الوطنية

ما أسباب مخاوف بري على «الطائف»؟

زيارة الحريري إلى موسكو بين الواقع والمُرتجى

المجلس الدستوري يربك القوى السياسية

الجيش اللبناني ومواجهة المستقبل