أي سيناريو ينتظر جرود عرسال؟

لا يمرّ يوم إلا ويحصل حدث معين في جرود عرسال، إما إشتباك بين حزب الله والمجموعات المسلحة، أو إشتباكات بين الفصائل المختلفة لا سيما بين سرايا أهل الشام وجبهة فتح الشام من جهة، وبين تنظيم داعش من جهة أخرى.

في الأسبوعين الأخيرين، كثرت عمليات التفجير في تلك الجرود، وخصوصاً تلك التي تستهدف قيادات في سرايا أهل الشام، والتي تضم فصائل عديدة من مقاتلي الجيش الحر.

تشهد تلك المنطقة، حروباً متقطعة، لكل معركة أسبابها وخلفياتها، فأي إشتباكات بين داعش والفصائل الأخرى، هي عبارة عن معارك للسيطرة على المزيد من المعابر وتوفير الخطوط الآمنة بالنسبة لكلا الطرفين، وقد هاجم تنظيم داعش مراراً فصائل المعارضة في وادي حميد في جرود عرسال، لأجل توفير ممر آمن لمقاتليه إلى عمق البلدة، بهدف توسيع رقعة إنتشاره، والإحتماء باللاجئين المدنيين في مخيم وادي حميد، وفرض خوات عليهم، وتأمين خطوط إمداد للمواد الغذائية لعناصره.
أما الإشتباكات بين جبهة النصرة وسرايا أهل الشام من جهة، وحزب الله من جهة أخرى، فخلفياتها، هي الضغط الذي يشكله حزب الله عبر تضييق الخناق على هذه المجموعات لإجبارها على المغادرة إلى الشمال السوري.

قبل أيام، شنت جبهة فتح الشام هجوماً على أحد مواقع حزب الله في جورة القبر، وكانت خلفية هذا الإشتباك، فشل المفاوضات التي كانت جارية بين حزب الله وجبهة النصرة لأجل مغادرة المقاتلين للجرود، وجعلها منطقة آمنة، بعد فشل المفاوضات، يصر حزب الله على القضم البطيء لاكمال السيطرة على كل تلك المنطقة، ولذلك لجأت الجبهة إلى شن هذا الهجوم، للتأكيد على أنه لا يزال لديها قدرة عسكرية فاعلة.

بالأمس، إستهدف تفجير أحد قياديي سرايا أهل الشام، أبو الرسم الجريجيري، وهو قيادي سابق في جبهة النصرة، وبحسب ما تؤكد مصادر متابعة لـ”الأنباء” فإن الرجل إنشق عن النصرة والتحق بسرايا أهل الشام قبل فترة، ومحاولة الإغتيال هذه تأتي على خلفيات تصفية الحسابات من جهة، وبهدف قطع الطريق على أي مفاوضات تهدف إلى إعادة اللاجئين إلى قرى القلمون من جهة ثانية، على غرار ما حصل قبل أسبوعين، حين عاد حوالى 200 شخص من عرسال إلى بلدة عسال الورد.

وتشير مصادر “الأنباء” إلى أن مفاوضات إعادة حوالى 500 عائلة سورية إلى عسال الورد والمناطق المجاورة لا تزال مستمرة، على الرغم من كل محاولات عرقلتها، وتؤكد المصادر أن سرايا أهل الشام لا تتبنى رسمياً عملية إعادة النازحين، لانها في السابق دخلت في مفاوضات مع حزب الله، لكنها توقفت بسبب بعض الشروط، واهمها إلقاء السلاح، والعودة إلى تلك القرى التي ستكون خاضعة لسيطرة النظام السوري، وحينها كانت المفاوضات تتركز حول إعادة حوالي عشرين ألف لاجئ من عرسال إلى خمس قرى في القلمون، مقابل تسوية أوضاع مقاتلي المعارضة، وتشكيلهم ضمن سرايا دفاع ترتبط بالجيش السوري وبحزب الله، وبعد أن رفضت الفصائل ذلك، فشلت المفاوضات، وانخفضت أعداد اللاجئين الذين يريدون العودة إلى بلداتهم وفق هذه الشروط.

وعليه، فإن الجرود تعيش حالة ترقب لما ستؤول إليه المفاوضات، حول إعادة 500 عائلة في الأيام المقبلة، كان من المفترض أن يعودوا في فترة عيد الفطر، لكن بعض الترتيبات اللوجستية حالت دون تحقيق ذلك، ومن أبرز هذه التحضيرات هي تسوية أوضاع الذين يرغبون في العودة مع الدولة السورية وهذا ما سيتولاه حزب الله، وبعد تحقيق ذلك، فإن العيون ستشخص نحو ما ستؤول إليه الأوضاع في الجرود، سواء إذا ما كانت ستشهد معركة، لإجبار المسلحين على المغادرة، أو نجاح التسوية وتجنب المعركة العسكرية، وإعادة سيناريو ما حصل في الزبداني ومضايا ووادي بردى.

ربيع سرجون – “الأنباء”