من المعلم إلى تيمور … 40 سنة حضور!

خصصت مجلة “الضحى” الصادرة عن المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز عددها العشرين في حزيران 2017 ليكون تخليداً للذكرى الاربعين لاستشهاد كمال جنبلاط وليوم الوفاء الذي شهدته المختارة في 19 آذار.

وتحت عنوان “40 سنة حضور”، إعتبرت إدارة تحرير “الضحى” أنه “قبل 40 سنة سعوا لتغييبه وهو حاضر مهيمن وهم الذين غابوا. هو بكل بساطة عصي على كل فنون التدمير لانه لا يسكن مكاناً ولا يقارب من مكان وليس شيئا يمكن أن تطاله المكائد والرصاص الجبان، لكنه نور ساطع محفوظ للاجيال في مشكاة العقل الخلاق وذخائر الحضارة وفي تضاعيف الافئدة والحكايات وفي أعمق طبقات الوعي والهوية وهو شعلة الفخار وهو غذاء البقاء والصمود”.

وتوقفت “الضحى” في عددها عند مشهدية يوم 19 آذار 2017، معتبرة إنه إكتسب بحشده غير المسبوق منذ ثورة الارز في العام 2005 صفة الحدث الوطني الكبير من النوع الذي يأخذ مكانه في كتب التاريخ كمحطة مهمة في مسار لبنان.

19 اذار

وقد فنّدت “الضحى” الاهداف التي حققها يوم 19 آذار وأهميته السياسية والوطنية والتاريخية، لا سيما الحدث الكبير الذي تمثل بالبيعة والولاء لتيمور جنبلاط الذي تسلم رسميا كوفية الزعامة المر وأمانتها الجسيمة من زعيم تاريخي تاريخي فاق بحجمه وأثره البعيد الامد حجم قاعدته الدرزية فهو ابرز القادة الوطنيين الذين عملوا على دحر آثار الاجتياح الاسرائيلي عام 1982 وكان لقيادته ولتضحيات رفاقه في الجيش الشعبي والحزب التقدمي الاشتراكي وصفوف المجاهدين والحلفاء من القوى والاحزاب الوطنية فضل كبير في توفير الظروف لاعادة صياغة النظام السياسي اللبناني وصولا إلى إتفاق الطائف.

وإعتبرت “الضحى” أن مبايعة تيمور جنبلاط تمثل تعبيراً عن إستمرارية لافتة في قوة وفعالية الزعامة الجنبلاطية على مدى قرنين ونص قرن من الزمن.

الريس

وفي شهادات خاصة بالمناسبة، قال مفوّض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي وعضو مجلس إدارة المجلس المذهبي الدرزي رامي الريس لـ “الضحى”: “ليست الكتابة عن كمال جنبلاط مهمة سهلة، فهو الفيلسوف والسياسي والمفكر والباحث والشاعر، هو الباحث أبداً عن العدالة الاجتماعية والمناضل في سبيلها وفي سبيل الحرية والديمقراطية والاعتدال، هو المؤمن بعروبة لبنان ووحدته وإلتصاقه بقضية العرب المركزية، قضية فلسطين، هو المنحاز إلى العمال والفلاحين الذين بسواعدهم سيغيرون هذا العالم”.

وأضاف الريّس: “كمال جنبلاط ناضل في سبيل التحرر الاقتصادي والاجتماعي لبناء مجتمع ودولة وحضارة، تنعكس فيها أكثر ما يمكن قيم الانسان ومقاييس عقله وحقيقة طبيعته البشرية”.

الحركة الوطنية وكمال جنبلاط

وقال: “عندما طرح كمال جنبلاط المشروع المرحلي للاصلاح السياسي في آب 1975 إلى جانب كوكبة من المناضلين في الحركة الوطنية اللبنانية، عكس رؤيته لإحداث التغيير السياسي الذي ينطلق من أسس المساواة بين اللبنانيين بعيداً عن إنتماءاتهم الطائفية والمذهبية. وأن تمر كل هذه العقود على البرنامج المرحلي من دون أن يشق طريقه إلى التنفيذ، فإن في ذلك مؤشرات في غاية السلبية ودلالات قاطعة على قصور النظام السياسي اللبناني وعدم قدرته على إستيلاد آليات التطوير الذاتي والتغيير السلمي الديمقراطي من دون السقوط في دورات من العنف ودورات من الحروب والنزاعات المسلحة”.

وتابع: “إن قواعد الامتيازات الطائفية الموروثة جعلت النظام السياسي في خدمتها وأقفلت كل مجالات التغيير والتطوير والاصلاح الحقيقي، وأفرغت كل البرامج السياسية الاصلاحية من قدرتها على التغيير مما هدد أسس الديمقراطية اللبنانية، التي رغم هشاشتها ووهنها ومكامن ضعفها، ظلت متنفساً للبنانيين والعرب الذين عانوا من أنظمة القمع والاستبداد والقهر. واليوم يعود الخطاب الطائفي والمذهبي ليفرض نفسه في مختلف أوجه الحياة الوطنية والسياسية اللبنانية ويعيد فرز اللبنانيين وفقاً لطوائفهم ومذاهبهم بعيدا عن الانتماء الوطني وحتى الانساني. وكما حاول كمال جنبلاط طرح البرنامج المرحلي لتلافي الانفجار الكبير، وهو ما لم يحصل نتيجة إجهاض البرنامج من أطراف محلية واقليمية ودولية كما هو معروف، فإن ثمة حاجة اليوم لإعادة الاعتبار لما ورد في الدستور تحديداً الغاء الطائفية السياسية”.

وأردف الريّس: “إن التحول نحو نظام المجلسين، مجلس النواب (المفترض إنتخابه خارج القيد الطائفي) ومجلس الشيوخ (الذي تتمثل فيه الطوائف والعائلات الروحية) من شأنه أن يساعد على الخروج التدريجي من الواقع الطائفي المأزوم الذي يُطوى من خلال التوجه نحو تفكيك عناصر النظام الطائفي وليس تكريسه كما يطرح من هنا وهناك!”.

رامي-الريس8

ورأى الريس أن “تجاوز الصيغة الطائفية والمذهبية المتخلفة للنظام السياسي نحو نظام ديمقراطي عصري قادر على مواجهة التحديات المتنامية من كل حدب وصوب على المستويات السياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، بات حاجة ملحة لتلافي الانهيار الذي تتصاعد المخاوف منه في ضوء التطورات الاقليمية الخطيرة والانقسام الحاد بين المحاور الذي تشهده المنطقة فضلاً عن إستمرار النزاع العربي – الاسرائيلي من دون اي أفق للحل بسبب سياسات الاحتلال الاسرائيلي في التوسع الاستيطاني وقضم الاراضي ورفض حق العودة وإجهاض كل محاولات التسوية السلمية منذ مؤتمر مدريد للسلام (1991) وحتى يومنا هذا. ولكن، هل سيستطيع لبنان الذي يرتكز النظام السياسي فيه على الطائفية والمذهبية أن يحافظ على إستقراره وسلمه الاهلي في الوقت الذي تتصاعد فيه حدة الصراعات الطائفية والمذهبية في المنطقة العربية والاسلامية، وهل يمكن له أن يشكل نموذجاً في صيغة التعددية والتنوع والشراكة التي لطالما تميز بها ولو أنه لم يحسن إدارتها في الكثير من المنعطفات والمحطات؟”.

وختم الريّس: “إنها تساؤلات مشروعة، لكنها للاسف تبقى من دون إجابة! فلنعد جميعا إلى كمال جنبلاط”.

شهادات

كما ضم عدد “الضحى” شهادات بالمعلم من الصحافي سركيس نعوم الذي إعتبر أن “كمال جنبلاط كان صاحب موقف وصاحب رؤية وصاحب مشروع. وفتح باباً لانتقال لبنان من دولة الطوائف إلى دولة مدنية لكن اللبنانيين لم يصغوا إليه والمسيحيين لم يفهموه”.

أما ناشر جريدة “السفير” سابقاً الاعلامي طلال سلمان فقد أدلى بشهادة فيها الكثير من المحطات الشخصية مع كمال جنبلاط ناقلا عنه مواقف مهمة عن محطات مهمة من تاريخ لبنان والمنطقة.

وغيرها الكثير من التفاصيل والمواقف في عدد “الضحى”.

(الأنبـاء)