قانون بلا نكهة سياسية وقيمة اصلاحية؟!
فيصل مرعي
23 يونيو 2017
من السابق لأوانه، الحكم نهائياً على القانون الانتخابي الجديد، خاصة وأنه من المبكر القول: إنه سيوصل نواباً جدداً من لدن وطينة الشعب، وان المجلس النيابي قد يشهد وجوهاً جديدة (واي وجوه!) ترافقاً مع أفول نواب تقليديين (وأي نواب!) لم يكن لهم القدرة على العطاء طوال فترة تواجدهم في الحياة السياسية، كما من الممكن فوز وجوه لم يحالفها الحظ بموجب قانون “الستين” والذي قد يساهم في ايصالهم، هو هذا الصوت التفضيلي، علماً أنه ليس في اساس اللعبة الانتخابية، ولا قدرة له على التأثير في إنجاح نائب وإفشال آخر، بل التحالفات هيالاساس في تحديد الفوز او الاخفاق، اضافة الى البرنامج الانتخابي التي ستعتمده هذه اللائحة او تلك. قد يكون هنالك مفاجآت في صعود وجوه جديدة، وغياب أخرى، إنما ليس بالشكل الذي نتوقعه.
فالقول إن القانون الانتخابي على قاعدة النسبية (وأي نسبية!) قد ينقل البلاد من حال السوء الى حال الانفراج، بعد مرحلة انتظار طويلة، فيه الكثير من المغالطات والمبالغات، سواء على مستوى الشكل، او على مستوى المضمون، باعتبار انه لم يرض طموحات الشعب، لا سيما لجهة عدم تخفيض سن الاقتراع، وتجاهل اقرار “الكوتا” النسائية، وإنشاء مجلس. وعلى هذا، أين نحن من حياة سياسية جديدة؟ أين نحن من عدالة التمثيل الصحيح؟ أين نحن من تعزيز العيش المشترك؟ بهذا، لم تكن لهذا القانون قيمة إصلاحية تذكر، خلاصاً للبنان من أزماته وعثراته. قانون قد هدّأ من روع الناس لا اكثر، في وقت ليس هو المطلوب بعد سنوات عجاف عاناها الشعب كل الشعب، وبعد هذا البُعاد بين مختلف شرائحه ومكوناته. ذلك ان الهوة بين اللبنانيين ستبقى قائمة بموجب هذا القانون، طالما أن هنالك فوارق سياسية، وطالما ان هنالك مستأثرين بالقرار السياسي، ما يعني ان لا مساواة في الحياة السياسية، ولا مناصفة وعدالة حقيقية، وان تجسدت هذه المناصفة بالارقام بموجب اتفاق الطائف.
في كل الاحوال، لا ضير من هذا القانون، في حال حسن تقسيم الدوائر، وضبط عنصر المال، والاعلام، والإعلان، أي بمعنى آخر، توحيد المعايير في كل هذه العناوين. ومن اسوأ ما ورد في هذا القانون، اعتماد اللائحة المقفلة، ما اعاق وقيّد حرية الناخب، وجعله لا يتلاءم وذهنية اللبناني، فضلاً عن منع كل لبناني من الترشّح منفرداً.. وإجباره على الانضمام الى لائحة مكتملة، أو غير مكتلمة. والاكثر سوءاً، ان الانسان الأمّي، والغير عارف بالعملية الانتخابية، لا يستطيع ان يقوم بعملية الاقتراع، ليس فقط لصعوبتها، بل لجهله بها، باعتبار ان الداري بها يلزمه فترة طويلة للتدريب، فكيف بالانسان الساذج؟!
السؤال: هل فعلاً هذا القانون يتمتع بنكهة سياسية، وبقيمة اصلاحية، ليغلّب المنطق الوطني على المنطق الطائفي، ويعزّز العيش المشترك ولو بالحد الأدنى؟
علماً ان العيش المشترك، يتطلب اول ما يتطلب النظر في الثقافة السياسية-الاجتماعية. فهل في مضامين هذا القانون ما يشير الى البدء بإلغاء الطائفية السياسية ولو بالحد الادنى. إننا على يقين، ان هكذا قانون، لا يساهم في قيامة وطن، باعتبار ان الاوطان تقوم على اساس المواطنية وليس - – وعلى تهيئة قانون حديث هيكلةً للاحزاب، يفسح في المجال لحياة سياسية منفتحة، وبالتالي الى اعادة النظر في هذا البرنامج التربوي، توحيداً لكتاب التاريخ، لانه عندما نوحّد كتاب التاريخ نوحد لبنان.
من الخطأ بمكان، بعد سبعين سنة ونيّف من عمر الاستقلال، ان نأتي بقانون اعوج، لا يُمهِّد الطريق الى النسبية الحقيقية لا غير.
في كل الاحوال نحن بانتظار ما سينتج عن هذا القانون سيما وان العبرة في الافعال لا في الاقوال.
نأمل مستقبلاً، اعتماد قانون انتخابي فيه من التوازنات السياسية والديمقراطيات المتقدمة ما يُغني، إقامة للبنان: جديد، علماني، ديمقراطي، وللبنان الرسالة والقيم السياسية، لا لبنان الكسيح، واهواء الآخرين..
(الأنباء)