مهرجانات بيت الدين… عندما يحارب وليد ونورا جنبلاط بالثقافة!

بقلم سامر ابو المنى

في عام ١٩٨٥ وبينما كانت الحرب الأهلية اللبنانية تدور من جبهة الى جبهة ومن منطقة الى أخرى، إنطلقت مهرجانات بيت الدين لتشكل واحة ثقافية وفنية، ومتنفساً لكل اللبنانيين الذين كانوا يأتون الى بيت الدين من كل المناطق ليتذوقوا الفن الأصيل في ليالي صيف القصر التاريخي.

عند إنطلاق المهرجانات لم يكن ثمة دولة، بل كانت الدولة دويلات، كان هناك رجل يؤمن بالفن والثقافة، وبأن الفن والثقافة هما بحد ذاتهما حرب على الحرب، أطلق وليد جنبلاط المهرجانات وقدم لها كل الدعم المادي وكل التسهيلات اللوجستية، وتأسست لإدارتها لجنة برئاسة السيدة نورا جنبلاط، التي كان لها الدور الأبرز في إنجاح المهرجانات من خلال رؤية ترتكز على فهم الدور المنوط بهذا الإطار الثقافي الجامع، بما يشكله من تلاقٍ وتقاطع بين العديد من الثقافات.

nora-joumblatt

سنة بعد سنة اثبتت هذه المهرجانات ريادتها لبنانياً وعربياً وصارت واحدة من اهم النشاطات الثقافية عالميا، إذ تستقطب كل عام فنانين مرموقين من كل أنحاء العالم ومن ثقافات متعددة. فعلى خشبة المهرجان غنى فنانون كبار، امثال فيروز وصباح فخري ووردة وكاظم الساهر وماجدة الرومي ومارسيل خليفة،  وشارل ازنافور وريكي مارتن وساره باراس وروبرتو الينا وماكس رابي وغيرهم كثير، إضافة الى الاستعراضات والعروض المسرحية والباليه والمعارض.

مهرجانات بيت الدين ابقت لبنان في عين الثقافة عندما كان لسنوات في عين العاصفة، ووضعته على خارطة الفن الراقي في زمن الانحدار، وكل هذا النجاح يعود في الأساس للرجل المثقف الذي يعمل لتعزيز المكانة الثقافية للبلد ، بقدر ما يحاول تعزيز المكانة السياسية والإجتماعية لشعب انهكته الحروب.

في عزّ الحرب والانقسام لبنن جنبلاط الفاعليات الثقافية للمهرجانات، ومع انتهاء الحرب شرعن لجنتها لتكون تحت رعاية الدولة اللبنانية، وتوّسع نشاطها ليشمل فنانين عرباً كبار، ومن ثم فنانين عالميين، وما زال الى اليوم يمنحها الدعم الذي تقصّر عنه الدولة لتبقى مهرجانات بيت الدين منارة لبنان الثقافية.

(الأنباء)