في ذكرى استشهاد حاوي لم ولن يتمكنوا من اغتيال الاعتدال

منير بركات

لقد كان قتله شهادة حية للوسطية والإعتدال وما يعني ذلك من الاهمية في التوازن والحوار والعيش المشترك والمواطنة بأنها ممكنة وعظيمة، ومرفوضة لدى طرف ما، استثناء، لكنه متعدد يجمع كسورا من متناقضين متفقين على السلبية ضد المستقبل، ضد عدو مشترك هو لبنان الناهض بالسلام الداخلي بعيدا عن التحجر. استشهد جورج حاوي عندما اكتملت نقلته من الايديولوجية الى الثقافة والسياسة ومن الانغلاق الحزبي الى الانفتاح ومن العقائدية الى الواقعية الوطنية.

وهو الذي مارس نقدا علنيا شجاعا فكريا وسياسيا، وعلى المستوى الاممي والقومي والوطني اللبناني ولم يكن متفردا في نقده بل ان ورشة نقدية غنية للتجربة عمت اليساريين ولم يتخلف منهم الا من كان اقرب الى التخلف وهو الذي يتسلح بالشرعية الحزبية وبقي مدانا بتحالفاته وجموده العقائدي ومواقفه السياسية وازمته في التنظيم والهوية والقيادة.

لقد سارع مبكراً “ابو انيس” الى النقد الذاتي للحرب الاهلية اللبنانية كشرط لإعادة تأسيس السلم الاهلي على المصارحة والمصالحة والديموقراطية، وتنفيذا لبند العيش المشترك في اتفاق الطائف في شرطه السياسي … مشجعا كل الاطراف الاخرى من القيادات الروحية والجبهة اللبنانية والقوات مرورا بالاحرار والكتائب ولو كانت خجولة تفتقر الى خطاب نقدي واضح وتفصيلي للماضي.

جورج حاوي

قتل جورج حاوي بعد ان استكمل استعداده في استقبال يسارا جديدا خارج التزمت والفئوية والمفاهيم الانقلابية، وحلم باستقبال لبنان الآتي، المعقد والصعب وبالشراكة بين خصوم الامس المتقاتلين البائسين من جدوى الحرب العائدين الى الاختلاف على قاعدة الحوار والتواصل والتكامل والعمل على الوحدة على قاعدة التعدد والتنوع.

لا احد ينكر على “ابو انيس” دوره في اطلاق جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ومواجهة الاحتلال الاسرائيلي الى جانب رفيقه الصامت ببلاغته محسن ابراهيم وكان لهما شرف اعلان البيان التأسيسي الاول من منزل الشهيد كمال جنبلاط الذي جاهر الرفيق جورج حاوي بمفاخرة الانتماء الى مدرسة الشهيد الكبير وبقي وفيا لتراثه إلى الرمق الأخير.

اذا بمزيد من التطرف في الاعتدال يخسر المتطرف في السياسة وفي القتل، وينتصر الاعتدال واهله وينتصر لبنان والمستقبل الذي نبنيه بالشراكة مهما خذل شعبنا في عدم تلمس عملية التغيير الحقيقي من اجل تحقيق وطن ودولة حديثة التي لا يمكن بنائها الا من خلال التراكم الديموقراطي التدريجي وبتعاظم وعينا بدورنا وبالأخطار المحدقة به وبنا في محيط ملتهب يهددنا ويهدد مصير الشعوب والامة بمجملها.

كم كنا بحاجة اليك يا رفيق جورج بعد الضجيج الطائفي الاخير، والذي جاء “مخلوطا” بكلام وطني وتغييري ملتبس الدلالة لترسي معها قانون انتخابي هجين لينتج سلطة تشبهه وسوف يسيطر نهج اجتثاث الاعتدال في عصر التطرف لكنهم لن ينجحوا بإرادة شعبنا.

في ذكراك في في يوم ٢١ حزيران نضيئ الشموع من اجلك ولك التحية من رفاقك الاوفياء الذين تبنوا نهجك كما والتي كان للحركة اليسارية اللبنانية شرف تبنيك لبذور تكوينها من رحم اليسار الحقيقي المنفتح بعيدا عن القوالب الجامدة والاسقاطات المتحجرة .

*رئيس الحركة اليسارية اللبنانية

اقرأ أيضاً بقلم منير بركات

طلّة راقية في ذكرى مولده

لن يتمكنوا من تغيير هوية الجبل ووجهه

التحذير الفرنسي للبنان شبيه بتحذير السفير الفرنسي قبيل اجتياح 1982!؟

مفهوم الدولة وشروط تكوينها 

مكامن الخلل في تجزئة الحرية؟

أهل التوحيد والتاريخ المجيد… غادروا الماضي واصنعوا المستقبل !؟

الألفية التاريخية للموحّدين الدروز

تحفّزوا بالقامات الكبيرة يا حديثي النعمة!؟

بعيداً من التبسيط.. البلد على حافة الهاوية!؟

العقوبات غير المسبوقة تصيب مقتلاً في النظام الإيراني

الموحّدون الدروز: المخاوف من إطاحة الوطن

مبادرة “التقدمي”: خطوة متقدمة لحماية الحريات العامة

على الرئيس المنشود ممارسة القمع لكي يكون مرشح الناخب الأول!؟

تلازم الفاشية مع الطائفية ومأزق الحكم

أين المصير الواحد والبلد الواحد واللغة الواحدة من كل هذا؟

المطلوب وقفة موحدة ضد النظام!

الشعوب ضحية الأطماع الدولية والأسد فقد دوره الأقليمي

بلورة المشروع الوطني المعارض

رسالة الى رئيس الجمهورية

الاطاحة بالطائف يعيدكم الى حجمكم!؟