بين السلاح المتفلت والسلاح المرخص

فريد محمود

تبين الاحصاءات والدراسات العلمية التي أجريت في مختلف دول العالم ان تنفيذ عقوبة الاعدام لم تترك أثر على عدد جرائم القتل، فالعديد من الدول التي عدلت قوانينها لهذه الجهة لاحظت ان هذا التعديل ينعكس على عدد الجرائم التي يحكم على مرتكبها بالإعدام.

فالدول التي الغت عقوبة الاعدام لم يتبين لها من خلال الاحصاءات والدراسات التي أجرتها ان عدد الجرائم قد ازداد بعد الغاء الاعدام، كما ان الدول التي ادخلت عقوبة الاعدام الى قوانينها لم يتبين ان عدد الجرائم قد تراجع بهد تعديل قوانينها لهذه الجهة.

يجمع علماء القانون والاجتماع ان عقوبة الاعدام لم تترك أي أثر على عدد الجرائم لا سيما القتل منها، ومن المسلم به أن جرائم القتل تقع في جميع الدول كما قد تقع في أي وقت من الأوقات، ولبنان كأي مجتمع آخر يمتلك سجون وله منظومة قضائية ونصوص قانونية جزائية تمنع القيام ببعض الاعمال وتفرض على من يرتكبها عقوبات جزائية، وكل ذلك بهدف الحد من الجريمة ومعاقبة مرتكبها بعقوبة تتلاءم والجرم المرتكب.

لا يحتاج المواطن اللبناني ان يكون من اصحاب الاختصاص او من المتابعين للجريمة في لبنان كي يلاحظ ازدياد عدد جرائم القتل في الآونة الأخير، فلا يكاد يمر اسبوع إلا ونسمع بارتكاب جريمة قتل، دون ان يغيب عن بالنا ازدياد عدد حالات الانتحار بشكل مخيف.

itlak-nar

بعد كل جريمة قتل ترتفع الاصوات مطالبة بالإعدام، ووصل الامر الى حدّ المطالبة بتفعيل القانون لجهة عقوبة الإعدام. القانون اللبناني ينص على عقوبة الإعدام، وقد صدرت استناداً الى نصوصه احكام بهذه العقوبة، مع العلم أن الاخيرة منها لم تنفذ تحت عناوين مختلفة.

بحسب الاحصاءات والدراسات تفشي ظاهرة جرائم القتل لا تعتمد على عقوبة الاعدام، والملاحظ في لبنان لا سيما في الآونة الأخير ان أسباب جرائم القتل لا ترقى لان تكون الا اسباب لجرائم القدح والذم وعلى الاكثر الضرب والايذاء. أمام هذا الواقع ألا يستحق الأمر ان يتم النظر اليه من زاوية اخرى؟ ألا تستحق هذه الظاهرة الخطيرة بأن ينظر إليها من زاوية فقدان السلطة لهيبتها؟ او من زاوية العشوائية والمحسوبية في منح تراخيص السلاح بسبب او من دون سبب، لأصحاب السوابق والخارجين حديثاً من السجون دون التلفت الى سجله العدلي؟ الا يجب النظر اليها من زاوية التجول بسيارات ذات زجاج داكن بترخيص او من دون ترخيص والتجول بالسلاح المرخص وغير المرخص دون اي وجل او تهيب من السلطة؟

الا يجب النظر الى الامر من زاوية ضرب القوانين بعرض الحائط من قبل اصغر مواطن حتى كبار أصحاب الشأن والمعنيين بتطبيق القوانين وتنفيذها؟ بماذا يختلف تفعيل قانون العقوبات عن تفعيل قوانين أخرى كقانون البناء مثلاً أو القوانين البيئية أو قانون الحد من التدخين؟ الموضوع هو هيبة السلطة واحترامها هي اولاً للقوانين النافذة وفرض تطبيقها بموضوعية وبعدالة بين المواطنين بصرف النظر عن انتمائهم ومستوياتهم وموقهم ودورهم في المجتمع بالتالي ضبط حالة التفّلت القائمة على المستويات كافة.

  • أمين سر لجنة الإدارة والعدل في مجلس النواب

(الأنباء)