قانون “افضل الممكن”.. لتجديد القديم

سامر أبو المنى

لبنان الفريد من نوعه، بتركيبته السياسية والاجتماعية، وتلويناته الطائفية والمذهبية، بات له قانون للانتخابات هو “افضل الممكن” قائم على النسبية، لكنه يرتكز على بدع لا تُخرجه عن سكة تقاسم السلطة، بما إصطلح على تسميته الديمقراطية التوافقية.

فلبنان، هذا البلد الذي تتحكم فيه عقلية العشائر، وتتنازعه عصبيات الطوائف، توّصل سياسيوه الى قانون “عصري” للإنتخابات التشريعية هو عصارة سنوات من الجهد والتعب، والدرس والتمحيص، كاد في لحظة من اللحظات ان يضرب مرتكزات الوفاق الوطني، وأن يطيح بالسلم الأهلي، لولا قلة قليلة من المدركين لأهمية تجنيب البلد مخاطر الانزلاق الى الهاوية في ظرف دولي وإقليمي بالغ الدقة، فكان ان قبل البعض ببعض ما كان يرفضه، وتنازل البعض عن بعض ما كان يتمسك به من مطالب، ليولد القانون الذي سيتغير بالتأكيد في المستقبل، تبعا للظرف السياسي حينها، وتبعا للتجربة التي ستُبيّن الثغرات فيه، بعد أن تظهر النتائج التي سيفرزها هذا القانون.

Election-leb

في لبنان توضع القوانين لتحفظ مواقع الطوائف وزعمائها، تتحكم المذهبية باللعبة السياسية، تتغير الأساليب، ولا يتغير المبدأ، فالنظام الطائفي هو الأساس.

ما لم يتغير النظام السياسي، وما لم يقتنع الشعب بضرورة تغييره عبر الغاء الطائفية السياسية، ستبقى القوانين الانتخابية صورة عن تركيبة البلد، ولن ينتج عنها سوى طبقة فاسدة تتقاسم خيراته كما تتقاسم النفوذ فيه.

غداً ستجري الإنتخابات وفق قانون جديد سيُجدد القديم، ويبقي على السلطة التشريعية مجلساً مليّا تنبثق منه الطبقة السياسية نفسها، وسيبقى الناخب كما كان من قبل، يمتعض ويغضب وينتقد، ثم يذهب الى صندوق الإقتراع.

لو دفنا “الستين” وغيّرنا قوانين الانتخاب سبعين مرّة، لن يتغير أي شيء ما لم يتغير النظام!

(الأنباء)