سباق تسلّح غير معلن في المنطقة… ولبنان يترقّب!

يترقب لبنان والمنطقة، النتائج العملية لقمّة الرياض العربية الإسلامية الأميركية. لا شك أن أسقف الخطابات جاءت مرتفعة وتصعيدية، وهي تنذر بإمكانية زيادة التوتر في الإقليم. حجم الصفقات المعقودة ينذر بسباق تسلّح غير معلن، وهذا يؤدي بشكل أو بآخر إلى زيادة احتمالات تنامي المعارك السياسية وغير السياسية في المنطقة، خاصة في ظل تصعيد المواقف ضد إيران. ولا شك أن لبنان الذي إنقسم على نفسه من جراء تغريدات متضاربة حول البيان الختامي للقمة، ينتظر تداعياتها السياسية، إذ من الواضح أن حزب الله لن يقبل بوصفه بالإرهابي، بالإضافة إلى مستجدّ جديد هذه المرّة في البيان الختامي للقمة السعودية الأميركية والذي شدد على وجوب نزع سلاح الحزب وحصره بيد الجيش اللبناني.

ما لا شك فيه، أن سلاح حزب الله جزء من منظومة إقليمية تفرضها الوقائع على الأرض، ولا يمكن تغييرها إلا بحلّ هذه الأزمة الإقليمية، والتي بالتأكيد لن تكون الحرب العسكرية، إنما المفاوضات والحوار هي التي تؤدي إلى نتائج لإلقاء السلاح، تماماً كما حصل في إتفاق الطائف الذي أنهى الحرب اللبنانية.

صحيح أن السلاح والمعارك تشنّ لتحسين الشروط السياسية وتحقيق أهداف يجري “تقريشها” بالسياسة، ولكن في مرحلة ما، يتعب المتقاتلون، ويدمّر المجتمع وحينها تدقّ ساعة التسويات والرضوخ إلى التنازلات في الحوارات. وهذه اللحظة التي يجب على الجميع العمل على تقريبها لأجل إنهاء مأساة الشعب العربي من المحيط إلى الخليج.

بحسب مصادر متابعة، فإن بيان قمّة الرياض قد يدفع بعض الاطراف في لبنان إلى التصعيد رداً على مضمونه، وهذا ما قد ينعكس على قانون الإنتخاب وتصعيد الأسقف بهدف تحسين المزيد من الشروط، وهنا تشير المصادر إلى أن الحزب سيتمسك أكثر بخيار النسبية الكاملة على أساس الدوائر الست، لما يعتبره مكسباً سياسياً ومعنوياً له بمواجهة كل محاولة الضغط وفرض حصار عليه. وبالتالي في حال عدم التنازل والتشدد أكثر، فإن الفراغ سيهدد البلاد أكثر فأكثر، وهذا ما سيصبح أخطر في ظل التصعيد الإقليمي.

ووسط موجة التصعيد هذه، وتحسباً لإنعكاسها على لبنان، برزت مواقف عديدة لرئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، شدد فيها على أهمية الحوار، وضرورة فتح آفاقه عوضاً عن التصعيد، وذلك بهدف تخفيف التوتر ونقل الإشتباكات من الميدان إلى طاولة المفاوضات.

وفي هذا السياق، إعتبر جنبلاط أن شراء هذه الكميات من الأسلحة، تعني المزيد من الإستنزاف للعالم العربي وغير العربي. وبالتأكيد أن تغريدة جنبلاط ليست آنية أو حدثية، إنما مرتبطة بجملة أحداث وتطورات، لم تبدأ مع القمة ولن تنته بإنتهائها، لا بل هي دعوة صريحة لضرورة إلقاء السلاح ووقف الحروب والتقاتل والذهاب نحو الحوار لإنتاج الحلول ووقف معاناة الشعب العربي.

قد يكون السلاح ضرورياً في مكان ما للدفاع عن النفس وعن المصالح الإستراتيجية للدول، لكنه أيضاً يجب أن يترافق مع برامج تنموية أخرى تنتشل الشعب من أزماته التعليمية والإجتماعية والإقتصادية.

المعروف عن جنبلاط، قدرته الكبرى في ربط الأحداث ببعضها البعض، وإسقاط ما هو سياسي على ما هو ثقافي، وفي هذا الإطار جاءت إشارته إلى احد الأفلام الإيرانية الذي يعرض في مهرجان كان السينمائي، أراد جنبلاط أن تقرأ رموز هذا الفيلم وإشاراته، والتي ربطها باختيار الشعب الإيراني للتجديد للرئيس حسن روحاني، وهذا يعني أن الشعب الإيراني يريد الإنفتاح واستمرار الحوار ولا يريد التصعيد، لانه لو أراد ذلك، لكان اختار مرشح المحافظين والمتشددين.

وربطاً بذلك، فإن هذه اللحظة قد تكون مناسبة من أجل إنتهاز فرصة التحاور مع إيران لوضع إتفاق إطار حول جملة أمور في المنطقة والإقليم لتجنّب المزيد من هدر الدماء. الشعب الإيراني يقول كلمته، لأنه يريد التغيير والإنفتاح، وهذا ما يجب تلقّفه بطريقة سلسلة، لان التصعيد قد يؤدي إلى إلتفاف الإيرانيين خلف المتشددين ومن شأنه تسعير الحروب والتوترات.

ربيع سرجون – “الأنباء”