يرق ممثلاً حماده: عصر أجهزة التواصل يستدعي مقاربات جديدة تتماشى معه

نظم مكتب اليونيسكو الاقليمي للتربية في لبنان، وبالشراكة مع وزارة التربية والتعليم العالي، وكلية التربية في الجامعة اللبنانية ندوة وطنية عن “التعليم من اجل المواطنة العالمية ومنع التطرف العنيف”، في اطار البرنامج الوطني لإعداد المعلمين في لبنان، برعاية وزير التربية والتعليم العالي مروان حماده ممثلا بالمدير العام للتربية فادي يرق.

وشارك في الندوة الخبيرة الدولية جان برنار و60 استاذا من كلية التربية، على ان تليها جلسات عمل للبحث في الهدف الرابع من اهداف التنمية المستدامة وهو “توفير التعليم الجيد للجميع”.

بداية النشيد الوطني وكلمة تقديم باسم مكتب اليونسكو ألقاها الدكتور حجازي ادريس الذي لفت الى ان “الموضوع المطروح للجنة والنقاش يحمل عوامل كثيرة سواء على المستوى الاعلامي والديني او الجانب التروي. واليوم يبدأ المكتب، بالتعاون مع كلية التربية، مناقشة هذا الموضوع المهم من الناحية التربوية”.

الهمامي
وتلاه المدير الاقليمي وممثل المنظمة في لبنان حمد بن سيف الهمامي بكلمة قال فيها:
“يسعدني ان ارحب بهذه النخبة المتميزة من الاساتذة والخبراء التربويين في مكتب اليونيسكو الاقليمي للتربية في الدول العربية. تضع اليونيسكو برامج اعداد المعلمين قبل الخدمة وبعدها في اولى اهتمامها. واسمحوا لي ان اعبر ايضا عن سعادتي بشراكتنا مع وزارة التربية وكلية التربية في الجامعة اللبنانية في تنفيذ هذه الندوة في اطار مشروع دمج مفاهيم التربية على المواطنة ومنع التطرف العنيف في برامج اعداد المعلمين. هذا المشروع الذي يؤكد دور الجامعات الرئيسي في إحداث التغيير وتحقيق التقدم في المجتمع – ودور كليات التربية على الاستجابة للقضايا التربوية المعاصرة التي تواجه عالمنا اليوم، ومنها ارساء اسس السلام والاحتفال بالتنوع ونشر ثقافة المواطنة”.

وأضاف: “لم يعد يقتصر دور الجامعة على تطبيق الأبحاث في خدمة المجتمع والمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة وتقدم المجتمعات. ولهذا تصبح كليات ومعاهد التربية مطالبة بمراجعة نقدية ودورية لمناهجها والقيام بدراسات وأنشطة غير تقليدية تسهم في رفع الكفاية المهنية والثقافية لطلابها. هذا ينطبق على دور الجامعات عموما وفي حالة كليات التربية يكتسب هذا الدور معنى إضافيا لكونها منوطة بإعداد المعلم الذي هو حجر الزاوية في بناء أسس مستقبل الدول”.

وتابع: “كلنا نتفق على جودة أي نظام تعليمي تقاس بمستوى جودة معلميه. فالمعلمون هم الأساس لتوفير التعليم الجيد للجميع وبهم تهيأ عقول الأجيال العتيدة ومواقفها بحيث تتمكن من مواجهة التحديات العالمية الجديدة واغتنام ما يستجد من فرص على الصعيد العالمي. لقد بات التعليم المبتكر والجامع والرامي إلى تحقيق النتائج حاسما إذا ما رغبنا في إتاحة أفضل الفرص لملايين من اطفالنا وشبابنا. لذا، يدعو الهدف الرابع للتنمية المستدامة، توفير التعليم الجيد للجميع والركن الأساسي لجدول أعمال التعليم حتى عام 2030. ويعد تحقيق هذا الهدف عاملا حاسما في تحقيق سائر أهدافنا الإنمائية الشاملة، إذ تعتمد عملية إقامة مجتمعات قوية على وجود مواطنين متعلمين وقوة عاملة مدربة تدريبا جيدا. ولكن لا يمكن تحقيق ذلك الا من طريق الاستثمار في توظيف المعلمين ودعمهم وتمكينهم”.

وقال: “كلنا نعرف ان انتشار العنف وخطابات الكراهية والتطرف العنيف هي من أهم التحديات السائدة في منطقتنا. ولمواجهة هذه التحديات، يحتاج الاطفال والشباب إالى فرص تعلمية لاجل تطوير المعارف والمهارات وامواقف التي ا تساعدهمهم في تبني مواقف إيجابية مع الآخر المختلف.

ففي هذا الاطار، تم إعداد هذه المبادرة الفريدة الأولى في لبنان وفي المنطقة مع كليات التربية بهدف تحفيز دور المعلم وإشراكه بشكل ملموس في نشر ثقافة المواطنة ومنع التطرف العنيف. وهي مبادرة رائدة لا سيما أنها تعالج مسائل تعني لبنان مباشرة”.

واضاف: “لا يمكننا كخبراء تربية أن نغفل المبدأ التربوي الذي يقر أن بناء قيم التسامح والمواطنة لا يمكن تناوله معرفيا وأكاديميا، بل يجب أن يعيشه وبممارسة الطالب كأنشطة داخل المدرسة وخارجها.
كلنا ثقة بأن طلاب كليات التربية في لبنان يمارسون هذه القيم لكي ينقلوها إلى طلابهم مستقبليا”.

وختم: “كل الشكر لشريكنا الدائم – وزارة التربية والتعليم العالي في لبنان، ولرعاية معالي الوزير الاستاذ مروان حماده، ولسعادة المدير العام الصديق الاستاذ فادي يرق، ولعميدة كلية التربية ولجميع الحضور”.

الهاشم
والقت عميدة كلية التربية في الجامعة اللبنانية الدكتورة تيريز الهاشم كلمة قالت فيها: “ان التزام كلية التربية في لبنان مواكبة تحقيق اهداف التنمية المستدامة يفرض عليها العمل على تطوير اهدافها ومناهجها وادائها وطرق تدريسها وتطوير قدرات الجهاز التعليمي، ولا سيما ان الكلية هي الجهة الوحيدة على المستوى الوطني الموكل اليها الاعداد التربوي لكل الجهاز التعليمي والاداري للقطاع الرسمي في لبنان”.

وأضافت: “ان ورشتنا هذه حول التربية على المواطنة العالمية والوقاية من التطرف العنيف تأتي في وقت دقيق حيث العنف والارهاب والتطرف يهددون السلم والامن الجماعي والفردي وحيث ان لا تقدم ولا تنمية من دون السلم والاستقرار والامن.

لقد تميزت كلية التربية بانها اوجدت في مناهجها مقررا خاصا للتربية على المواطنة وضمنت مفاهيم التنمية المستدامة ولو بشكل جزئي في مقررات اخرى.

نحن كلنا ثقة بأن هذه الورشة ستساعدنا في بلورة وتطوير وتبني المبادئ والمفاهيم التي تسهم في تشكيل شخصية المتعلم، المتفكر، المحصن بالمعرفة والقيم والسلوكيات التي تجعل منه مواطنا صالحا، منتجا، مسؤولا ومسائلا، ومساهما اساسيا في دفع مسارات التنمية في مجتمعنا”.

وتابعت: “امام موضوع التطرف نقف حائرين مذعورين كيف يتجسد دور التربية والتنشئة الاجتماعية في مقاومة التطرف او بالعكس دورهما في زرعه وترسيخه”.

وتحدثت عن “مفهوم التنشئة الاجتماعية وهو لا يؤمن له لانه يحمل كل التأويلات. هو مطية جذابة مطواعة تعتليها كل الايديولوجيات، تحمل البعض منها الى ارقى تجاذبات الفكر والسلوك وتأخذ البعض الاخر الى اخطر اشكال التعصب والتقوقع والتطرف ورفض الآخر.

وأوضحت ان “الهويات اللاغية، لا تتمثل فقط بالالغاء الجسدي، بل بالالغاء الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والحضاري والى ما هنالك من الغاءات”.

وأضافت: “علينا ان نحذر كثيرا منها لان هذه الهويات اللاغية قابعة في كل واحد منا فمنها الظاهر ومنها الخفي، ومنها المدرك ومنها غير المدرك، وهنا تكمن خطورتها ان التربية والتنشئة الاجتماعية في حاجة الى مراجعة مستمرة واعادة تحديد دائمة بسبب انطلاق مستويات الانتماء وعددها وتداخلها، وكأن هذين المفهومين في وضع اعادة تركيب مستمرة لا تثبت على حال.
هي ليست عملية عاطفية فحسب تقتصر على حب الوطن وانشاد الاناشيد الحماسية بل هي، الى جانب ذلك، عملية ارادية متفكرة هادفة شاملة ومستدامة”.

وقالت: “التحديات التي تواجه التربويين في مجال التنشة الاجتماعية ومقاومة التطرف كثيرة:

– هناك اولا التحديات الاكاديمية وهي كثيرة منها تغييب او اهمال او عدم ادراك اهداف التربية المواطنية في المواد الدراسية الاخرى او نقص في المنهج او ضعف في اعداد المعلم او نقص في الوسائل التعليمية.

– هناك ايضا التحديات الاجتماعية وهي تتلخص في مسؤولية التربية في اعادة استنساخ الاجيال من دون تطويرها.

– هناك ايضا التحديات الناجمة عن الممارسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تتنافى مع مفهوم المواطنية وممارساتها.

– هناك ايضا وضع المواد الاجتماعية في منظومة التعليم، وغالبا ما تكون مادة التربية المواطنية هي مادة الانفصام والهجرة عن الذات”.

شهاب
ثم عرضت ميسون شهاب من مكتب اليونيسكو الاقليمي في لبنان للمشروع، وقالت: “ان موضوع المواطنة العالمية هو من المواضيع التي تأخذ حيزا كبيرا من اهتمامات التربويين عالميا. فمنذ العام 2000 واليونيسكو كمنظمة من منظمات الامم المتحدة اوكلت اليها مهمة متابعة هذاالموضوع وعقدت لقاءات وورش عمل بمواكبة المكتب في بيروت بحيث اطلق، بدوره، ورش عمل عديدة نعمل على مناقشتها بالشراكة مع وزارة التربية وكلية التربية، وستلي هذه الندوة ورش عمل تناول الهدف الرابع من اهداف التنمية المستدامة والمفاهيم والمقاربات المتعلقة بالتعليم من اجل المواطنة العالمية ومنع التطرف العنيف عبر التعليم”.

يرق
ثم ألقى يرق كلمة الوزير حماده قال فيها: “كثيرة هي البرامج والأنشطة التي تركز على تعزيز المواطنة بين مكونات المجتمع الواحد والوطن الواحد، وعديدة هي المشاريع التي تشدد على ترسيخ احترام المواطنة العالمية، غير أن الواقع على الأرض يبدو مريرا وقاتما، إذ إن حادثة واحدة ضد مواطن من بلد آخر أو من لون آخر أو عرق آخر أو معتقد آخر، تحدث اهتزازا في الضمير العالمي.

وإذا كنا كتربويين مسؤولين عن آلاف المتعلمين نسعى إلى ترسيخ سلوكيات وتعميم فضائل وأخلاقيات في حياة الناشئة، فإن المسؤولية جسيمة جدا ولا تقع علينا وحدنا بل نتشاطرها مع الأهل ووسائل الإعلام ووسائط التواصل الإجتماعي”.

وأضاف: “إن هذا العنوان الكبير لهذه الندوة الوطنية التي ترتدي طابعا عالميا وتدخل ضمن إطار البرنامج الوطني لإعداد المعلمين، هو موضع إهتمام ومتابعة من معالي وزير التربية والتعليم العالي الأستاذ مروان حماده الذي كلفني تمثيله في هذه الندوة، وهو من من موقعه كسياسي ووزير يتابع التقارير التي تصلنا يوميا عن ممارسات التلامذة والمعلمين وتأثرهم بممارسات أبناء المحلة والحي والشارع، فإنه يقدر عاليا الجهود المبذولة في هذه الندوة ويوجه إلى المنظمين والمتحدثين والتربويين والخبراء تحية محبة، كما أنه ينتظر خلاصة هذه الندوة وتوصياتها لأخذها في الإعتبار في إعداد المعلمين والأساتذة وفي دورات تدريبهم”.

وتابع: “إن العصر الحالي المبني على أجهزة التواصل بالصوت والصورة والمعلومة، بات يستدعي منا مقاربات جديدة تتماشى مع هذا العصر وتتوجه إلى جيل الصغار والشباب بالوسيلة التي يعتمدونها، وبات أيضا من المهم جدا أن يتحول المعلمون والأساتذة والشخصيات الإجتماعية والثقافية والرياضية والفنية والقيادية على كل مستوى فكري وقطاعي إلى قدوة ونموذج يحتذى. فعلى الرغم من تزاحم المعلومات والأفكار الضاغطة على دماغ المتعلم، غير أن تأثير المعلم يبقى له حتى عصرنا هذا تأثير ملحوظ، وكم من واحد منا فيه أثر واضح من شخصية معلمه”.

وقال: “هناك دور كبير لكلية التربية من خلال تعديل مناهج دورات التدريب في خلال الخدمة التي تنفذها الوزارة بالتعاون مع المركز التربوي للبحوث والإنماء. واعتقد أن الخبراء والتربويين سيشرحون بالتفصيل مكامن القوة والضعف، والمهارات المطلوب تحقيقها في خلال دورة الإعداد”.

وأضاف: “العالم المتحضر الذي ينفق أموالا كبيرة على تطوير مقارباته في إعداد المعلمين وتدريبهم وتطوير المناهج وطرائق التدريس، يركز أكثر فأكثر على منظومة القيم وعلى احترام إنسانية الإنسان، وحرية الفكر والمعتقد والتعبير، كما أن التركيز ينصب على الأنشطة الرياضية والموسيقية والفنية والكشفية، وعلى إيجاد مجموعات من الأصدقاء يتحلقون حول قيم الحق والحرية والخير والجمال وخدمة المجتمع.

وسأل: “كم من الحوادث الدامية يشهدها يوميا شرقنا الحزين على خلفيات دينية وعقائدية بعيدة عن جوهر الأديان؟ وكم من الأبرياء يدفعون الثمن يوميا من حياتهم وأرزاقهم وتشريد عيالهم، ونحن في لبنان نعاني اكثر مما يمكن أن يحتمله أي اقتصاد عملاق نتيجة لأزمة النزوح وانعكاساتها على القطاع التربوي وعلى كل القطاعات الأخرى؟”.

وشكر “مكتب اليونيسكو الإقليمي وكلية التربية وجميع المهتمين”.

(وطنية)