مزارعو التفاح بين التعويض واللاتعويض

طاهر عزام

أنباء الشباب

بعد إنتظار دام لأكثر من ثمانية أشهر أسدل الستار عن ملف تعويضات مزارعي التفاح والذي أثار غضب وإستياء المزارعين طيلة الفترة وهم ينتظرون.

فبعد الخروج من أزمة إقرار التعويض عن الاضرار التي لحقت بهم لتعذر تصريف الانتاج، دخلوا في خضم ازمة جديدة عنوانها صرف التعويضات والتي ولو دفعت كاملةً لا تعوض خسائر المزارع.

فما كان من المزارعين إلا الدعوة للنزول إلى الشارع للتعبيرعن الغضب العارم والإستياء التام من الحكومة بسبب المماطلة في صرف التعويضات. وبعد كل الجهود والضغوطات، تنفس المزارع الصعداء مع موافقة وزير المالية صرف المبلغ المخصص للتعويضات بقيمة ٤٠ مليار ليرة بما يوازي ٥٠٠٠  ليرة عن كل صندوق.

ولكن المفاجأة كانت بصرف نصف هذا المبلغ للهيئة العلية للإغاثة وبدون مبرر، والتي بدورها باشرت بتوزيع التعويضات للمزارعين وفقاً للكشف الميداني الذي أجرته فرق المسح التابعة للجيش اللبناني. ومن المعروف أن نتائج المسح اظهرت نحو ١٠ ملايين وستمئة ألف صندوق تفاح على كافة الأراضي اللبنانية، أرقاماً فاقت إنتاج التفاح السنوي والذي قدر بنحو ٨ ملايين صندوق بزيادة تقارب نحو ٢٥ إلى ٣٠ بالمئة.

وبعدما تم الإتفاق على خفض قيمة التعويض ٢٥ بالمئة، أصبحت قيمة التعويضات ٣٧٥٠ ليرة عن كل صندوق تفاح، وبما أن وزارة المال اكتفت بتحويل نصف المبلغ (٢٠ مليار)، فذلك يعني أن المزارع سيتقاضى نصف الـ ٣٧٥٠ ليرة عن كل صندوق كدفعة أولى، أي نحو ١٨٥٠ ليرة عن صندوق التفاح.

ولكن كما جرت العادة، الواقع مغاير تماماً للأرقام والوعود، فالشيكات التي صرفت اظهرت غياب الشفافية التامة في التعاطي مع الملف وبروز العشوائية وعدم إعتماد معيار موحد لتوزيع التعويضات. فبعض المزارعين حصل على قيمة مساعدة تجاوزت ١٠٠٠ ليرة عن كل صندوق، ومنهم من حصل على ٧٥٠ ليرة ، والبعض الأخر حصل على أكثر من ١٠٠٠ ليرة، وقلة منهم حصلت على المبلغ كامل. والجدير بالذكر أن التوزيع إختلف أيضاً بين منطقة وأخرى، فمعدل التعويضات  في منطقة قارب ١٤٠٠ ليرة عن كل صندوق، وفي منطقةٍ أخرى لم يتعدى الـ ١٠٠٠ ليرة ، الأمر الذي طرح علامات إستفهام كبيرة حول الية التوزيع.

اسئلةٌ كثيرة تطرق ذهن المزارع تتعلق بالشفافية والمعايير المعتمدة في التوزيع. فلماذا لم يتم تسليم نسخة من كشوفات الجيش الميدانية توضح المبالغ الصحيحة المخصصة للمزارعين من قبل الهيئة العليا للإغاثة؟  علماً بأنه قام بعد المتنفعين والموظفين الاستغلاليين باقتناص الفرصة لتسجيل اسمائهم كمتضررين وهم لا يملكون أصلاً شجرة تفاح واحدة. ويبقى السؤال الأهم، لماذا لم يتم تحديد موعد تسليم الدفعة الثانية من المساعدات؟ أم أن الضبابية والكيدية باتت تسيطر عل معظم الملفات التي تهم المواطن اللبناني… وهل موضة التظاهرات أصبحت إلزامية مع كل ملف على إختلاف حجمه لضمان حقوق المواطن المهدورة؟ اسئلةٌ برسم المسؤولين..

ويبقى المواطن اللبناني يدفع فاتورة الفساد واللامسؤولية والكيدية بين المسؤولين على حساب لقمة عيشه وكرامته.

(أنباء الشباب، الأنباء)