في زمن الصفقات … “الانباء” تعيد نشر ما كتبه كمال جنبلاط: دولة ضمن الدولة!

في زمن السمسرات والصفقات التي تنخر الدولة مؤسسات وإدارات عامة، والتي قد تكون احدى فصولها صفقة الانترنت الجديدة التي تشغل الرأي العام اللبناني منذ اسابيع، تعيد جريدة “الانباء” الالكترونية نشر كلمة للمعلم الشهيد كمال جنبلاط في المجلس النيابي حول هذه الامر، وقد القاها في 6 كانون الأول سنة 1949، وجاء فيها:

بما أن البحث قد تشعب في قضية الامتيازات فلا بد لي من ملاحظة عليها. إن الامتياز بحد ذاته هو تنازل من الدولة عن سيادتها الاقتصادية في منطقة معينة. وقد ورد في الدستور ان على المجلس النيابي أن يمنح هذا الامتياز بعد الاطلاع على الشروط. إذا للمجلس الحق في منح الامتيازات لا الحكومة.

أما من جهة الأشخاص والشركات التي منحت الامتيازات. فهي في الواقع احتكار لمنافع معينة. رأيت من واجبي أن ألفت النظر إلى هذه النقطة، ولا يكفي أن نكون كلنا متفقين، بل المهم أن يعين جلسة خاصة لدرس كل هذه القضايا نظراً لأهمية الموضوع الذي تستتر وراءه شركات وغيرها هي في الواقع استعمار اقتصادي صحيح للبلاد.

لذلك أقترح أن يخصص جلسة تدرس فيها الامتيازات الممنوحة سابقاً لأن الشركات الاستثمارية في لبنان هي دولة ضمن دولة. ونكون قد استحصلنا على جميع المعلومات الفنية التي تمكنا من مناقشة هذا الموضوع.

وعلى المجلس أن يضع بصورة نهائية لا تقبل الجدل الأسس العملية التي يجب أن لا يعطى بدونها امتياز. وقد خبرت بنفسي أن تقدمت شركات ضخمة أقوى من إنكلترا بطلب امتيازات متسترة بأشخاص معينين فمنعت مثل هذه الامتيازات ويجب أن نضع حداً لهذه المسائل.

الشرط الأول في منح الامتياز هو أن لا يمنح امتياز لشخص أو شركة ما لم يكن للحكومة 51% من أسهمه. والشرط الثاني هو أن تكون في مجلس إدارة الشركة أكثرية الأعضاء بجانب الحكومة.

ففي فرنسا وأميركا وغيرها من البلدان الأجنبية مثل هذه المشاريع وهي تدر على الحكومة أرباحاً طائلة تدخل في صلب الميزانية. وأكبر مشروع في أوربا من هذا النوع هو مشروع “الرون” الذي تملك الحكومة منه 90% على الأقل يجب أن نخطوا خطوة تضمن استقلالنا الاقتصادي بأن يكون للحكومة 51% من أسهم الشركات ذوات الامتياز وبهذه الطريقة يمكن للحكومة بأن تقوم حق القيام بإدارة المشروع لأنه يكون فردياً وحكومياً بآن واحد، فإذا تهاونت الحكومة فلا يتهاون أصحاب الأسهم.

وهناك شروط خاصة تتعلق بإمتياز الكهرباء التي نص عليها تقرير شركة “جيب” وأطلب من الحكومة والمجلس أن يعينا جلسة خاصة لدرس هذه القضايا فنكون وضعنا دستوراً لهذه المسائل المهمة. إذ أن لبنان بلد صغير، فإذا تسلطت عليه هذه الشركات، تنهار اقتصادياته.

“الانباء”