معلومات يجب أن تعرفها عن الإنتحار

التطرّق إلى موضوع الإنتحار من الناحية النفسية ليس مهمةً سهلةً إن من ناحية التعريف أو الأسباب أو الوقاية أو الظروف … فالإنتحار بحدّ ذاته ليس مرضاً نفسياً أو عقلياً بل نتيجة لكثيرٍ من الإضطرابات (Diorders) كالإكتئاب الحاد وإضطرابات القلق والإضطراب ثنائي القطب (Bipolar) على سبيل المثال لا الحصر … وتعاطي المواد المخدّرة والذهان والصدمات.

إن الدخول في التفاصيل العلمية أو النظرية المتعلّقة بالإنتحار لن يقدم إضافةً حقيقيةً للمجتمع والأهل والمهتمين من غير أهل الإختصاص، والأجدى من ذلك هو الإضاءة على بعض النواحي العملية وتقديم بعض النصائح والمعلومات عن كيفية تفادي الإنتحار أو التقليل من نسب حدوثه أو كيفية التعاطي مع من لديهم أفكار إنتحارية أو مع الذين إصابتهم هذه الكارثة من أهل وأقارب وأصدقاء أو الإضاءة على الأسباب التي على المجتمع التعامل معها، فمن المؤكّد أن الإنتحار هو نتيجة، وأن المجتمع يجب أن يهتم بمشاكل كثيرة أخرى متفشّية – وتستطيع أن تكون مسبّبة للإنتحار – أكثر من الإنتحار بحد ذاته. من هذا المنطلق وبما أن أسئلة كثيرة تُطرح حول موضوع الإنتحار في هذه الفترة ونتيجة أحداث معروفة، فلنبدأ بالإجابة على بعض من هذه الأسئلة الهامة:

من هم الأكثر عرضة للإنتحار؟

المراهقون والشباب في عمر صغير وكبار السن. بالإضافة إلى:

•      كبار السن الذين يفقدون زوج أو زوجة (موت أو طلاق)

•      المتعرضون إلى محاولة إنتحار في السابق

•      المتعرضون إلى إعتداء معنوي أو جسدي أو جنسي

•      متعاطي المخدرات

•      المنتمون إلى عائلات يكثر فيها الإنتحار أو محاولات الإنتحار

•      من كان لديه صديق أو زميل منتحر

•      العازبون والعاطلون عن العمل

•      من يعانون من الألم لوقتٍ طويل، أو من مرض في مراحله النهائية

•      من هم عرضة للعنف

•      من خرج حديثاً من مصح عقلي

•      من هم في وظائف تفرض عليهم التعاطي مع أناس يواجهون الموت (صحة، شرطة …)

ما هي العلامات التي يمكن أن تدل على نيّة شخص ما على الإنتحار؟

•      حزن أو كآبة شديدين جداً لمدة طويلة، مع تقلّب كبير جداً في المزاج وغضب شديد

•      غياب الأمل بالمستقبل مع توقعات شبه معدومة أن الأمور ستتحسن

•      النوم لوقت طويل جداً أو مشاكل كبيرة في النوم

•      هدوء مفاجئ بعد فترة من الإكتئاب

•      الحديث عن الموت أو القتل أو الإنتقام، الحديث عن الضيق وفقدان الأمل، الحديث عن الألم النفسي غير المحتمل، الحديث عن رؤية النفس كعبء على الآخرين، الحديث عن عدم وجود أي غاية أو هدف من الحياة

•      إنسحاب مفاجئ وحاد مع إصرار على الوحدة والإبتعاد عن الأصدقاء والنشاطات الإجتماعية، هذا يشمل عدم الإهتمام بأنشطة كانت مهمّة قبل ومصدر فرح

•      تغيير كبير في الشخصية و/أو المظهر: الحديث أو السير بطريقة مختلفة وبسرعة غير إعتيادية أو بطئ غير إعتيادي. إهمال تدريجي للمظهر.

•      سلوك خطير أو فيه أذية للذات أو إسراف في تعاطي المخدرات أو شرب الكحول وكأن الشخص لا يجد أي قيمة لحياته

•      التعرّض إلى صدمة قوية أو كارثة حياتية: موت قريب، طلاق، نهاية علاقة عاطفية، خسارة عمل، مشاكل مادية كبيرة، تشخيص مرض مزمن أو قاتل

•      بعض السلوكيات التي تدل على التحضير للموت، زيارات للكثير من الأصدقاء والأقارب، التخلّي عن الممتلكات الشخصية الهامة، كتابة وصية، تنظيف البيت أو الغرفة بطريقة إستثنائية، شراء سلاح أو الإهتمام المفاجئ بموضوع الأسلحة وإقتنائها، شراء مواد سامة

•      تهديدات بالإنتحار: 50 إلى 70% ممن يحضرون للإنتحار يخبرون صديق أو قريب عن نيتهم. هذا لا يعني أن كل من يخبر يقوم بالإنتحار أو أن كل من ينتحر يخبر، ولكن في كل الحالات يجب أخد هذه الأخبار إذا ترافقت مع مؤشرات أخرى على محمل الجد والتعاطي معها بجديّة

ما يجب علينا فعله في حال وجود أي من هذه العلامات عند شخص قريب؟

•      إسألوه دون تردّد إذا كان في حالة إكتئاب

•      إسألوه دون تردّد إن كان ينوي الإنتحار

•      إسألوه إن كان يتناول أدوية معينة

•      إسألوا إن كان يزور طبيب أو معالج نفسي

•      لا تحدّثوه عن ماهية الإنتحار، بل أفضل من ذلك حاولوا أن تثبتوا له أن الظروف تتغير وأن الإكتئاب هو ظرفي وممكن علاجه

•      حاولوا معرفة المشكلة الحقيقة والمساعدة على حلّها، أو معرفة مجالات إهتمامه ومحاولة مساعدته على الرجوع إليها أو تحسين الظروف المتعلّقة بها

•      في الكثير من الأحيان هو يود أن يعلم أن هناك من يهتم وأن بإمكانه التحدث عن  مشاعره وأحاسيسه، فإستمعوا له وأظهروا له إهتمامكم بما يقول ويشعر

•      أظهروا التعاطف وليس الشفقة

•      لا تظهروا أنك صدمتم، هذا سيخفف ثقته بكم

•      إنصحوه بطلب المساعدة النفسية وزيارة طبيب نفسي أو معالج

كيف يجب أن تتصرفوا للحؤول دون وقوع محاولة إنتحار؟

•      لا تتركوا الشخص لوحده

•      لا تتحداه أبداً

•      لا تسأل لماذا، ليس هذا الوقت الصحيح لذلك

•      إطلبوا المساعدة إذا أمكن من صديق أو أحد أفراد العائلة

•      حاولوا أن تبعدوا أي سلاح قريب إضافةً إلى كل الآلات الحادة والأدوية وأي شيئ آخر ممكن أن يستعمله لإيذاء نفسه

•      إن كنتم تعلمون أنه يتابع علاج نفسي معين حاولوا أن تؤمِّنوا له إتصالاً مع الطبيب أو المعالج النفسي

•      حاولوا تهدئته قدر المستطاع

•      خذوه إلى أقرب طوارئ

•      إتصلوا بالخط الساخن إذا توفّر (في لبنان بعض الجمعيات تعمل على إطلاق خط ساخن قريباً)

 

ما هي عوامل الخطر المتّصلة بالإنتحار؟

•      الإكتئاب

•      الذهان وأمراض نفسية أخرى لن ندخل في تفاصيلها

•      تعاطي المخدرات

•      الأمراض المزمنة

•      ضغوطات وصعوبات الحياة: المشاكل إقتصادية والإجتماعية، البطالة، …

•      العنف

•      سهولة الوصول إلى السلاح

•      الإنتماء إلى عائلات يكثر فيها الإنتحار أو محاولات الإنتحار

•      بعض الفلسفات والمجموعات التي تشجع على الإنتحار الفردي والجماعي

•      السجون

بإختصار ليس بالإمكان القضاء على الإنتحار بالمطلق أو منع حدوثه، ولكن بالإمكان معرفة بعض الدلالات التي قد تنذر به من أجل العمل على تقليل فرصة حدوثه، كما أن تثقيف الذات حول عوارض الإكتئاب والأمراض النفسية الأخرى هو عنصر مساعد جداً.

يبقى الإكتئاب وتعاطي المخدرات من أهم أسباب الإنتحار، وكلاهما (عكس الإنتحار بذاته) من الممكن العمل عليهما على صعيد المجتمع والأهل.

فالعمل الحقيقي والأكثر فعاليةً هو قبل وصول المرء إلى مرحلة تدمير الذات: توعية المجتمع، توعية الأهل، توعية المراهقين، تشجيع العلاج النفسي، تحسين أساليب التربية، تحسين الظروف المعيشية هي الطرق الأفضل للتقليل من الإنتحار، بكلام آخر مساعدة كل من حولكم لحل مشاكلهم النفسية والتخفيف من مشاكلهم الحياتية إذا أمكن، ومن جهة أخرى توعية المجتمع وخاصة الأهل على التربية السليمة وعلى التدخل السليم لمنع أبنائهم من التوجه نحو الأفكار الإنتحارية هذا أفضل بأشواط من الوصول إلى مراحل متقدّمة واللعب على حافة الهاوية.

 

(*) الاخصائي في علم النفس ربيع الحوراني المصري – “الانباء”