مأتم حاشد للبروفسور الجاويش في جون بحضور تيمور جنبلاط وممثل بري

إقليم الخروب – أحمد منصور

تحول مأتم استقبال جثمان الرئيس السابق لاتحاد بلديات إقليم الخروب الجنوبي والرئيس السابق لبلدية جون، المناضل البروفسور الدكتور روجيه الجاويش، إلى عرس وطني بكل معنى الكلمة، حيث هبت جماهير واهالي بلدة جون بمختلف عائلاتها الروحية، المسيحية والإسلامية، واحزابها لملاقاة الصديق والاخ والحبيب، طبيب الفقراء، للمشاركة في رحلة وداعه الأخيرة، في بلدته التي أحبها واحبته حتى الرمق الأخير من حياته.

وأقيم لـ “أب الفقراء والمساكين”، كما وصفته النسوة اللواتي كن ينثرن الورود على الجثمان، من شرفات المنازل، إستقبالاً شعبياً حاشداً.

وأقام الأهالي قوساً للنصر عند مدخل البلدة الغربي مقابل تمثال الفنان الراحل نصري شمس الدين، حيث تجمع أهالي جون ومحبوه ليستقبلوا جثمانه عند قوس النصر، بعد أن أنزلوا النعش من سيارة الإسعاف وحمل على الأكف من قبل شباب جون، الذين تناوبوا على حمله وعيونهم تذرف الدموع، وهم يجوبون به شوارع جون وصولا حتى كنيسة السيدة للروم الكاثوليلك، حيث سجي الجثمان وأقيمت الصلاة.
وتقدمت مسيرة الوداع الأخير حملة الأكاليل من قبل تلامذة المدرسة والثانوية الرسميتين في جون، الذي أحبوا أن يشاركوا في رحلة الوداع الأخيرة لمن وقف إلى جانب مدرستهم على مدى سنوات طويلة. وقد سلك موكب الجثمان شوارع جون على وقع المفرقعات النارية التي أطلقت بكثافة في الأجواء.

وتقلبت عائلة الراحل التعازي في صالون الكنيسة، التي غصت بالمعزين، فيما رفعت الصور الكبيرة للراحل في معظم شوارع جون، بالإضافة إلى لافتات باسم الأحزاب التي أكدت على خسارة الجاويش برحيله وهو في مقتبل العمر.

وقد حضرت خصيصاً فرقة “موسيقى المتين” التي أنشدت لحن الحزن عند مدخل الكنيسة.

وحضر معزيا النائب ميشال موسى ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري، وفد كبير من الحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة تيمور جنبلاط ممثلا والده رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، وضم الوفد: النائبين علاء الدين ترو وإيلي عون، أمين السر العام في الحزب ظافر ناصر وأعضاء من مجلسي القيادة والمفوضين في الحزب، ووفد كبير من المشايخ الدروز برئاسة رئيس مؤسسة العرفان التوحيدية الشيخ علي زين الدين، المدير العام لوزارة المهجرين أحمد محمود، مستشار وزير التربية أنور ضو، وكيل داخلية الحزب التقدمي الاستراكي في إقليم الخروب الدكتور سليم السيد يرافقه وفد كبير من وكالة الداخلية ورؤساء بلديات ومخاتير، النائب جورج عدوان، بسام حلاوي ممثلا الوزير طلال أرسلان، الوزير طارق الخطيب، منير السيد ممثلا النائب نعمه طعمه، زياد يعقوب ممثلا النائب دوري شمعون، الوزيرين السابقين إلياس حنا وطوني كرم، راعي ابرشية صيدا ودير القمر لطائفة الروم الكاثوليك المطران إيلي بشارة الحداد، المطران بولس برغش، الرئيس العام للرهبانية المخلصية الأرشمندريت أنطوان ديب، رئيس دير المخلص الأرشمندريت نبيل واكيم، رئيس إتحاد بلديات الشوف الأعلى روجيه العشي، وفد من حزب الله برئأسة بلال داغر وامام مسجد جون الشيخ خضر عيد، القاضي عفيف شمس الدين، النقيب محمد عويدات ممثلا المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، رئيس اللقاء الوطني في إقليم الخروب عمر حبنجر وراهبات ورهبان وحشد من رؤساء البلديات والمخاتير في جزين وشرق صيدا والشوف وشخصيات وفاعليات وقضاة وضباط ووفود من مختلف المناطق.

وأقيمت الصلاة لراحة نفس الفقيد، وترأسها المطران الحداد وعاونه المطران برغش وديب ولفيف من الكهنة.

والقى الحداد كلمة رثاء بالراحل، وقال أن “الفقيد ولو غاب، فكالارز الشامخ يبقى معنا، وفي قلوبنا لانه في قلب الله”.

وعدد الحداد مزايا الرحال وخصاله الوطنية والاخلاقية والخدماتية والإنسانية والإجتماعية، وقال: “سنفتقدك أباً حنوناً وزوجاً أميناً ورجلا في دولة، وانسانا في مجتمع وركنا بين أقطاب، وطبيباً نظيفاً ومؤمناً قولا وفعلا، فأمثالك لا يموتون بل ينتقلون.”

كلمات

بعدها ألقى الوزير طارق الخطيب، قال فيها: “أخي روجيه، لم أعهدك ظالما فعلام اصبحت كذلك ترى؟ ما الذي أقصاك عنا؟ ألم يخطر في بالك أنك في هجرك صيرتنا ايتاما، هجرت دنيانا وعدت الى جنة السماء. يسبقك إلى هناك سجلات لك من المعروف دونتها يداك!”

وتابع: ” أخي روجيه كثيرون هم اليوم في حداد، أولئك الذين اعتادوا على نبل سجاياك في مواقعك كافة، كنت الإنسان الأنسان! لم تنظر إلى الآخر إلا بإعتباره أخا لك في الإنسانية. لم تعرف عيناك ظلام التعصب، بل كنت تزرع عينيك أملا في عيون الباحثين عن ضوء في هذا الزمن المر. نحن في بالغ الحزن لفقدك : جون وانا ودولي وجيرمي ومايو وفيليب وندى وجوزف وناصيف وادوار وفرناند وعلي وحسن والأسى يلف أصدقاؤك، وكل من عرفك، رفاق درب، أيها الرائد في درب الحق والخير والجمال.”

ثم ألقى رئيس إتحاد بلديات إقليم الخروب الجنوبي جورج مخول كلمة فأشار إلى “أن الإنسان لا يقاس بعدد السنوات التي يعيشها، بل بأعماله وسيرته خلال السنوات التي ارادها الرب لنا، وانت كنت سيد العطاء حتى الرمق الأخير”.

وأضاف: “نعم لقد أحببناك جميعا، لكن الرب أحبك أكثر منا فأرادك إلى جانبه، فصلي لنا لأنك قديس دون ان تطوب، ومرسل دون ان نعلم. يا صاحب القلب الكبير، الممتلئ بمحبة وطيبة وعلما وخيرا، فضاق صدرك بهذا القلب الكبير، فانفجر شعاعا ونورا ليضيئ لنا الطريق. لقد تشاورت مع زملائي في المجلس البلدي ومع احبائك، كيف نرد لك ذرة واحدة مما أعطيت، فلم نجد الا سبيلا واحدا، وهو أن نستمر على نهجك من محبة وتسامح وشرف ونظافة وتخطيك المفاهيم الضيقة والطائفية والمذهبية إلى عالم الانسانية الأكبر، لذلك اتفقنا باسم بلدية جون اننا سوف نسمي المجمع الثقافي والرياضي في منطقة البياض الذي انت من بدأ العمل به، وسوف نكمله بإذن الله، وسوف نطلق عليه اسم مجمع البروفسور روجيه الجاويش، تخليدا لذكراك ووفاء من محبيك، فأرقد بسلام، فأمثالك لا يموتون.”

من جهته، القى الدكتور محمد صالح كلمة باسم الصدقاء الراحل فقال: “نلتقي لنودع من احتضن جون وأهلها بقلبه وعقله ووجدانه، فإحتضنونه بقلوبهم وعقولهم وعيونهم لتخلد ذكراك دائما وأبدا. لقد قلت إن الله لم يرزقك بفتاة، فكانت جون هي ابنتك الحبيبة، كتبت “حسناء جون” وانت ترى بأن جون هي حسناؤك وانت اليوم عريسها.”


بدوره، ألقى نجل الفقيد جيريمي كلمة العائلة فقال: “كنت يا والدي رجلاً عظيماً تمثل لأولادك كلمة العطاء. كنت تقول لنا دائما أهم شيء بالحياة أن تعملوا من أجل أن تقدموا العطاء لغيركم، وعليكم أن تكونوا جديرين بالعطاء”.

أضاف: “كنت تمثل الجميع على الأرض، كنت كلمة الحب وعنوانا كبيرا للمحبة والتسامح”، مؤكداً “متابعة مسيرة ورسالة والده، رسلة الحب والعطاء والتعايش، فمن خلف ما مات.”

وشكر أهالي جون وإقليم الخروب وجميع المحبين والأصدقاء على هذه اللفتة والأخوة الكريمة.

وكانت كلمات لكل من طوني عيد وجورج الجاويش.

وتلت جمانة معلولي برقية تعزية من رئيس مجلس النواب نبيه بري وجاء فيها:

“لمناسبة وفاة فقيد العلم والمعرفة المناضل الطبيب المرحوم البروفسور روجيه الجاويش، نتقدم منكم بأسمى آيات العزاء، سائلين المولى عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته ويلهم ذويه ومحبيه جميل الصبر والسلوان.

كما تليت برقية مماثلة من رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع.

بعدها رفع الجثمان من الكنيسة ووري الثرى في مدافن البلدة.

أسرة تحرير جريدة “الأنباء” تتقدم من عائلة الفقيد وأهالي بلدة جون وإقليم الخروب بالتعازي الحارة.

(الأنباء)